فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لمحاربة فيروس كورونا المستجد بكل ما لديها من قوة، عن طريق إجراءات فنية منظمة على كل المستويات، عمليات تطهير وتعقيم واسعة تتولاها العديد من المؤسسات، فرق طبية وصحية ومستشفيات، حملات توعية غير مسبوقة وجهد من وسائل الإعلام لم نشهده من قبل، إلا أن الأصدقاء في "المحليات" تركوا القمامة تتراكم فى الشوارع، حتى صار الذباب فى كل مكان.
الذباب الذى يزحف على المنازل ويملأ الشوارع، ظهر مختلفا ومن الحجم الكبير، نتيجة أنه يتغذى على صنادق القمامة الممتلئة فى الشوارع بالمناطق الراقية قبل الشعبية والعشوائيات، فالوضع الراهن يحتاج إلى تدخل سريع من المحليات والأحياء، التى نعلم جميعا إنشغالها بتطبيق تعليمات حظر التجوال، ومعاونة وزارة الصحة فى مواجهة فيروس كورونا، بالإضافة إلى الكثير من الملفات المفتوحة والعالقة لديها، لكن أتصور أن عودة سيارات رش الشوارع لمواجهة الناموس والذباب بات ضروريا، ويمكننا أن نستغل فترة الحظر وخلو الشوارع لتطهيرها من هذه الحشرات، التي تساهم في نقل أمراض ووبائيات لا حصر لها، وليست لدى معلومات إن كانت تنقل كورونا أم لا، لكنها قد تنقل أمراضا أشد فتكا وخطورة على صحة الإنسان.
مشكلة تراكم القمامة لا توجد فى القاهرة الكبرى فقط، وإن كانت العاصمة الأكثر تضررا، إلا أن أغلب محافظات الجمهورية تعانى نفس المشكلة، فقد جاءتنى عشرات الشكاوى من تجمعات القمامة فى مناطق مختلفة سواء فى الوجه البحرى أو الصعيد، الكل يعانى من أن جامعى القمامة لا ينظفون الشوارع بصفة منتظمة، إلى جانب حصول عدد كبير منهم على إجازات نتيجة حظر التجوال والإجراءات التى اتخذتها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا، وكان من بينها تخفيض أعداد العاملين وساعات العمل.
لا أحد ينكر أن العاملين فى جمع القمامة يقدمون للإنسانية عمل عظيم يزيد في أهميته عن أى عمل إدارى أو إجرائى، فهم الفئة الوحيدة التى إذا توقفت عن العمل، ستتحول الشوارع إلى أكوام من القاذورات والقمامة، لذلك أدعو الحكومة وأجهزة الحكم المحلى، وكل المسئولين عن هذه الفئة بضرورة تقديم الدعم اللازم لهم ورفع مستواهم المادى بصورة تتناسب مع ما يقدمونه من جهد، بالإضافة إلى توفير أدوات الوقاية والتعقيم اللازمة لحمايتهم من فيروس كورونا المستجد، فهذه الفئة تقدم عطاء لا محدود ويجب دعمها ماديا ومعنويا، حتى تمارس دورها على الوجه الأكمل.