أكد البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن الكنيسة المصرية كنيسة وطنية تنتمى إلى كتاب الحضارة المصرية، مشيرا إلى أن كتاب الحضارة المصرية به 3 محاور هامة الأول هو الوطنية والثانى هو الكنيسة القبطية والثالث هو العمل المجتمعى.
جاء ذلك خلال لقاء بعنوان "خدمة المجتمع"، الذى ينظمه نادى روتارى فاروس بالإسكندرية برئاسة جاكلين ولسن، وتحت رعاية أسامة الأحمر محافظ المنطقة الروتارية 2451، اليوم الجمعة.
وأوضح البابا تواضروس، أن المحور الأول يشير إلى انتمائنا جميعا إلى أرض مصر، والطبيعة الجغرافية لمصر طبيعة متفردة فى موقعها الجغرافى فهى على شكل شبه مربع يعيش معظم سكانها حول ضفاف نهر النيل، موضحا تأثير نهر النيل على شخصية الإنسان المصرى، حيث استمدت الطبيعة المصرية من نهر النيل الهدوء بعيدا عن العنف، قائلا: "العنف يأتى من خارج مصر والطبيعة المصرية لا تعرف العنف"، كما لأن نهر النيل جعل شعب مصر يعيش على تقارب واضح، فالكل واحد نعيش جنبا إلى جنب مما نتج عنه وحدة وطنية طبيعية، مؤكدا أن أثمن ما يملكه المصريون هو الوطنية، مضيفا: أن مصر كما ذكرها الدكتور جمال حمدان أستاذ الجغرافية فى كتابة موسوعة شخصية مصر، أن شعب مصر لم ينقسم عبر تاريخه، كما قال: إن مصر فلتة الطبيعة أى أن أبوه التاريخ وأمه الجغرافيا.
وأشار إلى أن الصفحة القبطية فى كتاب الحضارة المصرية، تعود إلى الاسم القديم لكلمة والتى أشتق منها كلمة قبطى أى مصرى والكنيسة المصرية واحدة من أقدم كنائس العالم تأسيسا أسسها القديس مارمرقس والذى كان مسقط رأسه ليبيا، وقد استشهد فى مصر بالقرن الأول الميلادى فصارت الإسكندرية أول مدينة تنال الإيمان المسيحى ولذلك يسمى البطريرك على اسمها بالرغم من أن المقر بالقاهرة، مشيرا إلى أن اللغة المصرية حاليا بها العديد من المفردات اللغة الفرعونية مثل "فلافل" "كخ" "هيلا هوب" والتى استخدمها الفراعنة خلال بناء الأهرامات .
وأضاف البابا تواضروس: "أن الكنيسة المصرية كنيسة وطنية روحية خالصة، ونشأت بها الرهبنة وكان أول راهب بالعالم هو القديس انطونيوس من مصر، فمصر هى من أهدت الرهبنة للعالم كله، مؤكدا أن للرهبنة أيضا دور اجتماعى، وكان كثير من الرهبان لهم إسهامات علمية، مؤكدا أن الكنيسة المصرية مؤسسة شعبية مصرية لها دور روحى ومجتمعى وبعيدا عن السياسة، لافتا إلى أن الكنيسة المصرية أول من علمت العالم علم اللاهوت وأطلقته إلى العالم .
وتابع أن الكنيسة المصرية تسمى أيضا كنيسة الشهداء فهى كنيسة قدمت العديد من الشهداء بالعالم مثل شهداء ليبيا وهى كنيسة قبطية منتشرة حيث هناك أقباط فى 100 دولة بالعالم منهم 60 دولة بها كنائس.
واستطرد البابا: أن الصفحة الثالثة هى العمل المجتمعى، وهو له صور عديدة من حيث الاحتياج الجسدى والنفسى والعقلى والروحى، ولكن يسيطر عليها الاحتياج إلى الحب والذى يعتبر مفتاح قلب الإنسان والعمل المجتمعى ينجح عندما يشعر المتلقى بالحب .
وشدد على ضرورة تقديم الخدمة إلى فئة الشباب، ومصر بها نحو 60% من سكانها للشباب، لافتا إلى انتشار العنف والإرهاب بالعالم جاء نتيجة نقص الحب.
وحول تغول وسائل التكنولوجيا، قال البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن "السوشيال ميديا" سلاح ذو حدين مثل "السكين" يمكن استخدامه بشكل صحيح أو خاطئ، مشددا على ضرورة توجيه برامج توعية للشباب حول الاستغلال الأمثل للوقت، مضيفا: أن السوشيال ميديا فى حالة الاستخدام الخاطئ قد تدمر مجتمعات، وأنه يجب أن يتم توعية الشباب أن السوشيال ميديا لا تجعل الإنسان يدخل السماء"، مؤكدا أن لكل إنسان عطية واحدة من الله يوميا 24 ساعة ولكن الفيصل هو كيفية استغلال هذا الوقت، فكل شخص يحتاج إلى استخدام الأجهزة التكنولوجية الحديثة فى حياته اليومية، ولكن يجب استخدامها بحكمة وعدم الإفراط فيها، مع توعية الشباب بتنمية هوايات أخرى مثل الرياضة.
وحول أزمة حرق الكنائس أيام جماعة الإخوان الإرهابية، قال البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إنه كان موقفا صعبا فى حياته، حيث كان فى بداية خدمته وتنصيبه كبطريرك، مضيفا: كنت فى بداية تسلمى المنصب منذ 7 أشهر فقط وليس لدى خبرة وفوجئت بالبلاغات لحرق الكنائس ولكننى كنت على يقين أن أخوتنا المسلمين الذين تربينا معهم ليسوا هم من قاموا بذلك.
وتابع البابا تواضروس: "حاولت التهدئة بين الطرفين بكل محبة خاصة كنت أحاول ألا يقوم أى شخص مسيحى بعمل أحمق فى وقت نسعى فيه لسلام وأمن مصر فى المرتبة الأولى، فأمن وأمان مصر فى المقدمة ولن يعوض، واستطعت احتواء الأمر".
وأضاف: "كنت فى ذلك الوقت قد قابلت أسرة سورية بألمانيا كانت لديهم معاناة كبيرة :"مش لاقين المعلقة اللى ياخدو بها الدواء "ولذلك قلت "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، بلدنا أهم ليس لنا بلد أخرى وشايفين قدامنا سوريا".
وأكد البابا تواضروس أن الدولة المصرية من الرئيس السيسى والقوات المسلحة والهيئة الهندسية قاموا بترميم الكنائس وتم إعادة افتتاحها وانتهت الأزمة، مؤكدا: "أهم شيء السلام الوطنى".