على الرغم من أن فرص الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تبدو كبيرة للغاية للاحتفاظ بعرش البيت الأبيض، في الانتخابات الرئاسية والمقررة في نوفمبر المقبل، إلا أن ثمة تطورات مفاجئة يمكنها أن تقلب الأمور رأسا على عقب، في ظل التغييرات التي تشهدها الساحة العالمية في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها انتشار فيروس "كورونا"، والذى أصبح بمثابة الكابوس الذى يجابه المواطنين في كل أنحاء العالم، بسبب الهالة الكبيرة التي جعلت منه شبحا، يمكنه الإطاحة بأنظمة وزعماء، إذا ما فشلوا في السيطرة على زمام الأمور.
الرئيس الأمريكي يبدو مطمئنا إلى درجة كبير، وهو ما بدا في تصريحاته، وآخرها التغريدة التي رصدت حقيقة مفادها أن الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض الأنفلونزا الموسمية، في العام الواحد، تبقى أكبر بكثير من كورونا، بالإضافة إلى حديثه السابق عن قدرة الولايات المتحدة على مجابهة ومنع انتشار المرض، إلا أن التصريحات الواثقة ليست المؤشر الوحيد على قدرة الإدارة الأمريكية على السيطرة، فهناك بالتأكيد قدر من المخاوف تجلت بوضوح في اختيار نائب الرئيس مايك بنس، ليكون المسئول الأول عن هذا الملف.
ولعل اختيار بنس، والذى يعد أحد أكثر الموثوق بهم في إدارة ترامب لإدارة الملف الشائك، يمثل انعكاسا ضمنيا لمخاوف كبيرة لدى الرئيس، ربما ليس من الفيروس نفسه، بقدر القلق من توقيت انتشاره، والتي تتزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والتي يصفها قطاع كبير من المتابعين بأنها ربما تكون الأشرس في تاريخ الولايات المتحدة، في ظل الصراع الشرس الذى هيمن على حقبة ترامب الأولى مع خصومه الديمقراطيين في السنوات الماضية، والتي انتهت كلها بانتصارات متتالية لسيد البيت الأبيض، كان أخرها في حملة العزل التي أطلقتها رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى.
وهنا يمكننا القول بأن كورونا أصبح بمثابة فرصة جديدة للديمقراطيين لملاحقة الرئيس الأمريكي، في المرحلة المقبلة، في ظل تحديات كبيرة يواجهونها، لا تقتصر على مجرد صعود شعبية ترامب، وإنما تمتد إلى داخل الحزب الديمقراطى نفسه، وهو ما يتجلى بوضوح في الانقسامات الكبيرة التي يشهدها في المرحلة الراهنة، نتيجة ظهور جيل جديد يبدو رافضا للقيادات التقليدية، والتي يمثلها بايدن، والذى أصبح الأقرب للفوز بترشح الحزب، خاصة بين الشباب الذين سبق لهم وأن أعربوا عن دعم كبير لمنافسه بيرنى ساندرز.
الرئيس ترامب ربما أدرك حقيقة الحرب التي يسعى خصومه لشنها عليه، عبر الحديث المتواتر عن الفيروس، إلى الحد الذى وصل للتشكيك في إصابته شخصيا، وهو الأمر الذى تناولته العديد من المنابر الإعلامية في الآونة الأخيرة، ليدور الحديث عن احتمالات احتجاز الرئيس في الحجر الصحى، وهو الأمر الذى ربما يحمل في طياته أبعادا أكبر من مجرد التهويل من حجم الأزمة، عبر إرهاب المواطنين الأمريكيين، ودفعهم نحو إعادة تقييم اختياراتهم قبل انطلاق الانتخابات في المرحلة المقبلة.