سقوط من أعلى.. تحقيق استقصائى لـ"اليوم السابع" يكشف بالصور ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى.. جولة بالقاهرة الكبرى تكشف غياب الرقابة واشتراطات السلامة والتسبب فى أكثر من 14 ألف إصابة سنويا

الإثنين، 21 ديسمبر 2020 03:27 م
سقوط من أعلى.. تحقيق استقصائى لـ"اليوم السابع" يكشف بالصور ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى.. جولة بالقاهرة الكبرى تكشف غياب الرقابة واشتراطات السلامة والتسبب فى أكثر من 14 ألف إصابة سنويا تحقيق استقصائى لـ"اليوم السابع"
أحمد جمال الدين - أشرف أمين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- الإحصاء: أكثر من 14 ألف إصابة عمل سنويا.. وزيادة أعداد المفتشين بالقوى العاملة وإقرار تأمين نمطى

 

- أسر الضحايا لم تتمكن من صرف التعويضات أو التأمينات بسبب عمل ذويهم بدون أوراق أو عقود تضمن حقوقهم
 

- مقاول: نقبل بالمخاطر ونوقع على عقود إذعان لا تضمن حقوقنا من أجل "لقمة العيش"
 

- نائب رئيس اتحاد العمال ونقيب عمال البناء: تعنت بعض شركات المقاولات يتسبب فى إهدار حقوق العمال
 

- العميد شريف خالد خبير سلامة وصحة مهنية: نعانى من عدم التطبيق الكامل لاشتراطات السلامة وحقوق العامل الاجتماعية بشكل كامل على أرض الواقع
 

- الشركات تتهرب من المسؤولية بتوقيع عقود مع موردى عمال تتضمن مسؤولية "مقاولى الأنفار" عن توفير معدات السلامة والتأمينات الاجتماعية بالمخالفة لقانون العمل

 

- الأمين العام للجنة وضع تشريعات العمل بالقوى العاملة: نعانى من نقص أعداد المفتشين وعدم وجود سياسة تشغيل تواكب نهضة البناء الحالية

- نقيب العاملين بالقطاع الخاص: اللائحة المالية للعمالة غير المنتظمة تنص على اقتطاع  28% من الموارد المالية للعمال كمرتبات للجهة التنفيذية والباقى على أمور غير ملموسة ومنها مستشفيات ومنافذ بيع ومصايف
 

- الإسراع بتنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإنشاء صندوق لرعاية الفئات المهمشة بالتضامن طوق نجاة لحماية العمالة غير المنتظمة

 

 

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (4)

 

"بين السماء والأرض".. قد يكون ذلك الوصف الأمثل لعمال السقالات الذين يقبلون بأداء أعمال خطرة بالسير على ألواح خشبية  غير مؤمنة على ارتفاعات كبرى يتغاضون فيها عن إلزام المواقع التى يعملون بها بتطبيق نصوص السلامة والصحة المهنية الواردة فى الفصل الخامس بقانون العمل رقم  12 لسنة 2003 بهدف العودة لأسرهم  بجنيهات قليلة، قد لا تكفى للوفاء بالمتطلبات الأساسية، ولكن  قد ينتهى بهم الأمر إلى تسجيلهم كرقم فى سجل الإصابات أو الوفاة وترك أسرهم تواجه المجهول بسبب عدم تمكنهم من صرف التعويضات أو المعاش بسبب عملهم دون أوراق ثبوتية أو علاقة تعاقدية. 

 

فى إحدى قرى ميت غمر بمحافظة الدقهلية وبعد قطع شارع طويل يعانى من سوء الرصف ينتهى بمنزل مكون من دورين هنا كان يعيش الحاج سيد الذى فقد حياته إثر سقوطه من سقالة خشبية فى أحد المواقع تحت الإنشاء بمحافظة الشرقية تاركا زوجته وأولاده  الثلاثة يواجهون الحياة بمفردهم بدون أى مصدر للدخل، وعلى الرغم من إثبات وفاته بموقع العمل فى محضر رسمى قيد بتاريخ برقم 6771 لسنة 2018 نتيجة السقوط من مبنى عال، كما أكد أيضا الخطاب الصادر من مستشفى الشهداء العام، لم تستطع أسرته صرف أى تعويضات أو بجانب عدم تسجيله فى التأمينات بسبب عدم وجود أى أوراق ثبوتية حيث كان يعمل من الباطن لصالح مقاول آخر ليس له أى صفة رسمية   مما اضطر زوجته لاستئجار محل صغير من أجل العمل على رعاية الأبناء.

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (2)

الحاج "سيد" لم يكن الحالة الوحيدة التى تعرضت للوفاة، أو على أقل الإصابة، داخل المواقع الإنشائية دون أن تملك أسرته حق المطالبة بالتعويض المقرر، أو أن تملك حق مقاضاة الشركات أو مواقع البناء تحت الإنشاء، فهناك أيضا «عزت سيد عمر سعد» الذى ارتحل من محافظة سوهاج إلى القاهرة مع أسرته بحثًا عن فرصة عمل لينتهى الحال به إلى جثة هامدة فى عمر 38 عاما، نتيجة  السقوط من أعلى سقالة خشبية والارتطام بجسم صلب، كما جاء فى تقرير الصحة وشهادة الوفاة الصادرة من مكتب صحة زينهم ومحضر الشرطة بتاريخ 20/12/2018 نقطة شرطة البساتين، تاركا أسرته المكونة من زوجته وأولاد الثلاثة تواجه المجهول بعد فشلها فى صرف التعويض أو الحصول على التأمين. 

 

بحسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ووزارة القوى العاملة، فإن إجمالى إصابات العمل فى العام 2018 وحده بلغ 14 ألفا و368 حالة، وفى ظل ظروف عمل أقل ما توصف به أنها "صعبة" بسبب عدم الالتزام داخل المواقع والمشروعات باشتراطات الصحة والسلامة المهنية للعمالة المؤقتة، وفق ما تنص عليها الأكواد المصرية والعالمية الخاصة باشتراطات البناء وكذلك مخالفة قانون العمل رقم 12/2003 فى كتابه الخامس بحقوق العمال الخاص بحقوق العمالة المتواجدين فى المواقع تحت الإنشاء ومواصفات السلامة والأمانة التى يجب توافرها فى هذه المواقع لسلامة العاملين بها.

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (5)

فى هذا التحقيق تتبعنا سير العمل داخل عدد من المواقع تحت الإنشاء فى القاهرة، والشرقية، وسوهاج، ورصد المخالفات والتى تتم بسبب عدم اتباع القواعد التى نصت عليها أكواد السلامة والصحة المهنية فى البناء مما يجعلها بيئة عمل غير آمنة للعمالة داخل هذه المواقع والتى تعمل مع مقاول يقوم بجمعهم للعمل بعقود غير قانونية أقرب للإذعان لاتضمن لهم أى حقوق تأمينية أو اجتماعية أو حتى أدنى وسائل الحماية والسلامة المهنية، بالمخالفة للقانون رقم 12 لسنة 2003 وملاحقه فى كتابه الخامس الخاص بإجراءات السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل المنظم  للعمل داخل المواقع تحت الإنشاء وفى غياب تام للجهات المنوط بها التفتيش على تلك المواقع ومتابعة وسائل التأمين والسلامة المهنية وهو ما يكشفه هذا التحقيق الاستقصائى «سقوط من أعلى».

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (10)

محرر اليوم السابع مع الدكتور كمال عثمان الأمين العام للجنة وضع تشريعات العمل بوزارة القوى العاملة 
 

سقالات خشبية غير مؤمنة على ارتفاعات تتجاوزالـ 30 مترا  تحمل عددا من العمال وهم يؤدون أعمالهم بطريقة بدائية دون اتباع لاشتراطات السلامة والصحة المهنية التى تم النص عليها فى الباب الخامس من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وأيضا عدم إدراجهم تحت مظلة التأمينات بسبب عملهم  دون أوراق ثبوتية «عقد» يضمن حقوقهم.

 

ذلك المشهد رصدناه داخل عدد من المواقع تحت الإنشاء بمحافظات القاهرة والجيزة والتى تشترك جميعها فى عدم اتباع تعليمات السلامة والصحة المهنية ومنها حظر استخدام السقالات الخشبية  واستبدالها بالسقالات والشدات المعدنية بجانب ارتداء خوذات للرأس وحزام أمان لحماية العامل من السقوط.

