يصلى اليوم السبت رهبان دير الأنبا مقار بوادى النطرون، قداس الذكرى الـ13 لوفاة القمص متى المسكين الأب الروحى للدير، والذى يعتبر رائد مدرسة التيار الآبائى المستنيرة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ولد الأب متى بإسم "يوسف إسكندر يوسف" يوم 20 سبتمبر عام 1919، من أسرة كبيرة عددًا، فقيرة معيشةً، والتحق بمدرسة شبين الكوم الثانوية عام 1935، ثم تخرج من كلية الصيدلة عام 1944، وعقب تعيَّن بالتكليف العسكري في المستشفيات الحكومية، ثم بعدها انخرط في العمل الحر، فقام بإدارة أجزخانة في الإسكندرية، ثم فتح أجزخانة في دمنهور، ونجح في عمله حتى عام 1948.
انطلق الأب متى المسكين إلى دير الأنبا صموئيل بصحراء القلمون فى مايو عام 1948، حيث اختاره لكونه الأفقر والأبعد عن العُمران، وقضى فى الدير 3 سنوات، حيث ترهّب فيه على يد القمص مينا الصموئيلي رئيس الدير.
ولقب بـ «المسكين»وقت انطلاقه إلى دير السريان للعلاج إثر مرض أصاب عينيه في مارس عام 1951، فرسمه أنبا ثاؤفيلس قسًا رغمًا عنه باسم "القس متى المسكين": "بسبب وجود راهب آخر في الدير باسم متى فاختار اسم القديس متى المسكين أحد قديسى الكنيسة القبطية فى القرن الثامن".
وخرج للتوحد في مغارة تبعد عن الدير 40 دقيقة مشيًا على الأقدام، وتقابل مع الأب المتوحد عبد المسيح الحبشي، وقضى في فترة التوحد ثلاثة سنوات، وفى عام 1954، دُعِيَ للذهاب إلى الإسكندرية ليخدم عقب ترقيته لدرجة "قمص" كوكيل للبطريركية للبطريرك الأنبا يوساب الثاني، فرفض مرتين وقبل في الثالثة، وفي الإسكندرية قام بتنظيم الخدمة وضبط المالية وطرق إجراء الخدمات الطقسية.
إثر خلافات حول أسلوبه وقراراته، حاول ترك الخدمة مرتين، ثم تمت إقالته وإعفاءه من وكالة البطريركية بواسطة البابا يوساب الثاني عام 1955، فعاد إلى المغارة بوادي النطرون وتكاثر حوله بعض الرهبان، حتى عاد معهم إلى دير الأنبا صموئيل وظلوا هناك ثلاثة سنوات.
وفي عام 1957 رشح للبطريركية ضمن مجموعة من الرهبان، ورفض ترشيحه بسبب شرط السن، وفي عام 1958 أنشأ القمص متى بيتًا للمكرسين من الشباب المتبتل الذين يرغبون في الخدمة، دون الرهبنة، وكان مقره المؤقت في حدائق القبة، ثم انتقل في أوائل عام 1959 إلى حلوان، وتوجه أبونا متى من دير الأنبا صموئيل في 27 يناير 1960عام مع 12 راهبًا إلى بيت التكريس في حلوان، وأقاموا فيه بصورة مؤقتة لحين صدور توجيهات البابا كيرلس السادس لاختيار الدير الذي يناسبهم، حتى صدر قرار بطردهم من القاهرة "حيث عزله البابا كيرلس السادس من الرهبنة والكهنوت لمدة 9 سنوات"، فتوجهوا إلى صحراء وادي الريان وحفروا مغائر عاشوا بها لمدة تسع سنوات، وكان بعض المعارف يرسلون لهم طعامًا كل شهرين على قوافل جِمال، وفي تلك الفترة أعلن الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان في جريدة الأهرام تجريد هؤلاء الرهبان من رتبهم وأسمائهم الرهبانية.
وعقب 6 سنوات، أرسل البابا كيرلس السادس خطابًا له يطلب منه إرسال ثلاثة رهبان لدير الأنبا صموئيل، فتم ذلك، وبعد 3 سنوات أخرى طلب البابا كيرلس لقاء مع القمص متى عام 1969 لإجراء المصالحة، وإعادته للرهبنة، يوم 9 مايو 1969، وتم إلحاقهم بدير القديس أنبا مقار، وذلك فى حضور الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس الدير.
بدأ الراهب متى فى مسئولية إعادة إعمار الدير، وإعادة تخطيطه، وإدارة شئون الدير والرهبان والعمال والزراعة والإنتاج الحيوانى في سنة 1971، ورشح مرة أخرى للبطريركية ضمن 9 من الآباء، ولكن ذلك لم يتم.
ورحل الأب متى المسكين فى مثل هذا اليوم من العام 2006 ودفن فى مغارة في صخرة ضمن الأسوار المحيطة بأرض الدير، كان قد اختار مكانها قبل رحيله بـ3 سنوات، حيث نشر رهبان الدير فى بعض الجرائد أنه ترك وصية بأن لا تصلي عليه أية قيادات كنسية، إنما يصلي عليه رهبان الدير فقط.
توفى القمص متى المسكين مخلفا ورائه مدرسة لاهوتية ورهبانية وكتابات تقترب من الـ2000 كتاب يداوم رهبان الدير على طبعها باستمرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة