سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 نوفمبر 1977.. وزير خارجية سوريا يسأل عن مغزى إشارة الرئيس السادات للذهاب إلى القدس.. ونظيره المصرى «إسماعيل فهمى» يكرر نفيه القاطع للزيارة

الخميس، 12 نوفمبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 نوفمبر 1977.. وزير خارجية سوريا يسأل عن مغزى إشارة الرئيس السادات للذهاب إلى القدس.. ونظيره المصرى «إسماعيل فهمى» يكرر نفيه القاطع للزيارة عبدالحليم خدام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توجه عبدالحليم خدام، وزير خارجية سوريا، بسؤال إلى محمود رياض أمين عام جامعة الدول العربية، عن مغزى إشارة الرئيس السادات إلى إمكانية زيارته للقدس، فأجابه «رياض» إنها مجرد عبارة عابرة.. يتذكر «رياض» فى مذكراته «البحث عن السلام.. والصراع فى الشرق الأوسط»: «أجبته بأنها مجرد عبارة عابرة، وقلت متسائلا: هل تتخيل حقا أن هذا يمكن حدوثه؟».. يؤكد «رياض»: «ظل الشك يراود خدام حتى انضم إلينا إسماعيل فهمى وزير خارجية مصر، الذى أصر على أن كلمات السادات كانت مجرد تأكيد على رغبة مصر فى السلام، ولا تحمل إطلاقا معنى استعداده للذهاب إلى القدس، وعندما انضم إلينا آخرون من وزراء الخارجية، كرر فهمى نفيه القاطع للزيارة».  
 
كان ذلك قبل بدء اجتماعات وزراء الخارجية العرب فى تونس لحضور اجتماعات مجلسهم الوزارى المقرر يوم 12 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1977، وكان بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس السادات مفاجأته أمام اجتماع مجلس الشعب «البرلمان» يوم 9 نوفمبر 1977، بالاستعداد للسفر إلى إسرائيل وإلقاء خطاب فى الكنيست، وألقت هذه المفاجأة  بظلالها على الاجتماع لكن لم يتوقع أحد أن تتحول إلى حقيقة.
 
يؤكد «فهمى»، فى مذكراته «التفاوض من أجل السلام فى الشرق الأوسط»، أن الاجتماع شارك فيه ولأول مرة واحد وعشرون من اثنين وعشرين من وزراء الخارجية العرب.. وأن الحديث كثر فى دهاليز المؤتمر حول نوايا السادات، وأشيع أنه لا شك ذاهب إلى القدس، لكن فهمى نفى كل ذلك، مؤكدا أن مصر ملتزمة بأن السلام إن لم يكن شاملا، وإذا لم يتحقق ذلك فإنها سترفض عودة سيناء حتى لو قدمتها إسرائيل على طبق من الذهب.. يؤكد: «أصررت على هذا الموقف طوال اجتماعات تونس». 
 
ويكشف فهمى، عن المفاوضات التى دارت فى الكواليس والجلسات العامة، وخلافاته مع عبدالحليم خدام، وخلافات خدام مع وزير خارجية العراق سعدون حماد، مؤكدا أنه تم عقد اجتماع غير رسمى فى جناح وزير الخارجية الكويتية الشيخ الصباح، وكان «خدام» هو أول المتحدثين، وكان آخرهم فهمى الذى اقترح أن يجتمع وزراء الدفاع لدراسة الوضع الحربى مع إسرائيل، ووزراء الاقتصاد والمالية العرب لتجنيد مواردنا المالية لخدمة الاستراتيجية الحربية العربية، كما اقترح عقد قمة عربية بعد ثلاثة أشهر للتصديق على توصيات وزراء الخارجية، لكن خدام اعترض على موعد الثلاثة أشهر، مصمما على أن تكون بعد عشرين يوما فقط، وهدد بالعودة إلى دمشق قائلا، إن طائرته ما زالت مستعدة فى مطار تونس، ويذكر فهمى أنه رد على خدام مداعبا: «أفضل شىء لك يا عبدالحليم أن تركب الطائرة فعلا، وتعود إلى وطنك»، وضحك الجميع، وأضاف فهمى: «أكره أن يتركنا صديقى عبدالحليم، وتوصيتى له بعد أن نفترق، أن يهرع لينام نوما هادئا ويقابلنى الساعة السادسة والنصف فى الاجتماع الرسمى».
 
افتتحت الجلسة بكلمة ألقاها رئيس وزراء تونس، وترأس الاجتماع حبيب الشطبى وزير خارجية تونس، وألقى «رياض» خطابا، ثم أعلن «الشطبى» فتح باب المناقشة، وتساءل عما إذا كان هناك من يريد الكلام؟، وحسب فهمى: «لم يجد الشطبى تجاوبا وساد الاجتماع سكون تام، وكان هذا شىء جديد، وبعد مرور دقائق اتجهت الأنظار إلى عبدالحليم خدام لكن دون جدوى، وصار الجو غير عادى، فأعاد «الشطبى» سؤاله، لكن لم يطلب أحد الكلام، ويؤكد فهمى: «قاطعت السكون بدعابة قائلا: «جرت العادة، إذا لم يكن خدام أول المتحدثين، فلن يتحدث أى شخص آخر، ولن تكون على ذلك أى حيوية فى اجتماعاتنا».
 
انتهى الاجتماع بقرارات مهمة أبرزها وفقا لرياض: «الالتزام بوحدة العمل العربى، وإسقاط محاولات العدو الإسرائيلى التى تستهدف تجزئة الصراع، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية».. يكشف «فهمى» أن السادات طلبه مرتين أثناء الاجتماعات، وسأله فى الاتصال الأول عن جو الاجتماع والقرارات التى يحتمل أن يتخذها، وموعد عودته، أما فى الاتصال الثانى فيقول فيه عن السادات: «كان مضطربا وعصبيا، وتكلم عن مناحم بيجين «رئيس وزراء إسرائيل» بهلوسة ولغة شديدة، وكانت ثورته متجهة نحو الكلام الذى خاطب به بيجين المصريين يوم «11 نوفمبر»، ردا على استعداد السادات للذهاب إلى القدس، وحاول بيجين إقناع المصريين بأنه راغب فى السلام لكن بشروطه هو، كإعلانه صراحة أن «جوديا وسامرا» أو الضفة الغربية هى أرض إسرائيلية.
 
طلب السادات من فهمى إعداد رد قوى على هذا الادعاء، ففعل فهمى مسرورا، وظهر فى الصحف المصرية على أنه مذاع من وزارة الإعلام.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة