يبدو أن بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، يفقد رهاناته واحدا وراء الآخر، ويقترب من أزمة ربما تطيح به، وتلحقه بسابقيه رئيسى الوزراء ديفيد كاميرون وتريزا ماى، اللذين أصابتهما «لعنة بريكست».
وبعد أقل من أسبوع على قرار بوريس جونسون بتعطيل عمل البرلمان حتى منتصف أكتوبر القادم، واجه رئيس الوزراء صدمات متعددة داخل البرلمان أفقدته الكثير من الثقة التى كان يمتلكها، ودفعته للتهديد بالذهاب إلى انتخابات مبكرة.
رفض البرلمان مغادرة الاتحاد الأوروبى من دون اتفاق، وسعت الأغلبية لإقرار تشريع يجبر جونسون على طلب تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على عكس تصريحاته التى أكد فيها أنه سيغادر الاتحاد فى الموعد المقرر ولو من دون اتفاق، وفى حال إقراره يكون جونسون فقد واحدة من أهم الأوراق التى تولى على أساسها رئاسة الوزراء.
صوتت أغلبية مجلس العموم أولا على مشروع قانون يمنح أعضاء مجلس العموم التحكم فى جدول أعمال المجلس، وسيطر من خلاله المعارضون على جدول الأعمال، الأمر الذى دفع الحزب لفصل النواب الـ21 الذين صوتوا لصالح المعارضة، وساهموا فى هزيمة رئيس الوزراء، واعتبر جونسون موقفهم مساندة لزعيم حزب العمال المعارض جيريمى كوربين.
وبناء على تشريع السيطرة طرح المعارضون تشريعا يمنع من الخروج من دون اتفاق، ويجبر جونسون على طلب تأجيل الخروج لـ31 يناير 2020، وفى هذه الحالة يكون بوريس جونسون خسر وعده بالخروج فى 31 أكتوبر القادم، ويعطى منافسيه من المعارضة وحزب العمال فرصة للتقدم وإفشال خططه.
جونسون حذر المشرعين بأنه قد يجبر على الدعوة لإجراء انتخابات فى حال قاموا بإعاقة «بريكست«، واعتبر التصويت لصالح التأجيل يجعل موقف المملكة المتحدة بلا أرجل.
ويسعى جونسون لمعاودة التفاوض على اتفاق الانسحاب الذى توصلت إليه سلفه تيريزا ماى مع الاتحاد الأوروبى لكى يتسنى لبريطانيا الخروج باتفاق، وخاطب جونسون النواب المحافظين الذين صوتوا مع المعارضة: هل ستقفون إلى جانب جيريمى كوربين والذين يريدون إلغاء الاستفتاء، هل ستأخذون صفا ممن يريدون إلغاء الحكم الديمقراطى للشعب، وتهون بالبلاد إلى أتون الفوضى؟ لكن جيرمى كوربين، زعيم العمال، اعتبر الخروج من دون اتفاق هو الذى يقود إلى الفوضى، ويقود لخسائر اقتصادية هائلة.
حزب العمال المعارض أكد أنه يؤيد إجراء انتخابات عامة فى أسرع وقت ممكن، معطيا الأولوية لضمان منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى دون اتفاق، وقالت شامى تشاكرابارتى، مسؤولة السياسات القانونية فى العمال لـ «بى.بى.سى»: «يجب أن نحصل على ضمان بعدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى فترة الحملة الانتخابية.
خسارة المحافظين لم تتوقف على تصويت 21 نائبا مع المعارضة، لكن بفقدان الأغلبية بعد انشقاق أحد أعضاء المحافظين وانضمامه إلى الليبراليين الديمقراطيين، فقد انشق النائب فيليب لى، عن الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين، وانضم للكتلة البرلمانية لحزب الديمقراطيين الأحرار، مؤكدا رفضه لسياسة جونسون، وكان «لى» يشغل منصب وزير العدل فى حكومة تريزا ماى، واستقال لأنه أحد الرافضين لمغادرة الاتحاد الأوروبى.
فقدان جونسون للأغلبية الحسابية فى البرلمان لا تعنى أنه سيضطر للاستقالة فورا، لكنه تجعل من فرص المحافظين أقل مما كانت قبل أسابيع وتدعم موقف حزب العمال فى أى انتخابات قادمة.
ويبقى الانقسام قائما داخل بريطانيا، منذ التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبى فى يونيو 2016، وتواصلت المظاهرات المؤيدة والمعارضة للخروج أمام البرلمان، فى أكبر أزمة تواجهها بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة