وكأن شهر رمضان المبارك لم يشأ أن ينتهى دون أن يمنحنا دفقة روحانية سرت وتدفقت فى شرايين الأمة العربية، فخلقت حالة خاصة جداً، استهدفت فى المقام الأول لم الشمل العربى والإسلامى.. هذا "الشمل" الذى شكل ملامحه ببراعة تامة الزعيم والقائد الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى وهبه الله للأمة العربية منقذاً وقائداً تدرك القوى العالمية قيمته ومدى تأثيره فى مجريات الاحداث ليس على مستوى المنطقة العربية وحسب، بل وعلى مستوى العالم أجمع فهو يحظى بتقدير دولى غير مسبوق لقائد وزعيم شاءت الأقدار أن يتحمل مسئولية الأشقاء العرب إلى جانب تحمله مسئولية شعوب القارة السمراء بعد ترأسه لمنظمة الاتحاد الأفريقى .
لقد جاءت قمم مكة الثلاث، الخليجية والعربية والإسلامية فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان بمكة المكرمة، وإلى جوار بيت الله الحرام، حيث الكعبة الشريفة، وذلك له دلالة فى منتهى الأهمية، بل يحمل رسالة قوية إلى العالم، بأن العالم الإسلامى متحد، وعلى قلب رجل واحد فقد التقى فيها قادة المنطقة من الملوك والرؤساء والأمراء من اجل احتواء الازمات والمشاكل الطارئة وحتى يحددوا مساراً جديداً لمستقبل المنطقة كما رسمت تلك القمم الثلاث خريطة متكاملة لما سيكون عليه تحرك الزعماء والقادة لمواجهة التحديات التى تواجه العالم العربى والإسلامى، وأيضاً من أجل تحقيق الأمن والسلم .
من تابع فعاليات تلك القمم الثلاث يدرك أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قد استطاع بذكائه الشديد وقدرته الفائقة على احتواء الأزمات واستشراف المستقبل، أن يقدم رؤية مصر للتعامل مع تلك التهديدات التى يواجهها الأمن القومى العربى، فضلاً عن الوسائل المهمة التى تضمنت كلامه، مشددا على أننا دعاة سلام، وأن أيدينا ستظل ممدودة لمن يتطلع نحو السلام العادل الذى يحقق طموحات المنطقة العربية.
والحق يقال فإن مشاركة الرئيس السيسى فى هذه القمم قد منحها قيمة مضافة فقد شارك فيها انطلاقاً من قناعته وادراكه لقيمة مصر التى ذكرها الله جل شأنه فى القرآن الكريم وجعل أهلها فى رباط الى يوم القيامة .. وهنا تتجلى اهمية وجود بلد كبير فى حجم ومكانة مصر فى تلك القمم الثلاث وهو ما نلمسه بوضوح فى تأكيد السيد الرئيس فى كلمته التاريخية على ان أمن الخليج والمنطقة العربية من امن مصر ومطالبته بضرورة وجود مقاربة استراتيجية لأزمات المنطقة بحيث تجمع بين الإجراءات السياسية والأمنية، مشدداً على أن ذلك يقتضى التعامل بالتوازى مع مصادر تهديد أمن المنطقة، وتأكيده على أن الاستقرار لن يتحقق دون الحل السلمى للقضية الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وكان الرئيس السيسى واضحاً وحازما وحاسماً بقوله أن الدول العربية لا يمكن أن تتسامح مع أى طرف إقليمى يهدد أراضى ومنشآت ومياه دول عربية شقيقة، أو أن يسعى لممارسة نفوذه بها من خلال ميليشيات طائفية تعمل لتحقيق مصالحه الضيقة وكذلك فإنه لا يمكن أن تقبل الدول العربية استمرار وجود قوات احتلال عسكرية لطرف إقليمى على أراضى دولتين عربيتين أو أن يدعم طرف إقليمى بالسلاح والعتاد سلطة ميليشيات ويغذى الإرهابيين على مرأى ومسمع من المجتمع الدولى كله.
وأجزم هنا أن حضور الرئيس السيسى فى القمة الإسلامية أمر فى غاية الأهمية، حيث عرض أمام الجميع سبل بلورة موقف موحد تجاه القضايا والأحداث الجارية فى العالم الإسلامى وفى مقدمتها مكافحة الفكر المتطرف والتصدى لنشر خطاب الكراهية والتمييز ضد المسلمين.
ولأن التدخلات الإيرانية فى شئون الدول العربية كانت محور اهتمام القادة العرب فقد اسفرت تلك القمم على تأكيد الجميع رفضهم وإدانتهم الاعتداءات الإرهابية على السفن فى المياه الإقليمية الإماراتية واستهداف محطتى ضخ نفط بالسعودية وتضامنهم وتكاتفهم فى وجه إيران كما حرصت دول العالمين العربى والإسلامى على الحفاظ على الاستقرار والأمن والسلام بالمنطقة.
خلاصة القول فإننى أرى أن القمم الثلاث استطاعت أن تعكس الواقع الذى تعيشه المنطقة بشكل غير مسبوق .. الأمر الذى جعلنا أمام بيانات ختامية اتسمت بالوضوح التام حيث حددت المسار الذى من شأنه أن يصب فى مستقبل المنطقة بالكامل وفى تقديرى الشخصى،فإن هذه القرارات المهمة التى صدرت عن تلك القمم سيكون لها مردود إيجابى فى المستقبل القريب على كافة الأصعدة الخليجية والعربية والاسلامية على حد سواء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة