أثارت التفجيرات الانتحارية فى غزة حالة من الرعب والفزع بين أبناء الشعب الفلسطينى فى القطاع، وهو ما يشير إلى حاجة السلطات الفلسطينية لإيجاد حل لانتشار المتشددين ومواجهتهم بالفكر وليس بالملاحقات الأمنية التى تقوم بها حركة حماس داخل غزة.
انتشار الفكر المتشدد وسط أنصار السلفية الجهادية فى قطاع غزة يهدد بتفجر الوضع وتمدد المتطرفين إلى الدول المحيطة بالقطاع، وهو ما يحتاج لوضع رؤية واضحة ومحددة لمواجهة الأفكار المتطرفة التي انتشرت بين شباب القطاع بسبب الحصار والأوضاع الاقتصادية المزرية.
اتهامات وجهتها أصوات فلسطينية إلى حركة حماس وقياداتها لتأخرها فى مواجهة هذه الأفكار التى تهدد أمن واستقرار القطاع، وذلك بعد التفجيرين الانتحاريين اللذين وقعا في غزة مساء يوم الثلاثاء الماضي، وأدى لمقتل عدد من ضباط الأمن الفلسطينى التابعين لداخلية حماس.
المعلومات المتوفرة هو تبعية الانتحاريين إلى حركة الجهاد الإسلامي وهي الفصيل الأقوى بعد حركة حماس داخل قطاع غزة، وهو ما يضعنا أمام مشكلة العناصر التي تنضم لفصائل المقاومة وما هي الأسباب التي دفعتهم للالتحاق بها ؟ وما هي الآلية التي تضمن بها قيادة الفصائل الفلسطينية عدم انخراط عناصر في صفوف المتشددين والتكفيريين ؟
كان لي حديث مطول مع قيادي فلسطيني في حركة الجهاد الإسلامي حول الآلية التي يمكن من خلالها الوصول لحل ورؤية واضحة لمواجهة الفكر التكفيري داخل غزة، وخلال حديثنا اقترحت عليه فكرة إطلاق مبادرة لمساهمة المؤسسات الدينية في مصر ومنها الأزهر الشريف، وذلك للمشاركة في إطلاق حملة توعية فكرية للشباب الفلسطيني وتبادل الزيارات بين المؤسسات الدينية في مصر ونظيرتها في قطاع غزة.
الفكر التفكيري والمتشدد لم ينتشر بشكل كبير وسط أبناء قطاع غزة ولا يمكننا الجزم بوجود جماعات أو كيانات تكفيرية ومتشددة في غزة، إلا أن التفجيرات الانتحارية التي ضربت القطاع منذ يومين تفرض علينا التفكير من الآن في وضع إستراتيجية واضحة لمواجهة الأفكار التكفيرية، وذلك لعدة عوامل أبرزها ارتباط مصر بحدود مباشرة مع قطاع غزة وأي انتشار للفكر التكفيري سيؤثر على أمن واستقرار مصر.
شريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني ترفض الحديث عن انتشار الفكر التكفيري والمتشدد في غزة وترى أن القطاع لا يعاني من انتشار هذه الظاهرة، وهو هروب من الواقع والحقيقة المجردة أمام أعين الجمهور الفلسطيني المتابع والمراقب لما يجري في غزة، فالمواطن الفلسطيني البسيط لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الضغوطات الاقتصادية ومحاولات التجويع التي تمارسها واشنطن ضد الفلسطينيين، فضلا عن الحصار المفروض على سكان القطاع ما أدى لانتشار الفقر والمعاناة في صفوف أهالي غزة.
طرح المبادرات والأفكار ليس كافيا والأفضل التحرك بسرعة لوضع حد لانتشار هذه الظاهرة في قطاع غزة سواء بالدفع بعلماء مستنيرين وليسوا متشددين على رأس المؤسسات الدينية في القطاع، وعقد ورش عمل مشتركة مع المؤسسات الدينية في مصر لنشر الفكر الوسطي، ومحاربة أي شخص يحاول نشر الفكر التفكيري والمتشدد داخل القطاع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، والأهم هو تجفيف منابع تمويل أي أفراد أو كيانات صغيرة تنتهج الفكر المتطرف، لما يمثله هؤلاء الأفراد من تهديد على غزة ويمكن أن يورطوا الفصائل الفلسطينية في مواجهة مباشرة ومفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي.