دروس مستفادة خرجت بها كرة القدم بعدما ودع المنتخب المغربى بطولة أمم أفريقيا 2019، عقب الهزيمة المفاجأة أمام بنين بركلات الترجيح فى أولى مباريات دور الـ16 للبطولة.
منتخبنا الوطنى على موعد مع مباراة مرتقبة أمام جنوب أفريقيا اليوم ضمن منافسات نفس الدور الذى ودع منه المغرب، ويتوجب على أجيرى ولاعبى الفراعنة الاستفادة من درس إقصاء أسود الأطلس القاسى وغير المتوقع فى ظل الفارق فى الإمكانيات والتاريخ وكل شىء.
كرة القدم.. ليس لها كبير ولا تعترف بفريق كبير وأخر صغير، كرة القدم تعطى من يستحق، فمن كان يتوقع قبل المباراة أن بنين ستهزم المغرب، لكنه حدث على أرض الواقع، ليه؟ لأن السناجب كانوا الأفضل ولعبوا برجولة وإصرار من بداية المباراة بدليل تقدمهم فى النتيجة قبل تعادل أسود الأطلس، الذين على ما يبدو تعاملوا مع المباراة بنظرة دنيوية للمنافس الصغير الذى نجح فى النهاية فى إقصائهم، هذا ما يتوجب معه أن يدرك أجيرى واللاعبون قيمة المنافس وعدم الاستهانة بالخصم أيًا كان مستواه وتاريخه.
ركلات الترجيح ليست لعبة يانصيب تعتمد على الحظ، وإنما تمثل جانبًا خططيًا هامًا فى فكر أى مدرب، لا يجوز أن نتعامل معها بالشكل الدارج والتفكير فيها بهذا المنطق المخالف لمفاهيم كرة القدم الحديثة.. ركلات الترجيح لها أساليب تدريب مختلفة ومتنوعة على المستوى الفنى والذهنى، وحذارى منها يا فراعنة بعد ما حكمت على المغاربة بالعودة إلى بلادهم.
إقصاء المغرب، ظهر واضحًا أن السبب الرئيسى فيه عدم تركيز لاعبيه بالشكل الكامل داخل الملعب، وهو الأمر الذى ترجم حرفيا فى ركلة الجزاء المهدرة فى الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة من جانب حكيم زياش الذى يعد أبرز نجوم الفريق، والذى يتضح تأثره بالضغوط الملقاة على عاتقه لقلة المستوى الذى قدمه فى البطولة منذ بدايتها.
نرى أن نفس الشىء يحدث فى صفوف المنتخب الوطنى، عندنا أيضًا يشعر اللاعبين بحمل كبير على عاتقهم من كثرة الانتقادات الجماهيرية التى يتعرضون لها، وجاءت تصريحات قائد الفراعنة أحمد المحمدى قبل مباراة جنوب أفريقيا ومطالبته بضرورة توفير الدعم الجماهيرى، مطالبًا الجماهير بالوقوف وراء المنتخب ودعم اللاعبين.. وهى نقطة غاية فى الأهمية يتطلب من أجيرى عالجها بشكل إيجابى على المستوى النفسى، حتى لا يكون هناك أعباء إضافية على اللاعبين.
هيرفى رينارد مدرب المغرب قال فى المؤتمر الصحفى عقب الهزيمة أمام بنين، أن زياش فى فترة الاستعداد للبطولة وصل لفورمة طيبة، لكنه تراجع فى مباريات دور المجموعات ومن بعدها لقاء بنين.. فهل من الممكن؟ أن يكون تمسك أجيرى ببعض اللاعبين فى التشكيلة الأساسية رغم هبوط مستواهم المتتالى مثل عبد الله السعيد ومحمد الننى، متطابق مع رؤية رينارد أنهم فى التجهيزات والتدريبات يقدمون مستوى جيد، ولهذا فهو يثق بهم، ومع ذلك فى المباريات يحدث العكس.. ولكن من المؤكد أن هذه الرؤية والفكر الذى تعامل به رينارد أسقطه بعدما تمسك بلاعب حكم عليه بنفسه أنه كان بعيدًا عن مستواه فى دور المجموعات لكنه اشركه بدور الـ16، لعل يكون هذا دافع للمدرب المكسيكى ألا يتمسك باللاعبين الذى لا يساهمون فى تقديم أى أداء يرجح كفة الفراعنة.
وهناك أمور أخرى فنية تحدث عنها المدرب الفرنسي، يراها من أسباب الهزيمة، وأغلبها من الممكن أن يواجهه الفراعنة أمام الأولاد اليوم، لذا فالحذر من مثل هذه الأشياء مطلوب دراسته بشدة.
مثلا رينارد، تحدث عن المشاكل التى تواجه المغرب عندما يلاقى منتخبات دفاعية وتملأ منطقة الوسط، ومن المتوقع أن يؤدى جنوب أفريقيا أمام مصر بنفس الطريقة، لذا يفترض أن يكون أجيرى جاهز بالحلول ليكون فى مأمن يتجنب مخاطر ذلك، خاصة أن هذا الشكل فى الأداء من المنافس يصعب معه خلق فرص للتسجيل.
كما تطرق لنقطة أخرى مهمة تتمحور حول كيفية التصرف فى ظروف المباراة المختلفة، والمرتبطة بطرد لاعب من منتخب بنين، لكنه شدد على عدم الاستفادة من النقص العددى.. فهل أجيرى جاهز لمثل هذا الموقف؟ وكيفية تغيير طريقة اللعب حال حدوث ذلك معه أو ضده.. هذا يحتم ضرورة تميز اللاعبين الموجودين فى الملعب بمرونة تكتيكية وإمكانية التحول من مركز إلى أخر أثناء سير المباراة.
أهمية البديل الجاهز فى أى وقت وتمكنه من سد فراغ أى لاعب أساسى.. رينادر قال إن بنعطية كان جاهزًا للعب قبل يومين لكنه تعرض لإصابة فى العنق.. وعوضه دا كوستا (هل تعلم ماذا فعل هذا الأخير) وقع فى خطأ بالتغطية جاء منه هدف تقدم بنين، وهناك بوطيب الذى لم يكن جاهزًا للعب وحل مكانه يوسف النصيرى (ماذا قدم؟!) لم يكن فى المباراة تمامًا وأهدر العديد من الأهداف على مدار المباراة وأضاع ركلة ترجيح.. إذن من المحتم على أجيرى أن يملك أوراقًا رابحة يمكنه الاستعانة بها لصنع الفارق حال الاحتياج إليهم حين غياب أى عنصر أساسى لأى سبب.