يوم 26 أكتوبر عام 1954 حاولت جماعة الإخوان، اغتيال جمال عبد الناصر، وهذه الواقعة معروفة للجميع باسم "حادثة المنشية" وباءت بالفشل الذريع، بعدها بقرابة 11 عاما أي عام 65 أسس سيد قطب مٌنظر الإخوان لتنفيذ نفس الهدف، ألا وهو اغتيال جمال عبد الناصر وصناع القرار المصرى ومن ثم السيطرة على السلطة، جماعة الإخوان «تنظيم 1965» بزعامة سيد قطب كانت تنتظر عودة جمال عبد الناصر لاغتياله حيث توجه إلى جدة يوم 21 أغسطس 1965، للتوصل إلى حل للأزمة اليمنية مع العاهل السعودى الملك فيصل، وذلك ضمن عمليات إرهابية أخرى وضعها التنظيم، وكشفها «على عشماوى»، أحد مؤسسيه، وآخر قادة «التنظيم الخاص» للجماعة فى مذكراته "التاريخ السرى لجماعة الإخوان".
يروى «عشماوى» قصة «تنظيم 1965» كاملة، ودور سيد قطب فيه، وتتفق روايته إلى حد كبير مع رواية «قطب» فى وثيقته «لماذا أعدمونى؟»، ويذكر فيها،أن مجموعة من الشباب زاروه بعد خروجه من السجن بعفو صحى عام 1964، حيث كان يقضى عقوبته فى محاولة اغتيال الإخوان لعبدالناصر عام 1954، والشباب هم، عبدالفتاح إسماعيل، على عشماوى، أحمد عبدالمجيد وآخرون.. يضيف: «علمت منهم بعد لقاءات أنهم يكونون بالفعل تنظيما يرجع تاريخ العمل فيه إلى حوالى أربع سنوات أو أكثر، وظلوا يبحثون عن قيادة لهم من الكبار المجربين فى الجماعة، ويريدون أن أتولى أنا هذا بعد خروجى، ذلك أنهم بعد أن قرأوا كتاباتى وسمعوا أحاديثى معهم قد تحولت أفكارهم وتوسعت رؤيتهم إلى حد كبير».. يؤكد «قطب» أنه بعد تفكير ومناقشات قبل المهمة، وبدأ التنظيم فى وضع خططه.
يكشف «عشماوى»: «حضرت اجتماعا للقيادة، وكان خاصا بترتيب خطة المواجهة مع الحكومة، وتتلخص فى اغتيال الشخصيات المؤثرة فى دولاب الحكم، وتخريب منشآت».. يذكر عشماوى: «لم يكن من الأمور المحسوبة عندنا، ماذا سيحدث بعد أن ينهار الحكم؟ ومن الذى سوف يثب إلى الدولة فيحكمها».. يؤكد: «من الشخصيات التى كانت عرضة للاغتيال، الرئيس جمال عبد الناصر، والمشير عبدالحكيم عامر، وزكريا محيى الدين».. أما تدمير المشروعات فيشمل «مبنى الإذاعة والتليفزيون، ومحطات الكهرباء لإحداث إظلام يمكن أن يفيد التحرك، وهدم القناطر الخيرية".
يؤكد عشماوى: «طلب منا أن نؤجل البت النهائى حتى نلتقى بالأستاذ سيد قطب، ونعرض عليه الخطة التنفيذية».. وفى اللقاء اعترض قطب على اغتيال شخصيات أخرى غير عبدالناصر، مثل المشير عامر لأنه «لا حول له ولا قوة»، لكنه فاجأهم بالقول: «الشخصية المؤثرة والخطيرة فى البلد- بعد عبد الناصر، هى شخصية على صبرى، وأن على صبرى- كما قال- هو رجل الأمريكان فى مصر».. يعلق عشماوى: «كان هذا رأيا غريبا، إذ إننا كنا جميعا نعرف أن على صبرى ذو ميول يسارية، وأنه قريب جدا من روسيا".
يضيف عشماوي: «بدأ الأستاذ سيد قطب يعطينا أفكارا جديدة عن المخططات الأمريكية، وقال إن على صبرى معد من المخابرات الأمريكية»..يؤكد: «اعترضت أنا على نسف القناطر، وقلت: إن مثل هذا العمل لن يفيد أحدا إلا القوى الصهيونية التى تقول إنها تنفذ مخططاتها لتخريب الدول العربية، وأننا بهذا نقوم بالتخريب نيابة عنهم، ولذلك استبعدوا القناطر، لكنهم أصروا على تدمير باقى المنشآت مثل محطات الكهرباء ومبنى الإذاعة".
يكشف «عشماوى» دور زينب الغزالى فى هذا المخطط، قائلا: «جاءتنى رسالة أن أذهب إلى مقابلة الحاجة زينب الغزالى فى بيتها، وذهبت..فقالت: «الأخت حميدة قطب تريد أن تراك، وبالفعل قابلتها، وأخبرتنى برسالة من أخيها الأستاذ سيد قطب مفادها أنه يطلب منا وقف تنفيذ أى عمل، وقال بالحرف الواحد: لا نريد زوبعة فى فنجان،إذا كنتم قادرين على تنفيذ عمل ضخم يهز أركان البلد فافعلوا، وإن لم تكونوا على مقدرة بذلك فألغوا جميع الأوامر والخطط المتفق عليها، وهذا خير لنا جميعا، وقلت لها: كيف نفعل ذلك، وبدأت الاعتقالات؟ وقال لنا الأستاذ سيد قطب من قبل، إنه لا ينبغى أن تمر الاعتقالات بسلام، وينبغى الرد عليها، ثم نفاجأ فى هذه اللحظة بإلغاء الأوامر المتفق عليها.. قالت: إنه يرى أن الاعتقالات خير من المواجهة الضعيفة، فقلت لها: "سوف أتدبر الأمر، وتركتها، ونادتنى الحاجة زينب، وأنا أهم بالخروج وقالت لى: لابد من تنفيذ العمليات، وأن الأستاذ المرشد باركها ولابد من قتل عبد الناصر".
"سيد قطب هو منظر العنف والاغتيالات الأول فهو من قام بتكفير الخصوم السياسيين وسماهم الطواغيت الذين ينازعون الله حقه في التشريع والحكم" بهذه الكلمات وصف هشام النجار الباحث في شئون حركات التيارات الإسلامي سيد قطب، مضيفا :" وأوجد قطب باختراعه مصطلحات الحاكمية والجاهلية والطواغيت والعزلة الشعورية ثم بتطبيقه العملي وترجمته لتلك المصطلحات لواقع على الأرض من خلال قيادته لتنظيم 65م أوجد قطب السياق التنظيري والنطاق العملي للعمل الانقلابي والحركية السرية المسلحة لتنفيذ عمليات العنف والاغتيالات السياسية المبنية على تكفير الخصم واستباحة سفك دمه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة