تلوين البيض المسلوق، وتزيين المنزل، والاستمتاع بالحلوى والأكلات المميزة، هذه هى بعض التقاليد الجميلة للاحتفال بعيد الفصح فى السويد، وهو عطلة رسمية تستمر حتى يوم الاثنين 13 أبريل، لكن مراسم الاحتفال هذا العام ستكون مختلفًا وغير تقليدية فى السويد وكافة أنحاء العالم بسبب تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
فقد دعت هيئة الصحة العامة السويدية جميع المواطنين بتجنب السفر ومقابلة أفراد العائلة خاصة كبار السن لتقليل خطر الإصابة بفيروس "كوفيد-19"، وذلك من بين عدة نصائح أخرى، ولكن تبقى روح الاحتفالات بالعيد موجودة بوجود الأنشطة التى تناسب هذه الظروف مثل تزيين البيوت، وتلوين البيض، والاستمتاع بالحلويات وأطعمة العيد، والتواصل مع الأقارب والأصدقاء عن طريق وسائل الاتصال الحديثة.
لمحة تاريخية عن احتفالات عيد الفصح فى السويد
ونظرًا لكون الاحتفال التقليدى بمناسبة عيد الفصح، قد أصبحت من الذكريات هذا العام بسبب قيود التباعد الاجتماعى الناتجة عن تفشى فيروس كورونا، فإن بوابة "السويد" الرسمية الناطقة باللغة العربية، التى تدار من قِبل المعهد السويدى فى ستوكهولم، سلط الضوء على اللمحات التاريخية لاحتفالات عيد الفصح عبر تقرير يرصد أبرز عادات الأسر السويدية للاحتفال بهذه المناسبة.
ويقول التقرير "يتم الاحتفال بعيد الفصح فى تواريخ مختلفة كل عام، ولكنه دائمًا ما يكون فى يوم الأحد ما بين 22 مارس و25 إبريل، وعادة تبدأ عطلة الفصح فى السويد يوم الجمعة التى تسبقه، وتنتهى مساء يوم الاثنين الذى يليه، وإن تحديد يوم الفصح يعتمد على قاعدة كنسية تم وضعها عام 325، هى: "يجب أن يكون عيد الفصح أول يوم أحد بعد اكتمال القمر، بعد الاعتدال الربيعى".
وتحتفل السويد بعيد الفصح منذ القرن الثانى عشر، والفصح هو أهم الأعياد الدينية المسيحية، ليس فى السويد وحدها، وإنما حول العالم وباختلاف كنائسه، وفى العام 1844 أصبح عيد الفصح عطلة رسمية فى السويد، وظل الاحتفال ذا طابع دينى يستذكر صلب وموت وقيامة المسيح حتى نهاية العقد السادس من القرن العشرين على وجه التقريب، عندما بدأ الناس يتحولون باحتفالاتهم بعيد الفصح من الشكل الدينى الكنسى، إلى الشكل المدنى الاجتماعى.
وأضاف "لقد كان سائداً فى أوقات مضت أن يصوم غالبية السويديين الأربعين يوماً التى تسبق عيد الفصح، ومع حلول عيد الفصح كان الناس يحتفلون بانتهاء الصيام، لكن الصيام هو الآخر تراجع فى المجتمع السويدى بشكل كبير بسبب بعده الدينى".
من الكنيسة إلى منزل العائلة
إن الغالبية العظمى من السويديين اليوم يحتفلون بعيد الفصح فى إطار عائلى فى المنازل، وعيد الفصح هو أول عطلة نهاية أسبوع طويلة فى فصل الربيع، وهذا يعنى بالنسبة للكثيرين أول رحلة يقومون بها إلى منزل العطل الريفى، والذى كان على الأغلب مغلقاً طوال فصل الشتاء.
وعلى الرغم من اختلاف العادات والتقاليد المتبعة فى إحياء ذكرى المسيح بين البلاد غير أن الهتاف بتحية عيد الفصح (فصح سعيد) أو Glad påsk باللغة السويدية، وتزيين المنازل، وتلوين البيض، وأرنب الفصح، هى من العادات الاجتماعية المرتبطة بالفصح فى السويد كما حول العالم.
زينة عيد الفصح فى السويد
خلال عيد الفصح يقوم الكثيرون بوضع أغصان أشجار البتولا للزينة، ويتّم تثبيت ريش بألوان مختلفة على الأغصان. كما تُزين المحال والمجمعات التجارية، ويتم الاهتمام بكل ما له علاقة بالفصح، من أغطية الطاولات والمحارم بألوانها الزاهية، فروع الأشجار مع الريش الملون لا يكاد يخلوا منها بيت سويدى، رمزية الصيصان والأرانب والأفراخ ترتسم هى أيضاً فى زينة الفصح التى تتميز بطابعها اليدوى فى قسم كبير منها.
وتجدر الاشارة إلى أن زينة الفصح هذه مرتبطة لدى السويديين بدرب آلام المسيح، الذى جلب إلى مدينة القدس مثبتاً على صليب، وقد نثر جريد النخيل فى طريقه وفى أيدى من اصطفوا على الطريق. ولعدم توفر جريد النخل فى السويد فقد استخدمت بدلاً عنه أغصان البتولا التى علق عليها الريش الملون.
ساحرات عيد الفصح
عادة ما تغلق المدارس فى السويد أبوابها خلال أسبوع الفصح، فهى فرصة للصغار كما للكبار للاستمتاع بالوقت مع العائلة، والتمتع بأول عطلة ممتدة لعدة أيام مع نهاية الشتاء السويدى ولياليه الطويلة المظلمة.
ولعل واحدة من العادات التى تجعل للاحتفال بعيد الفصح فى السويد نكهة متميزة مقارنة بغيرها من الدول حول العالم هو تقليد ساحرات الفصح، الذى يرتدى فيه العديد من الأطفال ملابس تنكرية هى ملابس الساحرات، ويضعون على رؤوسهم أوشحة وقبعات ملونة، ويرسمون على خدودهم باللون الأحمر، ثم يتجولون فى الأحياء المجاورة، ويتنقلون من منزل إلى آخر فيقومون بتقديم اللوحات والرسومات للسكان آملين من خلال ذلك الحصول على بعض الحلوى.
ومن الطرق المميزة لمشاركة الآباء والأطفال الوقت الممتع، هى البحث عن بيض الفصح المخبأ. إذا تملأ بيضات من الكرتون المزركش بالحلويات وتخبأ بعيداً، ثم يعطى الأطفال بعض الأدلة أو خريطة لمساعدتهم على إيجادها.
مائدة عيد الفصح فى السويد
بالنسبة للكثيرين، فإن عيد الفصح وتناول الأطعمة الشهية يسيران جنباً إلى جنب، وفى الواقع، عيد الفصح هو ثانى أكبر عطلة نهاية أسبوع للاستمتاع بالطعام بعد عيد الميلاد، أما محور معظم وجبات عيد الفصح فى السويد، فإنها تدور حول البيض مرافقاً بطبق أسماك الرنجة المخللة التقليدى، إضافة إلى صاحب الشهرة فى السويد، شرائح أسماك السالمون المٌمَلح، وطبق Janssons Frestelse، وهو عبارة عن خليط من البطاطس والبصل واسماك الأنشوجة المطهية بالكريمة، أما على العشاء فيقدم لحم الضأن المشوى مع البطاطس المحمرة والجبن المبشور، ولوبياء، والهليون، وأطباق أخرى جانبية.
ولا ننسى طبعاً مشروب الفصح (Påskmust) وهو مشروب غازى غير مخمر من الفواكة أو التوت، وبغض النظر عن التسميات فإن محتويات مشروب الفصح، هى نفسها محتويات مشروب عيد الميلاد، الذى يصعب إيجاده فى الأسواق فى غير هاتين الفترتين من السنة.
ويلاحظ هنا أن مائدة الفصح السويدية مازالت تتمحور حول الكثير من البيض كطبق رئيسى، حيث يصل استهلاك الأسرة السويدية من البيض خلال أسبوع الفصح إلى ضعف استهلاكها الطبيعى، عدا عن استخدامه للرسم والتزيين، والحقيقة أن جذور هذا التقليد تعود إلى الزمن الغابر فى المجتمع الزراعى السويدى الذى كان سائداً فيه صيام الأربعين التى تسبق الفصح، فكان بيض الدجاج يتجمع خلال هذه الفترة فى قن الدجاج، حتى إذا ما جاء يوم الفصح وانتهى الصيام وجدت العائلة السويدية المزارعة أمامها كميات كبيرة من البيض لأكلها.
تناول المزيد من الحلويات
وعرف السويديون تناول السكاكر والحلويات فى عيد الفصح منذ القرن الثالث عشر، والسكر حينها كان غالياً، وكان يُنظر إلى الحلوى على أنها شىء احتفالى للغاية، وعلى الرغم من حقيقة أن الحلوى لم تعد باهظة الثمن كما فى السابق، فقد ظل تقليد تناول الحلويات فى عيد الفصح قائماً، حيث يتم بيع حوالى 6000 طن من السكاكر السويدية الشهيرة على مستوى دول الشمال خلال أسبوع عيد الفصح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة