يعيش العالم حالة صعبة، هذا أقل ما توصف به هذه الأيام التى انتشر فيها فيروس كورونا وراح يهدد الجميع ويدفع الناس للخوف، أو لو شئنا الدقة لمزيد من الخوف، حتى أن البعض راح يفكر فى نهاية العالم، وبالتالى قفز الفكر الأصولى بقوة ليطرح أسهمه ويدلى بدلوه فى هذه الأزمة.
لا جديد فى الأصولية
أول الملاحظات فى هذا الأمر أن التفكير الأصولى، وهو أمر متوقع، لم يحدث أى تغيير فى طريقته، لا يزال يستخدم آلياته القديمة فى الحشد وتحويل الأمور إلى مظاهرة انطلاقا من كون ما يحدث لنا هو غضب إلهى.
الكل واحد فى الأصولية
أما الملاحظة الثانية فى هذا الأمر فهى أن الكل واحد فلا يختلف رجل يعيش فى مجاهل العالم عن رئيس أكبر دولة فى العالم، فقد انطلقت الدعوات المختلفة تطالب العالم بالعودة إلى الله، وراحت آيات قرآنية بعينها تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعى منها "انتشر الفساد فى البر والبحر بما فعلت أيدى الناس".
ورأينا جميعا ما فعله سلفيو الإسكندرية الذين راحوا يخرجون مكبرين مهللين كأنهم سوف يفزعون الفيروس بصوتهم العالى، وبما يذكرنا أيضا بما كان يحدث فى التاريخ القديم، عندما كان الناس يواجهون الاحتلال بهتافهم "يا نجى الألطاف نجنا مما نخاف".
كذلك سمعنا وشاهدنا دعوة الرئيس الأمريكى ترامب، الذى دعا الناس للصلاة وخصص يوما محددا للصلاة، وقال أحد المرافقين له، لا حل سوى العودة للكتاب المقدس.
بالطبع نحن لسنا ضد الصلاة ولا الدعاء، لكن رب الصلاة والدعاء هو الذى طالبنا بالبحث عن حلول مباشرة وأسباب واقعية.
عودة الأفكار المتطرفة
من الملاحظات أيضا أننا بدأنا نقرأ ونسمع بكثرة عن الطوائف الدينية المتطرفة وأفكارها، ومن ذلك ما تقوم به طائفة "الحريديم" اليهودية فى إسرائيل، والمتهمة بعملها على انتشار فيروس كورونا بسبب عدم إطاعتها للوقاية اللازمة وذلك لإيمانها بأن الأمراض هى ابتلاء من الله لا تجوز مقاومتهن بما يذكرنا بتصرفات الكنيسة الأوروبية فى العصور الوسطى.
ووصل الأمر إلى أن استضافت جماعة هندوسية حفلا لاحتساء بول الأبقار لاعتقادها أنه يقى من فيروس كورونا لأن كثيرين من الهندوس يعتبرون الأبقار مقدسة ويؤمن بعضهم أن لبولها خصائص علاجية.
كل هذه الأمثلة تؤكد أن العالم لا تزال تحكمه الأصولية وتسيطر عليه بقوة وأن مواجهة كل ذلك ليس بالأمر السهل.