 
 

أمام واجهة أحد الأبراج السكنية الكبرى بالقرب من ميدان الدقى والتى يتجاوز ارتفاعها 50 مترا والمحاطة بسقالة خشبية غير مؤمنة بالكامل، جلس عم «محمد على»، بجوارها يستريح من عناء العمل، وبسؤاله عن قبوله للعمل فى ظل العديد من الأخطار التى تحيط به، سواء بعدم ارتدائه لحزام الأمان واستخدام السقالة الخشبية، قال: «خليها على الله يا بشمهندس إحنا لو دققنا على الإجراءات مش هانشتغل ومش هنلاقى نوكل عيالنا».

 

في منطقة زهراء المعادى، حيث مواقع تحت الإنشاء يتبع إحدى شركات المقاولات الخاصة، شُوهد عدد من العمال يعتمدون على مهاراتهم فى السير على السقالات المشيدة على ارتفاعات كبيرة، وعلى خبرة العمل فى طلاء المبانى فقط، دون وجود للحزام الذى يحميهم من السقوط، والذين أبدوا دهشتهم وعدم معرفتهم بإجراءات السلامة سواء عدم وجود الحزام الحامى من السقوط أو  الصديرى الواقى وغيرها، مؤكدين أنهم شاهدوا بعض المشرفين وهم يرتدون الخوذات ولكن لا يتم تسليمها لهم وتابعوا: «عارفين إننا معرضين للخطر بس نعمل إيه أغلبنا متغرب علشان لقمة العيش وربنا يسترها علينا علشان اللى ورانا»، ولما بيقع مننا حد للأسف لا نستطيع الحصول على أى مستحقات سواء تعويض أو تأمينات لأننا نعمل بدون أى أوراق. 

 

الكود العالمى والمصرى فى السلامة المهنية
 

بمراجعة القوانين نجد أن هناك فصلا كاملا وهو الفصل الخامس من قانون العمل المصرى الصادر رقم 12 لسنة 2003 تم تخصيصه للحديث عن السلامة والصحة المهنية والإجراءات والاشتراطات التى يجب توافرها فى مواقع العمل لتوفير بيئة آمنة للعاملين بها.

 

من جانبه، أكد محمد عزب رئيس لجنة السلامة والصحة المهنية، أن  القانون المصرى جاء متوافقا مع النظم والأكواد العالمية، ومنها الكود الأمريكى فى الإنشاءات والتى تنص على استخدام السقالات والشدات المعدنية وحظرت تماما استخدام السقالات الخشبية، وفى حال استخدامها يكون للأجهزة الرقابية التابعة لوزارة القوى العاملة خلال عملية التفتيش تحرير مخالفات وقد يأمر بوقف العمل مباشرة، لافتا إلى أن السلامة والصحة المهنية لا تقتصر على استخدام السقالات المعدنية فقط، إنما يجب أيضا الالتزام بزى معين، ومنها حزام الأمان الذى يحيط بخصر العامل المستخدم للسقالة لحمايته من السقوط مشددًا على ضرورة تعريف العامل مهمات عمله بشكل دقيق وتدريبه على استخدام أدوات السلامة والصحة المهنية واستلامه لها وتدريبه عليها وكتابة محضر بما يفيد استلامه لها وأنه أحيط علما بكيفية الاستخدام الأمثل لها، وعلى الأجهزة الرقابية ولجان التفتيش التابعة لوزارة القوى  العاملة مراقبة حسن أداء العمل واتباع اشتراطات السلامة من قبل هذه المواقع، ولها أن تؤمر بوقف العمل فى حال وجود مخالفات جسيمة، ومنها عدم تطبيق اشتراطات السلامة والصحة، لافتا إلى لجوء بعض الشركات للتحايل على القانون للهروب من المسؤولية الاجتماعية والخاصة بالتأمينات والتعويضات أو توفير معدات السلامة والأمان.

 

عقد إذعان مخالف للقرار الوزارى
 

وهو ما يؤكده العقد الذى تم الحصول عليه المكون من 4 صفحات بين مقاول توريد عمالة وإحدى شركات المقاولات، والذى تحتوى  نصوصه على مخالفات صريحة لقانون العمل حيث جاء فى البند  18 من العقد: «على الطرف الثانى أى «المقاول» هو المسؤول عن توريد أو استخدام العمال الموسميين والمؤقتين، اللازمين لأعمالهم، كما تم النص فيه على التزام الطرف الثانى «المقاول» عن سلامة العاملين داخل الموقع وخضوعهم له فى جميع مستحقاتهم المالية بجميع أنواعها، والتأمين ضد مخاطر العمل أيا كان نوعها».

 

كما أشار العقد إلى مسؤولية المقاول بجميع إجراءات الوقاية من المخاطر وبالتزامه بالقواعد، للوقاية من المخاطر والتدابير اللازمة لتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية والأمن الصناعى. وهى البنود التى تعتبر مخالفة صريحة وواضحة لما نص عليه  الفصل الخامس بعنوان السلامة والصحة المهنية من  قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، حيث نصت المادة 16 على أنه لا يجوز لصاحب العمل تشغيل عمالة غير منتظمة عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال، كما نص فى مادته رقم 208 على أن تلتزم المنشأة وفروعها بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل فى أماكن العمل بما يكفل الوقاية من المخاطر.

 

 

المقاول والقبول بالخطر من أجل "لقمة العيش"
 

ومع استعراض شروط التعاقد السابقة يثور التساؤل عن السبب الذى يدفع المقاول لقبول تلك الشروط المجحفة بالنسبة له؟، وهو ما يفسره بنفسه المقاول الطرف الثانى فى التعاقد الثانى بقوله «احنا بنسكت عن حقوقنا عشان ناكل عيش» بهذه الكلمات بدأ المقاول « م . ن» حديثه لـ«اليوم السابع»،موضحًا: «أعمل فى المقاولات بقالى أكثر من 12 سنة، كمقاول من الباطن  للشركات وكلنا نعمل فى ظروف صعبة  من أجل «لقمة العيش من أجل أولادنا» فلا ننظر إلى اشتراطات السلامة والصحة المهنية أو العقود التى غالبا تهدر حقوقنا المالية من أجور أو تأمينات وتعويض فى حال الوفاة أو العجز»، وهو ما عبر عنه بقوله: «كل فترة بيسقط مننا واحد وغالبًا بيتوفى نتيجة السقوط من على السقالات غير المؤمنة ونتكفل نحن زملاءه بمصروفات الدفن والجنازة وكذلك جمع مبلغ مالى بسيط وإعطاؤه لأهله كتعويض، ولو رمزى بسبب رفض مالك المشروع التكفل بأى نقود ولا توجد أوراق تلزمه بذلك».

 

وأضاف فى حديثه: "تجبرنا بعض شركات المقاولات لحاجتنا للعمل بالتوقيع على عقود تسهم فى استغلالنا وحرماننا من حقوقنا المبرمة، ومنها عدم الحصول على التأمين فى حال العجز أو الوفاة رغم خصم نسبة من الأجر كتأمينات بجانب تحميلى كمقاول مسؤولية توفير السلامة والصحة المهنية والتأكد من سلامة المعدات برغم إنى راجل على الله مش خبير أو فنى".

 

تأمينات غير مسجلة وحقوق ضائعة
 

999999999999999

عمال بلا تأمينات

 

الحديث السابق للمقاول تؤكده الجولة التى تم القيام بها على عدد من مكاتب التأمينات للكشف عن أسماء الضحايا السابقة لبيان هل تم التأمين عليهم أم هم خارج مظلة التأمين؟، وبعد  تجاوز طوابير ممتدة من مختلف الأعمار داخل مساحة ضيقة رديئة التهوية أمام حاجز زجاجى يجلس خلفه عدد من الموظفين الذين يعانون من تكدس المواطنين وبطء الأجهزة العتيقة التى يعملون بها  تم الوصول للموظف المختص طلب عدم ذكر اسمه والذى كشف عبر برنت التأمينات الذى تم الحصول عليه على عدم شمولهم بالمظلة التأمينية بما فيهم المقاول السابق، رغم أن العقد ينص على خصم  شريحة تأمينية من قيمة عقد المقاولة المكلف بها نظير التأمينات بالمخالفة لنص النمادة 242 التى تنص على «تلتزم المنشأة التى يزيد عدد عمالها على 50 عاملا على توفير الخدمات التأمينات الاجتماعية دون تحميل العامل أى التزامات».

تضارب بين النقابات العمالية

وبدوره قال عبدالمنعم الجمل نائب رئيس اتحاد عمال مصر ورئيس النقابة العامة للعاملين فى البناء والأخشاب، إن اشتراطات السلامة والأمان فى مواقع العمل بشكل حازم فى باب كامل فى قانون العمل خاص بالسلامة والصحة المهنية يحدد الاشتراطات والوسائل المفروض تطبيقها فى مواقع العمل، وشدد القانون على أن العمالة غير المنتظمة تتساوى مع العمالة المنتظمة فى الحقوق والواجبات، ويتم التفتيش عليهم بشكل دورى من خلال لجان التفتيش بوزارة القوى العاملة ولكن يجب الإشارة إلى أنه رغم المجهود الكبير الذى تقوم به لجان التفتيش فإنها لا تستطيع بمفردها القيام بعملها على أكمل وجه نظرا للمعوقات التى تواجهها ومنها قلة عددها مقارنة بحجم حركة البناء.

 
وأوضح أن النقابة العامة للعاملين فى البناء تسعى هى الأخرى للحصول على حقوق أعضائها ولكنها فى النهاية تواجه بعض المعوقات هى الأخرى ومنها، أنه ليس كل العاملين فى سوق البناء، وخاصة من العمالة غير المنتظمة تحت مظلة النقابة، بجانب تعنت بعض الشركات وهو يضطرها فى النهاية للجوء للقضاء لذلك نحتاج لأن يتحول مفهوم السلامة إلى ثقافة عامة.

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (11)

أموال مهدرة

ومن جانبه قال شعبان خليفة نقيب العاملين فى القطاع الخاص: إنه لا توجد سوى مادة وحيدة تتحدث عن حقوق العمالة غير المنتظمة وهى مادة من قانون العمل: «تتولى الوزارة المختصة رسم سياسة و متابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة ويصدر الوزير المختص القواعد المنظمة لتشغيل هذه الفئات واشتراطات السلامة والصحة المهنية والانتقال والإعاشة الواجب اتخاذها بشأنهم واللوائح المالية والإدارية التى تنظم هذا التشغيل».

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (12)

وبالرجوع إلى القرار الوزارى رقم  162 لسنة 2019 بشأن  اللائحة المالية والإدارية بشأن العمالة غير المنتظمة نجد أنها تحتوى على العديد من البنود التى تفسر تلك المادة نجد أنه يتم اقتطاع نسبة 3 % من صافى الأجور الفعلية للعمال نظير حمايتهم ورعايتهم وتشغيلهم  ويلتزم بسدادها رب العمل.

 

ولكنها فى الحقيقة يتم صرفها وإهدارها فى بنود غير مفهومة ومنها صرف 28 % فقط  كمرتبات  للقائمين على هذا الصندوق والحسابات  والباقى كما توضحه المادة 23 من اللائحة، والتى تشير إلى ما يتم تخصيصه كنسبة 1 % من هذا الصندوق  للرعاية الاجتماعية والصحية وتتمثل الرعاية الاجتماعية فى إنشاء نواد اجتماعية، وتنظيم رحلات عمرة وحج وزيارة بيت المقدس، وإنشاء منافذ توزيع مواد غذائية والمصايف الخاصة كما يعد من قبيل الرعاية الصحية إنشاء مستشفيات وصيدليات ومراكز طبية أو معامل تحاليل أو الإشاعات أو التعاقد معها لتقديم خدماتها لتلك الفئات، وغيرها وهى أمور غير ملموسة على أرض الواقع.

 

وتابع أما عن الرعاية الصحية فيتم تخصيص مبالغ زهيدة مقارنة بما تم تخصيصه أو يتم صرفه من مرتبات للقائمين على هذا الصندوق حيث يتم صرف مبلغ 10000جنيه فى حالة وفاة العامل للورثة، ومثلها فى حال العجز الكلى، و5000 فى حالة العجز الجزئى، وفى حال إجراء عملية جراحية كبرى يصرف مبلغ 5000 جنيه فقط، مع ملاحظة أن تلك المستحقات رغم أنها زهيدة فإن الورثة أو المستحقين لها يواجهون صعوبة كبرى فى صرفها نظرا لصعوبة إثبات علاقة العمل وتبعية العامل للموقع الإنشائى.

