ألقى الدكتور أسامة الأزهرى، خطبة الجمعة اليوم بمسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث بدأ خطبته بحديث شريف، روى الإمام مسلم في صحيحه، عن سعيد أبي سعد الخدري رضي الله عنه قال بينما نحن في سفر مع رسول الله إذ جاء رجل على ظهر راحلته فجعل يصرف بصره يمينًا ويسارًا - أي أنه جاء على ظهر جمله، لكنه أكثر التلفت إلى الناس كأنه صاحب حاجة يستحي من ذكرها- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له ، وما زال صلى الله عليه وسلم يذكر من أصناف الأموال حتى أن ظننا أن لا حق لأحد منا في فضل.
وقال الأزهري، إن هذا الموقف النبوي الكريم يشتمل على عدد من الحكم والشمائل الرفيعة التي نحن أحوج ما نكون إليها ونحن نستقبل أيام الشتاء، جاء هذا الرجل وهو على ظهر جمل أي أنه ميسور وصاحب أموال لكن يبدوا أن السفر قد طال به فانتهى ما عنده من الطعام والشراب، ويبدو أنه كان رجلا متعففًا عزيز النفس فلم يبادر أحدًا بطلب ولم يرفع إلى أحد شكوى إلا أنه عوّل في أمره على أنه يهيئ له صاحب فطنة، وصاحب نظر يدرك حاجته فيكرمه قبل أن يطلب ليكفيه المسألة، ولما أن ساقه الله إلى أسعد الخلق صلى الله عليه وسلم وإلى أكرم الخلق وأجود الخلق، فقد أراد المصطفى صلوات الله وتسليماته عليه أن يعلم الناس أدبَا رفيعا ولفت أنظارهم دون الحديث عن الرجل بعينه ، أن من كان معه فضل من طعام أي زيادة في طعامه على حاجته فلينهض من فوره ليتفقد الناس الذين ليس لهم طعام ليعطهم ذلك الطعام الذي زاد عن حاجته، ومن كان معه دابة ليست عن حاجته فليعطها لمن ليس له دابة تحمله.
وأضاف: ومازال النبي يعدد من أصناف الاموال وضرب أمثلة كثيرة ثم زادنا أدبًا إلى أدب فلم يبدأ على حضّ الطعام لمن لا يملك بل حث بأن الرجل عنده دابة أراد بلطف أن يسهل احتياج الرجل على وجه الخصوص وأن يحفظ له كرامته وألا يشهر به في الناس ولا أمر الناس بإكرامه فينتج كسر النفس أو إحراج فيطمئن إلى أن كرامته موفورة وأنه بين الناس يملك جمله الذي يخصه ثم ينقل الكلام بلطف إلى احتياجاته من الطعام.
وأوضح الأزهري أننا استقبلنا فصل الشتاء ومضت منه أيام ورأينا أجواء ليست معتادة عندنا في مصر من أمطار غزيرة وبرق وسقوط الثلوج في عدد من الضواحي وبردًا زائدًا، وفي قرى الصعيد والدلتا ومطروح وسيناء والوادي الجديد والبحر الأحمر ومختلف بقاع الوطن ربّ شقيق هناك له بيت لا سقف له فإذا أمطرت غرق متاعه وبيته هو وأولاده وأسرته، ربّ أسره فقيرة تحتاج إلى البطاطين في شدة البرد مع أزمة كورونا ويحتاج من يسعفه ، كما أن الله عز وجل هيأ في هذا الوطن همم شريفة ومؤسسات كريمة، مثل صندوق تحيا مصر ومصر الخير ومبادرة اسمعونا و الأورمان الخيرية وبنك الطعام ، كل هذه مؤسسات تجمع جهود المصريين لاستغاثة من يريد.
وطالب الأزهري، أن يكون هناك قدر زائدَا في قلوبنا من الاهتمام والتفتيش والتفقد للدوائر المحيطة بنا -فتشوا وتتبعوا وسارعوا إلى الفقراء ومدوا لهم أيديكم وضاعفوا من الجود مع دخول الشتاء مضيفا: من كان له فضل من مال فليعد على من لا مال له، مستشهدا بقوله تعالى آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ – سورة الحديد، ونتشرف أن نمد يدنا لكل محتاج حتى لا نغادر على أرض الوطن كل محتاج قط .