أثار إعلان القضاة فى تونس البدء فى إضراب مفتوح مخاوف من أن تأثير ذلك على مسار الانتخابات الرئاسية التى تدخل جولتها الثانية قريبا، بعد أن أنهى الجولة الأولى الأحد الماضى بفوز قيس سعيد ونبيل القروى.
جاء الإضراب على خلفية اعتصام نفذته مجموعة من المحامين التابعين لهيئة الدفاع عن المعارضين اليساريين اللذين اغتيلا فى العام 2013 فى تونس وهما شكرى بلعيد ومحمد البراهمى.
وهناك قضايا أخرى تنتظر القضاة أبرزها موقف المرشح الرئاسى نبيل القروى الذى يقبع فى السجن بتهمة غسيل أموال، كما يأتى هذا الإضراب متزامناً مع نظر المحكمة الإدارية فى الطعون المقدمة من مرشحين خاسرين فى المرحلة الأولى من الانتخابات، ما قد يؤجل موعد جولة الإعادة لما بعد الآجال الدستورية، أى انتهاء فترة الرئيس المؤقت محمد الناصر يوم 25 من أكتوبر.
بلعيد والبراهمى
القضاء التونسى تنتظره عدة قضايا عالقة، أبرزها موقف المرشح الرئاسى نبيل القروى، بالإضافة إلى نظر المحكمة الإدارية فى طعون لمرشحين خاسرين، ما قد يؤجل موعد جولة الإعادة لما بعد الآجال الدستورية.
بلعيد والبراهمى
اندلعت أزمة القضاء التونسى بين فريق الدفاع فى قضية اغتيال المعارضين السياسيين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، وقضاة مكلفين فى النظر فى القضية، خاصة الجزء المتعلق باتهام الجهاز السرى لحركة "النهضة" بالتورط فى جريمتى الاغتيال.
محامو عائلات بلعيد والبراهمى انتقدوا القضاء، لما وصفوه بتأخره فى حسم القضية رغم تقديم وثائق دامغة، معربين عن تخوفهم من مزيد من العرقلة إذا حققت "النهضة" تقدما فى الاستحقاقات الانتخابية.
وهى الانتقادات التى رفضها القضاة، واعتبروها انتهاكات لهيبة المؤسسة القضائية معلنين البدء فى إضراب مفتوح.
ويأتى إضراب القضاة على خلفية ما اعتبروه إقدام عدد من المحامين المنتسبين إلى هيئة الدفاع فيما يعرف "بقضية الجهاز السرى" من اقتحام لمكتب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، والتهجم عليه بأبشع عبارات الشتم، صباح الخميس.
حركة النهضة
واعتبرت عائشة بن بلحسن نائب رئيس جمعية القضاة، ما أقدم عليه عدد من المحامين "غير مقبول واعتداء لفظى ومعنوى على وكيل الجمهورية".
واستنكرت بن بلحسن الاعتداء، وأوضحت أنه "أدخل إرباكا على سير العمل بالمحكمة وبعثر محتويات مكتب الوكيل".
وأفادت: "سيتم فتح تحقيق جدى وسريع من قبل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس فى كل الأحداث التى وقعت أمس بقصر العدالة ومحاسبة كل من تورّط فيها" على حد قولها.
وحذرت نائب رئيس جمعية القضاة من مغبة مما أسمته "توظيف القضايا المنظورة من وكالة الجمهورية بتونس من هيئة الدفاع خدمة لأغراض انتخابية مكشوفة".
جمعية القضاة التونسيين
ووفقا لبيان جمعية القضاة التونسيين، فإن الإضراب سيتواصل فى انتظار فتح تحقيق جدى من قبل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس، فى كل الأحداث التى وقعت الخميس بقصر العدالة، ومحاسبة المتورطين.
ونددت الجمعية بما قام به عدد من المحامين المنتسبين إلى هيئة الدفاع، فيما يعرف بقضية الجهاز السرى، من اقتحام لمكتب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بـ تونس، واحتلاله ورفض مغادرته والتهجّم على وكيل الجمهورية بأبشع عبارات الشتم، حسب نص البيان.
نبيل القروى
وأشارت الجمعية فى بيانها، إلى أن ذلك شكل اعتداء لفظيًا ومعنويًا سافرًا عليه، وتهديدًا لسلامته الجسدية، وتهشيم مكتبه وبعثرة محتوياته، مما اضطره إلى الاحتماء بمكتب نائب وكيل الجمهورية، وأدخل اضطرابًا على سير العمل بالمحكمة أدى إلى توقفه نهائيًا وإخلاء قصر العدالة، تحسبًا لأى تطورات خطيرة يمكن أن تؤدى إليها الأحداث، كل ذلك فى إطار المساس بوكالة الجمهورية وقضاة المحكمة وشل أعمالها جراء الاعتداءات.
وقد دخل أعضاء هيئة الدفاع فى قضية شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، فى اعتصام مفتوح بساحة المحكمة الابتدائية؛ احتجاجًا على تراخى القضاء فى حسم ملف الجهاز السرى لحركة النهضة الإسلامية.
كانت هيئة الدفاع قد كشفت، فى أكتوبر الماضى، عن تورط ما يسمى بـ الجهاز السرى لحركة النهضة الإسلامية باغتيال بلعيد والبراهمى، واختراق أجهزة الدولة، وأنشطة تجسس لصالح جهات أجنبية، والتستر على معلومات تتعلق باغتيال بلعيد والبراهمى فى 2013.
وبعدما تأخر حسم القضية، أطلق أعضاء الهيئة حملة تطالب بوضع حدٍ لها سواء بحفظها أو إحالتها للتحقيق، رافضين التعاطى السلبى مع الوثائق المقدمة فى الملف.
الداخلية ترد
وزارة الداخلية التونسية أوضحت من جهتها "أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية تونس قد طلب صباح الخميس الماضى تدخل الوحدات الأمنية لإخلاء مكتبه، مفيدا أن حوالى 20 محاميا من أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيد شكرى بلعيد تولوا اقتحامه وذلك على خلفية مطالب تتعلق بقضايا محل نظر من طرف السلطة القضائية".
وتابعت الوزارة أن "الإجراءات تمت تبعا للتعليمات القضائية فى تطبيق للقوانين الجارى العمل بها وتحت إمرة النيابة العمومية".
الناطق الرسمى باسم المحكمة الابتدائية بتونس سفيان السليطى وصف الاعتداء الذى طال مقر المحكمة ومكتب وكيل الجمهورية والإضرار بمحتوياته بأنه "يهدد الأمن القومى".
وصرح السليطى لوكالة الأنباء الرسمية التونسية "وكيل الجمهورية يمثل النيابة العمومية للقطب القضائى لمكافحة الإرهاب، وهو ما يعنى أن مكتبه يتضمن ملفات على درجة من السرية والخطورة".
ودعا السليطى إلى "النأى بالقضاء عن الحسابات الانتخابية والتجاذبات السياسية لبعض الأفراد وإعلاء المصلحة الوطنية العليا خاصة فى هذا الظرف الدقيق الذى تمر به البلاد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة