رغم عدم وجود موقف موحد واضح لبلدان المغرب العربى (تونس، الجزائر، المغرب) بخصوص الأوضاع فى ليبيا، لكن مما لا شك فيه أن وضعيتها الجغرافية بالنسبة لليبيا تضع تلك البلدان فى دائرة الضوء إزاء الموقف من الغزو التركى للجارة العربية، فلا يمكن لهذه البلدان تجاهل القضية الليبية، خاصة أن زيادة التوتر فى ليبيا يهدّد أمن هذه البلدان القومى، وسياساتها الخارجية التى تتأثر بعوامل إقليمية متعددة، قد تكون حجرة عثرة أمام مطامح أردوغان.
ويرى كثيرون، أن تونس والجزائر سيكون لهما دور حاسم فى حل الأزمة الليبية، لكن بعيدا عن التدخل التركى، الذى سيزيد من تعقيد الوضع، خاصة مع إرسال تركيا مقاتلين من سوريا ومرتزقة إلى ليبيا.
وتعد جلسة مجلس الامن الوطنى التى سارع الرئيس الجزائرى الجديد عبد المجيد تبون بعقدها فور توليه الرئاسة، مخصصا إياها لبحث واتخاذ تدابير لحماية الحدود الشرقية، خاصة المشتركة مع ليبيا، أكبر دليل على اهتمامها بالأزمة الليبية، ناهيك عن موقف تونس ـ التى تكتسب أهمية تضاف لوضعيتها الجغرافية كونها تصبح عضوا غير دائم بمجلس الأمن بداية من يناير الجارى ـ الذى جاء بمثابة صفعة على وجه أردوغان الذى راح يروج أكاذيب تحالف تونس معه بشأن التدخلات فى ليبيا، كما أعلنت تونس زيادة تأمين الحدود مع ليبيا وبدأت الاستعداد لموجة نزوح من الأراضى الليبية.
صفعة تونسية لأردوغان
عبرت تونس بشكل واضح عن موقفها حينما رفضت ادعاءات اردوغان حول وجود تحالف تونسى تركى فيما يتعلق بغزو ليبيا، مما دفع الرئيس التونسى قيس سعيد قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، للقول إن تونس لن تقبل بأن تكون طرفا فى أى تحالفات وترفض الزج بها فى أى مخططات .
وكان الرئيس التونسى قيس سعيد، قد كشف أن بلاده لن تقبل أبدا بأن تكون عضوا فى أى تحالف أو اصطفاف على وجه الاطلاق ولن تقبل استغلال أى شبر من أراضيها إلا تحت السيادة الوطنية، وذلك ردًا على ادعاءات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ورغبته لدفع تونس للانزلاق فى أزمات ليبيا، وزعم مسئولون أتراك وليبيون انضمام تونس الخضرا لتحالف تركيا- ليبيا.
وقال سعيد، "إن الادعاءات الزائفة التى عقبت زيارة الرئيس التركى إما انها تنبع عن سوء فهم وتقدير أو انها تنبع من نفس المصادر التى دأبت على الافتراء والتشويه"، مضيفا: إن كان صدر موقف غير هذا من تونس أو خارج هذا الوطن فهو لا يلزم الا من صرح به.
وأكد سعيد أن تونس وكل التونسيين والتونسيات حريصون على سيادة وطنهم وعلى حرية قرار الدولة التونسية وهو أمر لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات أو نقاش ولا توجد أي نية للدخول في أى تحالف"، وقال إن "ما ورد على لسان وزير داخلية حكومة الوفاق لا يعكس الحقيقة، ولم ننضم لأي تحالف "، مشيرة إلى "حيادها" من الوضع فى ليبيا، وقالت الرئاسة التونسية، الخميس: موقفنا محايد فى ليبيا ولم ننضم لأى تحالف.
وأضافت الرئاسة التونسية، أن تصريحات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لا تعكس فحوى اجتماعه مع الرئيس قيس سعيد، مشيرة إلى أن الدعم المتفق عليه فى ليبيا لا يكون بدعم طرف على حساب الآخر، داعية فى الوقت ذاته إلى تغليب الحل السلمى فى ليبيا وحقن الدماء.
الجزائر تدعو للحوار
من جانبها أكدت الجزائر على لسان وزير خارجيتها صبرى بوقادوم إنها لا تقبل بوجود أى قوة أجنبية مهما كانت على أراضيها، كما أن عقيدة الجيش الجزائرى واضحة فى رفض المشاركة العسكرية خارج الحدود، وأضاف بوقادوم أن لغة المدفعية ليست هى الحل وإنما الحل يمكن فى التشاور بين كافة الليبيين وبمساعدة جميع الجيران وبالأخص الجزائر". وكشف بوقادوم أن الجزائر "ستقوم فى الايام القليلة القادمة بالعديد من المبادرات فى اتجاه الحل السلمى للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط".
وقال وزير الخارجية الجزائرى صبرى بوقادوم، الخميس، إن بلاده ستقوم بمبادرات حوار بين الأطراف الليبية، على أن تتم مبادرات الحوار تلك داخل الجزائر، وفق سكاى نيوز.
ونفت وسائل إعلام جزائرية ما نشرته وزارة الدفاع التركية، الأحد الماضى، من إرسال فرقاطة تركية إلى أحد الموانئ الجزائرية بذريعة تقديم الدعم المرتبط بعمليات حلف الناتو البحرية.
ويحاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بكل السبل توريط دول عربية، لا سيما من شمال أفريقيا، فى التدخل عسكريا فى ليبيا، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل.
ويأتى هذا التطور بعد أيام من زيارة أردوغان المفاجئة إلى تونس، الجارة الغربية لليبيا، والتى حظيت باستنكار شعبى واسع ورفض سياسى للدخول فى أى حلف بشأن الأزمة فى ليبيا.
المغرب
من جانبها أعربت الحكومة المغربية عن استعداد الرباط لبذل أى مجهود لحل الأزمة فى ليبيا، وصرح الناطق باسم الحكومة الحسن عبيابة، بأن "المغرب بذل مجهودا مع الأشقاء الليبيين لحل مشكلتهم حسبما ذكرت شبكة روسيا اليوم، وهم يعتبرون اتفاق الصخيرات اتفاقا مرجعيا"، وأضاف أن الرباط تحترم السيادة الليبية، وتحترم كل المجهودات التى بذلت من أجل تطبيق اتفاق الصخيرات، الذى يعد اتفاقا تاريخيا، وقال: "مستعدون لبذل أى مجهود لحل مشكل دولة تنتمى للمغرب العربي".
وبحسب مراقبون مغربيون فيعد المغرب من أكثر البلدان العربية تحفظاً فى الشأن الليبى، وتدرك الرباط مدى تعقد الملف الليبى وبالتالى فالوضع لا يحتمل أى مخاطرة.