واحدة من الروايات التى تناولت الغربة، وربطتها بمصير شاب فلسطينى، لتربط بين معاناة الاحتلال والتهجير التى عاشها الشعب الفلسطينى، كان رواية "خيار الصفر" للروائى زكريا عبد الجواد، الصادرة عام 2006.
تلتقط تلك الرواية خيوطها، وهى تبحر فى مصير الإنسان العربي، الهارب، المطارد، المقموع والمحاصر فى بلاده وخارجها، عابرة بقارئها فوق بساط يمتزج فيه العجائبى بالواقعي، والسحرى بالمتخيل، منتقلاً من الشرق الأوسط بكل مآسيه إلى تخوم الهند، وأكثر مناطقها نأياً، حيث يصعد صوت الإنسان المسحوق صارخاً، رافضاً أحياناً، ومستسلماً فى الغالب، لمصادفات غريبة، تتلاعب به، لتنقله فى نهاية الأمر، من خانة ما هو معتاد، إلى حيث يتلقى الصدمات المباغتة. إنها معزوفة، باذخة الألم، لمأساة تعايشها أجيال متعاقبة، منذ بدأ الزمن العربى الجميل فى الأفوال.
خيار الصفر
تدورأحداث الرواية، لتلقط عبر وقائعها ما جرى فى الواقع لفتى فلسطينى انطلق للدراسة فى إحدى جامعات الهند، غير ان نشاطه الطلابى السياسى الذى ألهبته الأحداث الدموية فى وطنه والمنطقة، وأججته وقائع المشهد المتراجع فى الشرق الأوسط، كانت نتيجته وبالا عليه.
إذ تم رفض عودته إلى وطنه، فيما كان عليه أن يغادر الهند بعد ان انتهت أسباب الإقامة فيها بالحصول على الشهادة الجامعية، الأمر الذى دفعه إلى خوض مغامرة الهروب من مكان إلى آخر، والاختفاء مابين المنازل والكهوف، إلى أن انتهى به الأمر إلى منطقة بدائية تحول فيها إلى كائن مقدس.
ومابين مغادرته أرض وطنه و التحول الأخير، تدور الوقائع المدهشة، مسلطة الضوء على وقائع الزمن العربى الذى شهد انكفاء مأساويا فى كافة الميادين خلال السنوات الأخيرة، وترصد تلك الحالة من الإحباط التى عمت سكان تلك المنطقة من العالم بعد سنوات من زهو جامح، وانتظارات لتحقيق الآمال الكبرى. إنها معزوفة، باذخة الألم، لمأساة تعايشها أجيال متعاقبة، منذ أن بدأ الزمن العربى الجميل فى الأفول.
و زكريا عبد الجواد روائى وصحفى مصري. عمل فى مجلة العربى من عام 1991 حتى 2007 حيث حاز على جائزة الصحافة العربية فى عام 2002. عمل مديرا لتحرير جريدة الرؤية الكويتية وجريدة الدستور التابعة لمجلس الأمة الكويتي، صدر له أيضا " قبعة الوطن (2008)، الجحيم يصحو مبكرا (2011)، الركض فوق بساط البلور (2013)، كما صدر له ديوان "ما لا تشتهى السفن" (1985).