من بديهيات المواجهة مع فيروس كورونا، أن العالم كله يجب أن يشارك فى هذه المواجهة، وأيضًا أن القرارات الحكومية التى تتعلق بالإجراءات الاحترازية، يجب أن تتوازى مع التزام من أفراد المجتمع؛ حيث لا يمكن أن ينجو البعض تاركًا الآخرين، وطالما بقى الفيروس قادرًا على إصابة البشر فى أى مكان؛ فالخطر قائم، ولهذا فإن العالم كله مشغول بأن يصل اللقاح إلى كل سكان العالم خلال فترة، وطالما يصعب إنتاج 8 مليارات جرعة مرة واحدة؛ فعلى البعض أن ينتظر حتى يأتى دوره، وحتى هذه اللحظة فإن العزل الذاتى، وعلاج الحالات الصعبة مع الإجراءات الاحترازية هو الحل.
من توزيع وانتشار الإصابات الآن؛ فإن الموجة الثانية أسرع وأوسع انتشارًا، وتبدو الموجة الأولى أمامها متواضعة، وخلال الموجة الأولى قامت مستشفيات العزل والحميات بدور كبير ومهم فى مواجهة الفيروس، وتصدت الأطقم الطبية للفيروس ببسالة، وبذلت كل ما فى جهودها، وفقدنا عددًا كبيرًا من شهداء الأطباء والتمريض، وما زال هؤلاء يواصلون عملهم بإخلاص، لإنقاذ أرواح الحالات التى تتدهور وتحتاج إلى علاج وأكسجين.
نقول هذا بمناسبة أن البعض اعتاد - منذ بداية الأزمة - لعب دور الدعاء والسعى إلى إما نشر الاستهانة، أو إثارة الفزع، أو انشغلوا بالبحث عن أى دليل يوجهون من خلاله اتهامًا للحكومة؛ أو طريقة إدارة الأزمة، ولا أحد من هؤلاء يسعى لمناقشة الأمر بزواياه المختلفة، قبل أن يتحولوا إلى «لطّامين لوّامين»، سبق وأن طالبوا بإغلاق تام من دون النظر إلى مصالح وأعمال ملايين يعملون يومًا بيوم، واتضح أن الإغلاق التام لم يكن حلًّا، ولم يمنع موجة ثانية أشد.
ومع الموجة الثانية؛ نكرر الإشارة الى أهمية أن تنضم المستشفيات الخاصة والمعامل مع المجتمع الأهلى إلى هذه الجهود، لأن بعض المستشفيات والمعامل الخاصة تُحوِّل الأمر إلى تجارة، وبعض تجار الأزمات يتاجرون فى العلاج الخاص بالفيروس، أو يخفون الأدوية ليبيعوها فى سوق موازٍ، وهو ما يتطلب المزيد من المراقبة لهذه السلوكيات وعقاب من يتاجر بالأزمة.
ونشير إلى المجتمع الأهلى، لأن بعض الأفراد يقدمون جهودًا وتبرعات لمساندة مستشفيات العزل، بتقديم أسطوانات أكسجين أو مواد طبية وغذائية، وهى جهود مشكورة، تعوض أى نقص وتمثل دعمًا للمرضى، خاصة فى الأقاليم، لكن فى الزحام تبدو بعض الجمعيات الأهلية غائبة عن هذا الجهد، بينما يفترض أن يكون الدور الأهم فى عمل هذه الجمعيات هو وقت الوباء، ويمكن لهذه الجمعيات أن تلعب دورًا فى إنقاذ الأرواح، حال تحركت لتقديم أى نوع من الدعم المادى أو العينى للمرضى، بشكل منهجى، وبالطبع فإن لدى هذه الجمعيات خبرات فى العمل التطوعى يمكن أن تفيد فى مكافحة الفيروس.
هذه الأزمة، وغيرها من الأزمات، تكشف عن أن العمل الأهلى والتطوعى متعدد ومتسع، ويحتاج إلى توجيه الجهود الأهلية فى صور متعددة، لا تقتصر على نوع واحد، إنما تبدو الحقول الاجتماعية هى الأَوْلى بالرعاية، وهو ما يظهر فى المجتمع الأهلى بأوروبا والدول الكبرى، ويفترض أن يتعلم منه المجتمع الأهلى لدينا؛ فالدفاع عن حق الناس فى الحياة، ومواجهة الفيروس، نوع من العمل المدنى الذى يضاعف من ارتباط الناس بهذه الجمعيات.
وحتى يمكن توفير لقاحات للجميع، على كل طرف أن يقوم بدوره، حتى نتجاوز واحدة من أكثر الأزمات خطرًا، الحكومة ووزارة الصحة واللجنة العلمية، وعلى المستشفيات والمعامل الخاصة أن تشارك، ولا أحد يطالبها بأن تقدم خدماتها مجانًا، لكن أن تتوقف عن المتاجرة بالأزمة، حتى يمكن أن نتجاوز أزمة لا تستثنى أحدًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة