أثارت عودة الأنبا متياس أسقف المحلة المعزول إلى مصر مرة أخرى الكثير من الجدل فى الأوساط القبطية، بعد أن مر ما يزيد عن 15 عامًا على قرار المجمع المقدس للكنيسة القبطية بعزله وإبعاده وحرمانه من رتبته الكهنوتية، إلا أن الأنبا بنفوتيوس مطران سمالوط المستنير قد تبنى إعادة الأسقف إلى الأضواء مرة أخرى بعدما جعل منه ضيفا لأسبوع نهضة شهداء الكنيسة بليبيا الذى يعقد هذه الأيام فى ذكرى استشهاد الأقباط على يد داعش.
حكاية الآنبا متياس الذى أقاله صقور المجمع المقدس
تعود قصة الآنبا متياس إلى سنوات عصر البابا شنودة الثالث، التى كان يسيطر فيها التيار الكنسى التقليدى أو تيار الصقور المتشدد على مجريات الأمور فى الكاتدرائية، وفى تلك الأثناء تم اتهام الانبا متيا بالخروج عن طوع الكنيسة وبمخالفته الفكر الأرثوذكسى، ووقتها عقد له المجمع المقدس جلسة محاكمة، ألقى خلالها بعمامته إلى البابا شنودة، وقال له «عمامتكم أهى»، ثم غادر المكان، وسافر إلى الولايات المتحدة، إى إنه من تقدم باستقالته أثر هذا الخلاف،
أرسل الأنبا متياس يوم 24 مايو 2004، رسالة إلى قداسة البابا شنودة الثالث، يطلب فيه إشراف الأنبا بيشوى على إيبارشية المحلة، وقال فى نص رسالته: «نظرًا لكثرة الأعباء الرعوية فى إيبارشية المحلة الكبرى وتوابعها، والمستمرة فى الزيادة، ونظرًا لظروفى الصحية التى تنحدر يومًا بعد يوم»، وعليه ناقَش البابا الراحل هذا الطلب مع أعضاء المجمع المقدسة فى جلسة 29 مايو 2004 ولم يعترض أحد على الأمر، وتمت الموافقة عليه. وفى جلسة 18 يونيو 2005 أعلن البابا شنودة، أنه وصله خطاب من الانبا متياس يقول فيه: «أرجو أن تقبلوا استقالتي، وإعفائى تمامًا من أى مسئولية رعوية اعتبارًا من اليوم، وتقوموا قداستكم بتدبير أمور الإيبارشية»، وأن قداسته قبل هذه الاستقالة. وقد قبل المجمع المقدس الاستقالة بعد أن عرض قداسة البابا أخطاء الأنبا متياس، وتوصيات لجنة شئون الإيبارشيات، وقد وقَّع عليها 77 أسقفًا.
وبناءً عليه قرر المجمع قبول استقالة نيافة الأنبا متياس أسقف المحلة من عمل الأسقفية، مع إعلان خلو كرسى هذه الإيبارشية لسيامة أسقف جديد لها.
إلا أن الأنبا بيشوى مطران كفر الشيخ الراحل والذى كان يتولى منصب سكرتير المجمع المقدس ورئيس لجنة المحاكمات الكنسية كان له رأيا مخالفا، وفقًا لما تم نشره فى مجلة الكرازة وهى مجلة الكنيسة الرسمية، فى العددين 19 و20 لعام 2005، فإن البابا شنودة هو من أعفاه من الخدمة، ومنعه من ممارسة أى عمل رعوى أو أسقفى أو تعليمى.
وذكرت صفحات المجلة أنه واجه اتهامات حول الخلافات العقائدية، استنادًا إلى أفكاره التى ترى أن الكنيسة الأرثوذكسية وباقى الكنائس واحد والخلافات بينهم هامشية، ويجب التقارب بينها، وهى نفس الأفكار التى يتبناها تيار الإصلاح الكنسى على رأسه قداسة البابا تواضروس الثاني.
وفى تلك الأثناء عمم المجمع المقدس القرار، ومنع توزيع شرائط عظات الأنبا متياس داخل المحلة وخارجها، وعدم طبع كتب تحمل تعاليمه إلا بقصد تصحيح هذه التعاليم، وبإذن من قداسة البابا أو اللجنة المجمعية للتعليم والإيمان والتشريع، كذلك تصحيح مفاهيم شعب المحلة الكبرى حول الإيمان السليم بكل وسائل التعليم المُتاحة، وبألا يقوم بالخدمة الكهنوتية خارج دير السيدة العذراء (السريان)، إلا فى حدود يسمح بها قداسة البابا، وألا يقوم بالتعليم بصفة عامة.
وبعد سنوات من سفره إلى الولايات المتحدة للإقامة، عاد الأنبا متياس للظهور فى مدينة دالاس، فى جنوب أمريكا وهى الايبراشية التى يتولى إدارتها الانبا يوسف، وشارك فى سيامة كاهن هناك، رغم قرار المجمع المقدس الذى يمنعه من ذلك
كذلك فإن الأنبا متياس قد سبق وشارك فى صلوات تجلس البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وقد فتح الانبا بنفوتيوس مطران سمالوط آنذاك مع البابا الجديد ملف عودة الأساقفة الموقوفين وبالفعل نجح فى التوسط لإعادة الانبا تكلا أسقف دشنا، والانبا دانييل أسقف سيدني، إلا أن تلك المساعى تعرقلت فى حالتى الانبا متياس أسقف المحلة والانبا امونيوس أسقف الأقصر الذى قرر استكمال باقى حياته منعزلا فى دير الانبا بيشوى بوادى النطرون.
وخلال زيارته الحالية لمصر، تفقد الانبا متياس ديره الذى ترهب فيه وهو دير السريان واستقبله رهبان الدير ورئيس الدير بترحاب كبير.
من هو الأنبا متياس الأسقف الموقوف؟
والتحق الأنبا متياس بالرهبنة فى 18 ديسمبر 1977، وهو من أبناء دير السريان، بوادى النطرون، وكان الاسم العلمانى للأسقف هو ماهر ونيس، وبعد الرهبنة أطلق عليه أبونا الراهب القمص متياس السريانى، وسيم أسقفًا فى 18 يونيو 1989، وشارك فى لجنة الإيمان والتعليم والتشريع، لجنة الطقوس.
وهو من مواليد قوص، قنا فى 20 يونيو 1952، وحصل على بكالوريوس الزراعة عام 1974 وكان خادمًا بالتربية الكنسية فى قوص بقنا.
وسُيم قسًا فى 4 يناير 1979، وانتدبه قداسة البابا شنودة الثالث للخدمة ورعاية الأقباط فى أمريكا عام 1987 (فى منطقة دالاس بولاية تكساس، وقضى سنتين واهتم ببناء كنيسة هناك).