أتفهم جيدا دوافع الكنيسة الأرثوذكسية فى السماح بإقامة صلوات الأكليل، التى تتم من خلالها مراسم الزواج، باعتبار الزواج أحد أسرار الكنيسة المقدسة، ولا يتم إلا من خلال مراسم وطقوس معينة، إلا أننى أتصور أن الكنيسة تعجلت فى هذا القرار، خاصة أن أعداد المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد مازالت فى تزايد مستمر، ولم تتراجع حدتها كما كان متوقعا، بالإضافة إلى أنه مع كل الاحترام للزاوج كمظهر اجتماعى ودينى مهم سواء للمسلمين أو الأقباط، إلا أنه لا مشكلة على الإطلاق من تأجيله لشهر أو شهرين أو حتى 6 أشهر، فنحن ننادى باستعادة عمل المصانع وخطوط الإنتاج التي بدونها تتوقف الحياة وتضعف عجلة الاقتصاد، بينما الصلوات فى المساجد أو الكنائس والزواج وغيرها من هذه الطقوس، لن تؤثر على الحياة إذا توقفت لفترة قصيرة أو متوسطة فى سبيل تحجيم انتشار الوباء وخوفا على صحة وسلامة المجتمع.
البعض سيخرج ويقول إن الكنيسة حددت العديد من الضوابط الهامة التى تخص القرار، وقد أكدت ضرورة ألا يزيد المدعوون عن 6 فقط، مع أب كاهن واحد وشماس واحد، وتطبيق كافة الإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا، إلا أن هذا الأمر على أرض الواقع يستحيل تطبيقه، فأين تذهب أسرة "العريس والعروسة"، وأين يقف المدعوون والأقارب والأصدقاء، بل أكثر من ذلك هل سنحتسب مصور الفيديو والفوتوغرافيا ضمن الـ 6 التى قصرت الكنيسة الحضور عليهم، خاصة أن الكل سيسعى إلى توثيق هذه اللحظات بالتصوير والفيديو، أم أننا لم نضع كل هذه الاعتبارات عند مناقشة القرار.
العالم كله يبحث عن عودة المصانع وحركة الطيران وبعض التجارة والقليل من السياحة، حتى لا يستيقظ الجميع على أزمات اقتصادية ضخمة ومجاعات لا يمكن أن نتحمل نتائجها، ولم ينشغلوا كما ننشغل بعودة فتح المساجد أو إقامة الطقوس الدينية والصلوات وغيرها، انطلاقا من أن العبادات والصلوات علاقة خاصة جدا بين الإنسان وربه، وليست قاصرة على الإطلاق عند فكرة الجامع أو الكنيسة، ويمكن للإنسان أن يمارسها فى أى مكان، دون أن يغامر بحياته أو بسلامة المجتمع، لذلك علينا أن ندرس ابعاد القرارات جيدا وندرك أن عودة الحياة وفتح المجال مرة أخرى أمام الناس يحتاج لدراسة، وأن تكون كل خطواتنا محسوبة جيدا، فالأمر لا يحتمل التجارب الخاطئة.