والكتاب عبارة عن فصول متفرقة فى أوقات شتى، وذلك بعد صدور كتابه "وعّاظ السلاطين"، وهذه الفصول ليست فى موضوع واحد، وقد أؤلف بينها بسبب أنها كتبت تحت تأثير الضجة التى قامت حول كتابه المذكور، وقد ترضى قومًا، وتغضب آخرين.
وينطلق الدكتور الوردى فى مقالاته من مبدأ يقول بأن المفاهيم الجديدة التى يؤمن بها المنطق الحديث هو مفهوم الحركة والتطور، فكل شىء فى هذا الكون يتطور من حال إلى حال، ولا رادّ لتطوره، وهو يقول بأنه أصبح من الواجب على الواعظين أن يدرسوا نواميس هذا التطور قبل أن يمطروا الناس بوابل مواعظهم الرنانة.
بالتالى لا يرى "المؤلف" بكتابه هذا تمجيد الحضارة الغربية أو أن يدعو إليها، إنما قصده القول: أنه لا بد مما ليس منه بد، فالمفاهيم الحديثة التى تأتى بها الحضارة الغربية آتية لا ريب فيها، ويقول بأنه أن الأوان فهم الحقيقة قبل فوات الأوان، إذ أن العالم الإسلامى يمد القوم بمرحلة انتقال قاسية، يعانى منها آلامًا تشبه آلام المخاض، فمنذ نصف قرن تقريبًا كان العالم يعيش فى القرون الوسطى، ثم جاءت الحضارة الجديدة فجأة فأخذت تجرف أمامها معظم المألوف، لذا ففى كل بيت من بيوت المسلمين عراكًا وجدالًا بين الجيل القديم والجيل الجديد، ذلك ينظر فى الحياة بمنظار القرن العاشر، وهذا يريد أن ينظر إليها بمنظار القرن العشرين ويضيف قائلًا بأنه كان ينتظر من المفكرين من رجال الدين وغيرهم، أن يساعدوا قومهم من أزمة المخاض هذه، لكنهم كانوا على العكس من ذلك يحاولون أن يقفوا فى طريق الإصلاح، على ضوء ذلك يمكن القول بأن الكتابة هو محاولة لسن قراءة جديدة فى مجتمع إسلامى يعيش، كما يرى الباحث، بعقلية الماضين عصر التطور الذى يتطلب رؤيا ومفاهيم دينية تتماشى وذلك الواقع المُعاش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة