قبل 10 سنوات وضعت محافظة الجيزة خطة طموحة شاملة لتطوير شارع جامعة الدول العربية، وقد كان حينها المهندس سيد عبد العزيز، محافظا للجيزة، وعُرفت الخطة آنذاك بـ"الشانزليزيه"، فقد كانت المحافظة تتبنى تحويل الشارع الذى يتوسط منطقة المهندسين ويشترك فى مساحات بينية مع الدقى والعجوزة، إلى مكان أشبه بأشهر شوارع باريس وأوسعها، شارع الشانزليزيه، الذى توجد به الماركات العالمية وأشهر المطاعم والكافيهات ومراكز التسوق والملابس، وأرصفته يمينا ويسارا متسعة جدا، تحيطها المساحات الخضراء، ويبدأ بالمسلة المصرية، "مسلة الأقصر"، التى تم اقتلاعها من معبد الأقصر في القرن التاسع عشر، بعدما أهداها محمد على لملك فرنسا، وينتهى بقوس النصر، الذى تم تشييده كرمز لانتصارات فرنسا.
المهم أن الشانزليزيه ليس فقط أشهر شوارع باريس، بل أشهر شوارع العالم، وقد كانت الخطة المصرية لتحويل شارع جامعة الدول العربية إلى مناظر له على أشدها، وبدأت بالفعل بتجميل الجزيرة الوسطى، والتوسع فى المساحات الخضراء، وتقليل التكدسات المرورية، ومطاردة الباعة الجائلين، إلا أن المشروع سرعان ما توقف بعد ثورة يناير 2011، وعاد الشارع على أصله القديم.
شارع جامعة الدول العربية الآن فى حالة يُرثى لها، مزدحم جدا ومكدس بالسيارات من كل الاتجاهات، الميكروباص وسيارات "الجمعية" الكبيرة تصول وتجول فيه ذهابا وإيابا، دون أن تراعى بشرا أو تحترم قواعد المرور، العربات الملاكى تمشى بسرعات جنونية، مع العلم أن الشارع لا يتحمل هذا السلوك ويقصده المارة من كل مكان نظرا لطبيعته التجارية، الإشارات المرورية بحاجة إلى مراجعة وضبط، فلا توجد أماكن محددة لعبور المشاة رغم طول الشارع، بالإضافة إلى الزحام والتكدس بعد التجهيزات التى تتم في أعمال حفر خط مترو الانفاق الجديد.
أتصور أن الوقت مناسب الآن لاستعادة خطة الشانزليزيه مرة أخرى، وتوسيع الأرصفة وزيادة المساحات الخضراء، ووضع ضوابط فى هذه المنطقة الحضارية، ليتم استغلالها بصورة مثالية، خاصة أنها مميزة جدا، وتربط محافظتى القاهرة والجيزة، ويمكن أن تتحول إلى مركز جذب سياحى كبير خلال الفترة المقبلة، إذا تم إحياء الخطة ودراستها من جديد فى ضوء المحددات والمتغيرات المستجدة.
بقليل من الإدارة الرشيدة، ومزيد من التخطيط، يمكن تحويل شارع جامعة الدول العربية إلى مشهد جمالى يحاكى الشانزليزيه، بدلا من المشاهد العشوائية ومظاهر الفوضى، التى ظهرت مؤخرا، في غياب الرقابة والتطوير واحتلال الأرصفة والجزيرة الوسطى، وتكسير البرجولات، وغياب كل مظاهر التطوير أو الصيانة.
