تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الأربعاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، أن حالة النقاش العام في الولايات المتحدة لا تليق بدولة عظمى يُعتقد على نطاق واسع أنها الديمقراطية الأكثر اكتمالا في عالمنا. أمور صغيرة تشغل المساحة الأكبر في المجال العام، وتطغى على قضايا كبيرة. وهذه حالة سابقة على تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة في يناير 2017.
مينا العريبى
مينا العريبى: هل تنجو الولايات المتحدة من فوضى انتخابات الرئاسة؟
قالت الكاتبة فى مقالها بصحيفة الشرق الأوسط، إن الولايات المتحدة تدخل مرحلة غير مسبوقة، إذ بات من المرجح أن يرفض كل من المرشحين للرئاسة الأمريكية الإقرار بالهزيمة في حال خسر الانتخابات التي من المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر المقبل. وكان الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب قد صرح مراراً بأن هناك "مؤامرة" ضد فوزه بولاية ثانية للرئاسة، تشمل احتمال التزوير في الانتخابات الأمريكية. والمثير أن هذا السيناريو أصبح مطروحاً أيضاً من قبل المرشح الديمقراطي جو بايدن، الذي بات مناصروه يتحدثون عن مخاطر محتملة من التزوير في الانتخابات، من خلال تلاعب يشمل "قمع الناخبين" أو عدم فرز جميع الأصوات التي يدلى بها عن بُعد.
وتزداد عملية الاقتراع الأمريكية تعقيداً مع زيادة عدد الناخبين الذين يفضلون التصويت عبر البريد وإدخال التكنولوجيا في عد الأصوات في بعض الولايات، بالإضافة إلى التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية لعزل أصوات بعض الناخبين. هذه العملية ليست جديدة في الولايات المتحدة، إذ تم اتباعها منذ عقود للحد من أصوات الأقليات، وخاصة الأمريكيين من أصول أفريقية، ولكن عملية "قمع الناخبين" من خلال تعطيل قدرتهم على التصويت، وإدخال تعقيدات على عملية التصويت باتت أكثر وضوحاً هذه السنة.
من الطبيعي أن تحتدم المنافسة بين المرشحين للرئاسة قبل أسابيع من إجراء الانتخابات كل أربع سنوات، ولكن الأمر المختلف هذه المرة هو إدخال فرضية رفض أحد المرشحين نتيجة الانتخابات والتشكيك في العملية. والنظام السياسي الأمريكي يعتمد على المرشح الخاسر أن يعلن قبوله أو قبولها مثل ما حصل مع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بالخسارة بعد الإعلان عن غالبية نتائج الانتخابات، ومن ثم يخرج الفائز بالرئاسة للإعلان عن الفوز. ولكن في حال رفض المرشح الخاسر اتباع هذا العرف، وهو عرف وليس قانوناً، سيكون من الصعب الإعلان عن فوز مرشح بالرئاسة. وبينما اعتاد العالم على الإعلان عن نتيجة الانتخابات بعد ساعات من غلق أبواب مراكز الاقتراع، تزداد احتمالات تأخير الإعلان عن النتيجة النهائية لبضعة أيام – قد تصبح أسابيع - للانتهاء من فرز جميع الأصوات عبر البريد والتعامل مع الطعون المتوقعة في عدد من الدوائر الانتخابية.
علي قباجه: ملايين أفقرتهم "كورونا"
أكد الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، أنه لم تقتصر ضحايا فيروس "كورونا" على الوفيات فقط التي تجاوزت حسب ما هو معلن المليون في العالم؛ بل إن آثاره امتدت لتشمل عشرات ملايين المتأثرين اقتصادياً، الذين واجهوا حتى اليوم أو سيواجهون في الشهور المقبلة فقراً مدقعاً لا يستطيعون معه إيجاد قوت يومهم، أو حتى البقاء بمساكنهم في أمان؛ لعجزهم عن سداد قروض شراء عقاراتهم، أو الإيجارات؛ إذ أشار تقرير صادم للبنك الدولي إلى أنه بحلول عام 2021، قد يرتفع أعداد من يقعون في فخ الفقر إلى 150 مليوناً، بعدما دفع الفيروس في 2020، نحو 115 مليون شخص إلى هذه الفئة؛ حيث ارتفع معدل الفقر المدقع هذا العام، والذي يُعرّف بأنه العيش على أقل من 1.90 دولار في اليوم، لنسب مخيفة لأول مرة منذ أكثر من عقدين.
قبل بداية الجائحة، كان من المتوقع أن ينخفض معدل الفقر إلى 7.9 % هذا العام؛ لكن قد يتأثر الآن ما بين 9.1% و9.4% من سكان العالم؛ بسبب الجائحة، فآثارها المدمرة قد تخلّف قتلى يزيد عددهم على من توفي؛ من جرّاء الفيروس ذاته، فإحصاءات كثيرة تشير إلى موت الملايين جوعاً، وخصوصاً بإفريقيا قبل ظهور الفيروس؛ لكن الأرقام ستزداد حتماً؛ بعد الهزة الاقتصادية التي ألمت بالبشرية مؤخراً.
وحيد عبد المجيد
وحيد عبدالمجيد: أبعد من مرض ترامب وشفائه
أوضح الكاتب في مقاله بصحيفة الاتحاد الإماراتية، أن حالة النقاش العام في الولايات المتحدة لا تليق بدولة عظمى يُعتقد على نطاق واسع أنها الديمقراطية الأكثر اكتمالا في عالمنا. أمور صغيرة تشغل المساحة الأكبر في المجال العام، وتطغى على قضايا كبيرة. وهذه حالة سابقة على تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة في يناير 2017. فليست طريقته في الحوار، إذن، هي سبب هذه الحالة، بل ربما تكون إحدى النتائج المترتبة عليها. ولا يصح، بالتالي، تحميل ترامب المسؤولية عن هذه الحالة التي تعود بالأساس إلى جمود ينتاب المؤسسات السياسية الأمريكية منذ عقدين على الأقل. ومن بين عوامل عدة تسببت في هذه الحالة، يبدو أن الاسترخاء الذي اقترن بشعور عام بالاطمئنان عقب الانتصار الذي حققته الولايات المتحدة وحلفاؤها في الحرب الباردة الدولية، ومن ثم تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، كان العامل الأساسي وراء جمود سياسي ستكون عواقبه وخيمة ما لم يوضع حد له.
ويؤدي هذا الجمود عادةً إلى ضعف في أداء مؤسسات الدولة والمجتمع، وتراجع في مستوى النخب السياسية، وتصل تداعياته إلى منابر الحوار العام وفي مقدمتها وسائل الإعلام. وهذا يفسر تركز الجدل حول إصابة ترامب بعدوى فيروس كورونا، وشفائه السريع منه، على أمور صغيرة مثل ارتداء قناع الوجه الواقي من عدمه، وأخرى مهمة ولكنها تُناقش بطريقة لا تُفيد في استخلاص نتائج موضوعية بشأن سياسة الإدارة الحالية في مواجهة أزمة تفشي هذا الفيروس.
وربما لا يكون مستغرباً، في ظل هذه الحالة، أن يتضاءل الاهتمام بمعالجة نقص دستوري خطير كشفه مرض ترامب وتتطلب معالجة هذا النقص إجراءَ تعديل سيكون الثامن والعشرين في الدستور الأمريكي. فقد تبين عدم وجود نص في هذا الدستور يُحدد كيفية التصرف في حالة تدهور صحة أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية، أو وفاته، قبل أيام أو أسابيع قليلة على موعد إجرائها، بعد أن يكون كل من الحزبين الرئيسين اختار مرشحه لمنصب الرئيس.