الكذب على الأموات" أسهل الطرق إلى الفبركة، وتخليق الروايات التى لا سند لها، خاصة إذا كان الميت "المكذوب عليه" أحد المشاهير الذين يتمتعون بهالة من الاحترام وأحيانا التقديس، هذه هى العناصر التى انتقاها الإعلامى الإخوانى نور الدين عبد الحافظ الشهير بـ"خميس" لكى يبث كذبته الأخيرة، على الشيخ محمد متولى الشعراوى صاحب الشعبية الهائلة بين عموم الشعب المصرى، والملقب بـ"إمام الدعاة".
"خميس" ظهر فى برنامجه على قناة الإخوان من إسطنبول، يروى أن دعوة وجهت إلى الشيخ محمد متولى الشعراوى لحضور مؤتمر فى شرم الشيخ، وأنه بمجرد هبوط الطائرة سأل عن الفندق الذى سينزل فيه خلال إقامته بالمدينة، فاستنكر الرجل أن يقيم فى فندق وطلب الإقامة فى أى منزل، فقالوا له إن المدينة سياحية وكلها فنادق وسياح، فرفض أن ينزل من الطائرة وطلب العودة إلى القاهرة مرة أخرى، زاعمًا أن الإمام قال إننى لن أتنفس هواء هذه المدينة.
الرواية فى كثير من تفاصيلها تبدو غير منطقية ويرفضها العقل ،ولا يمكن أن تحدث مع طفل صغير وليس رجلاً بحجم وقيمة الإمام محمد متولى الشعراوى، فكيف يمكن أن نصدق أن الإمام الشعراوى قبل الدعوة وركب الطائرة واتجه إلى مدينة لا يعرفها ثم اكتشف فى النهاية أنها شرم الشيخ وأنها مدينة سياحية، فرفض أن يتنفس هواءها، بالإضافة إلى هذه التفاصيل الركيكة فإن الشاهد من هذه الرواية أن خميس وجماعته أرادوا أن يبعثوا رسالة ضد السياحة المصرية عبر تلفيق كذبة بطلها الشيخ الشعراوى، وهو فى ذمة الله ولن يستطيع الرد عليهم.
المفاجأة التى لم يجهد خميس نفسه فى البحث عنها هى أن الشيخ الشعراوى زار بالفعل شرم الشيخ، وأن زيارته للمدينة رافقه فيها شهودا، دونوا ذكرياتهم عنها بالتفصيل، مثلما فعل الإعلامى الكبير محمد الساعاتى وهو أحد المقربين من الشيخ الراحل، وأتاحت علاقتهما سويًا أن يرافقه فى هذه الزيارة، حيث كتب عنها فى يناير 2015 فى زاويته التى خصصها لكتابة ذكرياته مع الإمام الراحل، حيث تمت هذه الزيارة عقب تحرير سيناء مباشرة، ولم تكن طابا قد عادت إلى مصر بعد.
يقول الساعاتى: "عقب تحرير سيناء الحبيبة اشتاق الشيخ محمد متولى الشعراوى إلى زيارة سيناء.. لما تتمتع به من طبيعة خلابة.. وزيارة ما بها من أماكن دينية مقدسة وآثار مثل: سانت كاترين وقلعة صلاح الدين وجامع عمر فى دير سانت كاترين.. وبالفعل حدد فضيلته الموعد واصطحب معه العديد من محبيه منهم اللواء عطية الدسوقى عمر والحاج محمد الغايش والقبطان عماد البندارى والحاج أحمد أبو شقرة".
ويشير الساعاتى إلى أن الزيارة بدأت بالسويس ثم إلى رأس سدر ومنطقة حمام فرعون، ويضيف: "يتحرك الموكب بعدها متجهًا إلى مدينة شرم الشيخ.. حيث زار الشيخ الشعراوى منطقة محمية رأس سدر وشاهد الآثار الموجودة بها وشاهد المنطقة المسحورة وهى عبارة عن مياه من البحر فى باطن المحمية بعيدة عن البحر ليس لها اتصال بالبحر.. كما شاهد الشعراوى ورفاقه برج القرش وشاهد مركز الزلازل التى ضربت مصر فى الستينيات.. حيث كان هو مصدره على عهد الرئيس عبدالناصر".
وأضاف: "ويتوجه الشعراوى فى اليوم التالى إلى مدينة دهب وطابا وهناك قام بزيارة قلعة صلاح الدين التى تبعد 4 كيلو عن المدينة، حيث شاهد فضيلته الموقع الفريد للقلعة وقال سبحان الله لأنها تطل على ثلاث دول وهى السعودية والأردن "العقبة" وفلسطين بمسافة محددة".
يبقى أهم ما كتبه الساعاتى عن زيارة الشعراوى إلى سيناء وشرم الشيخ، هو الجزء الذى أشار فيه إلى أن الشعراوى دعا الله بعودة طابا إلى مصر عندما شاهد الاستثمار السياحى الذى أقامته إسرائيل فى المدينة، فاستجاب الله لدعوته وهو ما ينسف رواية خميس تمامًا، حيث قال: "بعد الانتهاء من زيارة القلعة توجه الشيخ الشعراوى إلى منطقة طابا.. حيث شاهد فضيلته موقعها الفريد على الحدود مع إسرائيل.. ورأى كيف استغل الإسرائيليون المنطقة سياحيًا وتمنى الشعراوى فى تلك اللحظة أن تعود طابا إلى الوطن وتوجه إلى ربه عز وجل بالدعاء أن يعيد هذه المنطقة إلى مصر فى أقرب وقت".