 

«الأزمة ليست فى القوانين ولكن ما نعانى منه حقيقة هو عدم تطبيق هذه التشريعات التى تعمل على حماية العامل فى مواقع العمل»، بهذه الكلمات بدأ العميد شريف خالد خبير السلامة والصحة المهنية  حديثه مع «اليوم السابع»، موضحًا  أن هناك عددًا كبيرًا من  العمال والعمالة غير المنتظمة العاملين فى مواقع البناء لا يستطيعون الحصول على حقوقهم من شركات الاستثمار بسبب التلاعب الذى تقوم به هذه الشركات للهروب من المسؤولية ومنها ما تلجأ إليه من إبرام عقود تلقى بعبء المسؤولية على شخص آخر بتحميله مسؤولية توفير معدات السلامة والأمان والتأمينات الاجتماعية وغيرها وكل ما يتعلق بحقوقهم  بسبب عدم إيمانها بأهمية تلك الأجراءت  واعتبارها من قبيل النفقات الباهظة غير الضرورية وهو ما يترتب عليه سقوط الضحايا، وأغلبهم من البسطاء من العمالة غير المنتظمة ما بين مصاب وتصل  فى بعض الأحيان للوفاة ومنها استخدام السقالات الخشبية وعدم الاعتماد على السقالات المعدنية توفيرا للنفقات بجانب عدم توفير معدات السلامة والحزام والخوذات للعمال، وذلك يرجع بالأساس إلى قصور عملية الرقابة المنوط بها مديرية القوى العاملة، ولجان التفتيش بها بسبب النقص الشديد فى أعدادها وغلبة العنصر النظرى على تشكيلها.

 

وتابع: بجانب العنصر الآخر وهو الأكثر أهمية ضعف أو قصور فى الجهاز الرقابى وهى لجان التفتيش المنوط بها المرور على مواقع تحت الإنشاء، ولكنها تعانى من عدة أزمات تؤثر على كفاءة عملها بسبب قلة عددهم الشديد مقارنة بحجم المشروعات المتواجدة والتى زادت كثافتها فى عهد الرئيس السيسى، لذلك يتم الاعتماد على ما يقدمه المقاول من أسماء بعدد العمال وهى لا تمثل سوى نسبة زهيدة من حجم القوى العاملة لديه، ويترتب عليه إهدار حقوق العشرات من العمال.
 

المادة 26 مسؤولة عن إهدار حقوق العمال

حملنا كل هذه الآراء وحالات الضحايا وتوجهنا بها إلى الدكتور كمال عثمان الأمين العام للجنة وضع تشريعات العمل بوزارة القوى العاملة الذى أوضح أن الأزمة التى تعانيها العمالة غير المنتظمة تعلق فى المقام الأول بعدم وجود سياسة تشغيل واضحة لهذه العمالة  ففى الوقت الذى  تختص فيه الوزارة برسم سياسة التشغيل يقتصر دورها فقط على  أرض الواقع  بتحصيل مبلغ مالية بنسبة 3 % من إجمالى أجور العمال داخل المواقع الإنشائى لصالح صندوق الرعاية غير المنتظمة  لذلك تبرز الأهمية إلى وجود تخطيط حقيقى يضمن الاستفادة من هذه العمالة لتحويلها إلى طاقات منتجة.

 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (13)

وعلى الرغم من الخطوات التى اتخذتها الدولة لرعاية العمالة غير المنتظمة ومنها إصدار شهادة أمان وهى تغطية تأمينية للفئات المهشمة بقيمة 500 جنيه وحد أقصى 2500 جنيه مع صرف منح مالية للمتضررين من فيروس كورونا للفئات المهمشة وتبقى الحاجة الماسة لاتخاذ خطوات أخرى ومنها زيادة عدد المفتشين بوزارة القوى العاملة لتتناسب مع حجم المشروعات التى تتم حاليا تمكنهم من إجراء زيارات ميدانية للتحقق من تطبيق اشتراطات السلامة والصحة المهنية داخل المواقع تحت الإنشاء وجعلها بيئة آمنة للعاملين داخلها فضلاً  عن الحصر الواقعى للعمالة غير المنتظمة داخل هذه المواقع لإنهاء التلاعب فى تسجيل العمالة داخل  بعض المواقع الإنشائية.

 

بجانب إقرار تأمين نمطى لهذه العمالة من جانب وزارة التضامن، والإسراع بتفعيل قرار رئيس الجمهورية، بإنشاء صندوق الرعاية غير المنتظمة بوزارة التضامن الاجتماعى مع التشديد على مراجعة  سياسة التشغيل بالوزارة وذلك من خلال القيام على حصر العمالة غير المنتظمة وتدريبها بشكل جاد فى مراكز التأهيل وإجراء اختبارات مهارة حتى يتم توريدها للمواقع الإنشائية.

 
 ضحايا سقالات الموت فى مواقع شركات الاستثمار العقارى (14)
 
 
53129--ضحايا-سقالات-الموت-فى-مواقع-شركات-الاستثمار-العقارى-(19)
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة