كلما نظرت إلى حال "ماسبيرو" الآن فإننى أتذكر على الفور ريادة مصر الإعلامية التى تتعرض حالياً لانتكاسة، فى ظل ظهور العديد من المشكلات الإدارية والمالية مع تراكم الديون، وهو ما انعكس بشكل سلبى على ما يمتلكه ماسبيرو من كنوز فنية أصبحت مهددة بالضياع والتلف على الرغم من أنها تمثل تراث أمة لا مثيل له فى المنطقة العربية بالكامل .
وكلما أمعنت النظر فى تلك الأزمات المتفاقمة كان ينتابنى أيضاً شعور بأن هذا التراث الذى تكتظ به مكتبة ماسبيرو قد أصبح يعيش حالة يرثى لها بل إنه أصبح "على كف عفريت" فالأزمات تتزايد والمشكلات التقنية تتفاقم والحلول تبدو صعبة بل إنها فى كثير من الأحيان تكاد تكون مستحيلة فى ظل هذا الرقم المخيف من الديون التى فاقت المليارات، على الرغم من أن ماسبيرو كان ولايزال يمثل أحد أهم وأبرز العناصر التى ترتكز عليها ريادة مصر فى هذا المجال "الراديو والتليفزيون".
وكنت أتساءل بينى ويين نفسى كيف يستطيع (ماسبيرو).. هذه المؤسسة الإعلامية الرائدة أن يتعافى وكيف يصبح قادرا على مواكبة التطور الهائل الذى تشهده وسائل الإعلام فى ظل الثورة الرقمية على مستوى العالم.. وهل يمكن أن تعود الدماء لتتدفق مجدداً فى شرايين ماسبيرو بعد أن أصبح على هذا النحو الذى نراه عليه الآن والذى جعل الجميع على قناعة تامة بأنه يحتضر خاصة فيما يتعلق بالكنوز التى أصبحت فى أشد الحاجة إلى حماية وحفظ يعتمد على الأساليب العلمية الحديثة.
الأمر الذى جعلنى أشعر بارتياح شديد عقب الإعلان عن بروتوكل التعاون الذى وقعه حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام والمنتج تامر مرسى رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المالكة لمجموعة إعلام المصريين ومجموعة دى ميديا الإعلامية.. لأن هذا البروتوكول فى تقديرى الشخصى جاء فى الوقت المناسب بل أنه جاء ليمنح "قبلة الحياة" لهذا الكيان الذى كادت كنوزه تصاب بالتلف بسبب عدم توافر ميزانيات كافية تضمن حفظه وحمايته والاستفادة منه بالشكل الأمثل.
والشىء المهم الذى يدعو إلى التفاؤل فى هذا البروتوكول أننا من خلاله سوف نضمن حفظ وحماية التراث الإعلامى المصرى الذى لا مثيل له فى أى مكان ليس هذا وحسب بل إنه سوف يعود بالنفع على ماسبيرو بالكامل لأنه وكما جاء فى بيان الهيئة الوطنية للإعلام بهذا الشأن أن التعاون يتعلق بحق الانتفاع وليس البيع وهذا أمر فى منتهى الأهمية ويكشف زيف تلك المغالطات التى أثيرت مؤخرا حول هذا التعاون وما يشيعه أعداء الوطن بأنه تفريط فى تراث ماسبيرو.. فكيف يكون هذا الكلام ونحن أمام بروتوكول تعاون سيتم بمقتضاه حماية المحتوى الإبداعى المصرى .. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن هذا البروتوكول تم توقيعه وفقا للقواعد والقوانين المحددة فى هذا المجال والتى تحفظ للوطنية للإعلام حقوقها الكاملة سواء الفكرية أو المادية للمحتوى الذى من المقرر إتاحته عبر المنصة الرقمية الجديدة Watch iT بشكل حصرى وفق نظام حق الاستغلال وليس البيع، أما الشىء الذى يدعو للاطمئنان ويعد مكسباً كبيراً أن هذا المحتوى الذى كاد يندثر سيتم حفظه وحمايته وعرضه باستخدام التقنيات الحديثة التى تتناسب مع ما وصل اليه العالم فى طرق وأساليب عرض المحتوى الرقمى عالميا.
لذا فإننى أرى أن تلك الحملة التى يشنها بعض أصحاب المصالح ضد هذا البروتوكول مجرد فقاعات فى الهواء سرعان ما تختفى وتصبح هى والعدم سواء امام تلك المكتسبات التى سوف يجنيها ماسبيرو من وراء هذا التعاون لأننى على قناعة تامة بأنه لابد من أن يجارى ماسبيرو التكنولوجيا الحديثة بما يحافظ على حقوقه ماديا وأدبيا فهذا التراث الذى تكتظ به مكتبة ماسبيرو يحمل فى طياته أحاديث وحوارات الرموز الكبار وهو المحتوى الذى نشاهده على قناة "ماسبيرو زمان"، وبالطبع فإنه حينما يتم عرضه من خلال تلك المنصة الرقمية الجديدة سوف يكون بشكل أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ليس هذا وحسب بل إنه سيتم عرضه بجوده عالية تعيد لهذا المحتوى قيمته وأهميته الفنية والتاريخية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة