محمد أحمد طنطاوى

حملات تنظيم الأسرة الناجحة.. فرج الكامل وكريمة مختار

الخميس، 23 يناير 2020 11:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نتحدث دائما وننادى بأن الزيادة السكانية أصل المشكلات فى مصر، وإذا لم يتم السيطرة عليها، فلن نرى أملا فى تنمية أو مجتمع يسير بصورة أفضل، إلا أن المواجهة العملية لهذه الظاهرة تائهة بين عدد من الجهات فى الدولة، واقتصرت بشكل خاص على مجموعة من التصريحات لمسئولين، والكثير من الندوات واللقاءات المحلية الصغيرة، دون أن يكون لها تأثير جماهيرى أو توعوى على المجتمع بصورة عامة، فتحول الأمر إلى "مكلمة" تنقصها الخبرة العلمية والعملية، يصدرها المتخصصون وغيرهم دون دراية أو تأصيل علمى.

إن ما قدمته الحملة القومية لتنظيم الأسرة فى الفترة من 1987 – 1991، التى كانت أيقونتها الفنانة الكبيرة كريمة مختار، وأعد نموذجها العلمى وأشرف على تنفيذها وإعدادها الدكتور فرج الكامل، أحد أهم علماء الإعلام والاتصال فى مصر، والأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، صاحب النموذج العلمى الشهير "المعرفة والتغيير الاجتماعي"، وقد كان لهذه الحملة أصداء غير تقليدية على استخدام البسطاء فى القرى والريف لوسائل منع الحمل، ودخول هذه الثقافة إلى مجتمعات الصعيد وبحرى والمناطق النائية والمهمشة، بفضل هذه الكوكبة المصرية المخلصة، التى قدمت عطاء حقيقيا لقضية السكان وتنظيم الأسرة فى مصر.

معظم حملات تنظيم الأسرة التى أعقبت نموذج "فرج الكامل" لم تؤت ثمارها ولم تحقق المرجو منها، بعدما غلب عليها طابع التقليد وغاب عنها الابتكار والإبداع ومواكبة العصر، بل زاد الأمر سوءًا فى المراحل الراهنة، فقد تحولت المكاتب والبرامج المعنية بتنظيم الأسرة ومواجهة الزيادة السكانية إلى مجرد مجموعة "موظفين"، لا يقدمون جديدا ولا يسعون لتغيير حقيقى فى هذا الملف الحيوى، الذى لم نحسن التعامل معه حتى الآن، بل إن المكاتب الأممية، على رأسها صندوق الأمم المتحدة للسكان، تحول إلى مجرد مجموعة أنشطة ترفيهية وسباقات للدراجات وزيارات غير مخططة للمحافظات، فى ظل غياب تفاعل واضح مع الجماهير المستهدفة.

المجلس القومى للسكان كذلك لم يقدم لقضية تنظيم الأسرة سوى تصريحات وكلمات وندوات ولا يوجد جهد حقيقى على الأرض أو حملة واحدة منظمة تضاهى ما قدمه فرج الكامل وكريمة مختار قبل أكثر من 30 عاما مضت، وكأن الإبداع تجمد، والقدرة على ابتكار نماذج غير تقليدية بدعم من المتخصصين والخبراء أمر مستحيل، بل أكثر من ذلك الحملة التى أعلنتها وزارة التضامن " 2 كفاية " لم تحقق أهدافها نظرا لعدم استمرارية العرض، بالإضافة إلى أن الشخصيات الدرامية التى شاركت فى الإعلان، التى غلب عليها الأداء الفكاهي، الأمر الذى تضيع معه الرسالة الإعلامية، والهدف الأساسى من الحملة.

نحتاج إلى رؤية حقيقية لمعالجة قضية تنظيم الأسرة والزيادة السكانية، تعتمد على معايير علمية واضحة ورسالة محددة، غير محاطة بالكثير من مصادر الصخب والتشويش، حتى لا تفقد أهدافها بعبارات وتصريحات غير مدروسة، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دور الأجهزة والوزارات المعنية بهذه القضية، ونغير ثقافة المكاتب والجهات المانحة التى لم تعد تقدم حلولا عملية لقضية السكان وتنظيم الأسرة فى مصر، خاصة أن القضية فى غاية الأهمية والخطورة ومرتبطة بأبعاد تنموية كبيرة، لذلك يجب أن تكون التصريحات التى نطلقها تتناسب فعليا مع حجم الجهد والإنجاز المبذول فى هذه القضية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة