"كانت الحاجة زمزم تزن حوالى مائة وخمسين كيلو، منها مائة كيلو أنانية، فقد كانت ذاتها هى محور كل حركة وكل فكرة وكل تصرف يصدر عنها، وككان يبدو كأن كتل الشحم التى تراكمت على جسدها قد اختلط فيها الشحم بمواد متفجرة، فهى بدا تفرقع بالسباب والشتائم وتفيض بالمرارة والحقد".. هذا جزء من رواية "السقا مات" للكاتب والروائى يوسف السباعى، يرى الكثيرون أنها أفضل ما كتب، صدرت فى عام 1952، وتحولت بعد ذلك إلى عمل سينمائى فى عام 1977 من إخراج صلاح أبو سيف.
يقول يوسف السباعى عن الرواية إنها حول قصة وقعت فى نحو عام 1921 فى حى الحسينية وما زال مسرح حوادثها قائماً كما هو، وقد تكون كف السنين بدلت وجهه بالفناء والهدم، والبناء والتنظيم، إلا أن الكثير من علاماته المميزة ما زالت قائمة على حالها لم يخن عليها الدهر، ولم يبدلها الزمن، وأشهر هذه العلامات وأشدها ارتباطاً بهذه القصة صنبور المياه الحكومى، القائم فى إحدى زوايا درب السماعى، أمام كشك صغير تربع فيه "سيد الدنك" المانح المانع، الآمر بالناهى فى مياه الحى الحاكم بأمره فى صف طويل عريض من النسوة ذوات الصفائح، والرجال ذوى القرب، من هذا الصنبور، تبدأ قصة السقا مات، ومن أحد رواده تتحدث لتتخذ منهما منفذاً لقراءة ماضٍ بعيد زالت ملامحه ولم يبق منه سوى نتف صغيرة وذكريات متداولة بين الناس، تحاول ألسنتهم رسمها وإعادتها من جديد من عيون جيل اليوم.
تدور الفكرة الرئيسية فى الرواية حول فلسفة الموت ومحاولة الشخصية الرئيسية "المعلم شوشة السقا" للهروب من ذكرى وفاة زوجته الشابة، والمفارقة تحدث عندما ينقذ المعلم شوشة شخص ما من الضرب فى أحد المطاعم ثم تتوثق علاقته به ويدعوه للإقامة معه فى بيته مع حماته وابنه سيد، وهو لا يعلم أن هذا الشخص يعمل فى مجال متعلق بدفن الموتى.
ينفر المعلم شوشة من ضيفه فى البداية إلا أن الضيف سرعان ما يتمكن من إقناع المعلم شوشة بمواصلة حياته ونبذ الخوف من الموت، إلا أن أكبر مفارقة تحدث عندما يموت الضيف نفسه فجأة فى بيت شوشة فينهار المعلم بسبب ذلك.
بعد فترة يستعيد المعلم شوشة عافيته ويأتيه خبر سار بتعيينه شيخاً للساقيين فى المنطقة، إلا أن البيت ينهار فوق رأس المعلم وتنتهى حياته فى مشهد قوى ومؤثر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة