عرف التأمين فى مصر فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر نتيجة للتطورات الاقتصادية والسياسية خلال هذه الفترة، حيث ترتب على الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 فرض التبعية الإقتصادية عليها فتحولت البلاد إلى حقل كبير لزراعة القطن وبيعه بأثمان زهيدة لمصانع الغزل والنسيج فى انجلترا وأصبحت سوق لتصريف المنتجات البريطانية .
و قد أنشأت الموانئ ومدت السكك الحديدية ومهدت الطرق وبنيت المحالج ، وأقيمت المخازن على أرصفة الموانى وذلك لنقل القطن من داخل البلاد وتصديره الى إنجلترا ، فظهر تبعاً لذلك الحاجة لأنواع مختلفة من التأمين منها تأمين الحريق وتأمين النقل ،و كان لذلك أكبر الأثر فى ظهور التأمين فى مصر نظرا للسيطرة التامة على إستغلال إقتصادياتها ، وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية تدفقاً هائلاً حتى أصبح رأس المال الأجنبى يمثل حينئذ 91 %من إجمالى الأموال المستثمرة فى مصر.
واستطاع الأجانب بأموالهم وبخبراتهم إحكام السيطرة على الإقتصاد المصرى ، كما أخذ عددهم فى التزايد بدرجة كبيرة وبصورة ملموسة ، و زاد عدد فروع وتوكيلات شركات التأمين البريطانية فى مصر زيادة كبيرة ، ولم تكن هناك أية قوانين أو تشريعات تحد من إنشاء هذه الفروع أو تراقب أنشطتها ، ومع مطلع القرن العشرين بدأت الشركات المشتركة تظهر فى مصر.
وفى عام 1900 قام البنك الأهلى المصرى بتأسيس أول شركة تأمين فى مصر وهى شركة التأمين الأهلية المصرية التى كان الأجانب يمتلكون الغالبية العظمى من رأسمالها وكان الإكتتاب فيه بالجنيه الإسترلينى وظلت هى الشركة المصرية الوحيدة حتى عام 1928.
ولم يكن مجلس إدارة الشركة يضم أي عنصر مصري وظل هذا الوضع عشرات السنين وظلت الإدارة الفعلية في أيدي الأجانب حتى صدرت قوانين التمصير في عام 1957 وبعد إصدار قوانين التأميم فى يوليو 1961 أصبح مجلس الإدارة مصريا وبدأ إشتراك العاملين في مجلس إدارة شركة التأمين الأهلية بعد صدور القانون رقم 114 لسنة 1961 والذي أعطى للعاملين حق انتخاب اثنين لتمثيلهم فى مجلس الإدارة .
وفى أعقاب ثورة 1919 ومع تزايد المد الوطنى ، بدأت شركات مصرية أخرى تدخل الميدان حيث أقدم إحدى الشخصيات المصرية المشهورة آنذاك وهو على أمين يحيى باشا من رجال الأعمال على تأسيس شركة إسكندرية للتأمين عام 1928، وقد أقدم على هذا العمل بمشاركة أجانب هم: إميل نسيم عدس، وإميل داود عدس، وإدوين جعار، والبرت مزراحي، وجوستاف إجيون، وروبير رولو، ثم تأسست شركة الشرق الأوسط للتأمين عام 1931 ثم أنشأت شركة الشرق للتأمين في عام 1933، وشركة الادخار عام 1946 وشركة الاقتصاد الشعبى، وشركة النيل للتأمين عام 1947 وخلال هذه الفترة تضاعف عدد شركات التأمين الأجنبية المتواجدة في سوق التأمين المصري عن طريق إنشاء الفروع والتوكيلات حيث تجاوز عددها 130 فرعاً وتوكيلاً حتى منتصف الخمسينات وذلك بخلاف جماعة اللويدز للتأمين بالإكتتاب البريطانية التى كانت تزاول عمليات التأمين بواسطة السماسرة التابعين لها وكان عددهم فى ذلك الحين 20 سمسارا.
وبطبيعة النشاط الذى تمارسه فإن شركات التأمين كانت شديدة التأثر بكل ما حدث على مدى سنوات الحرب العالمية الثانية من عام 1939 الى عام 1945 ، ففى التأمينات العامة كان تأثير الحرب كبيراً وخاصة فى عام 1940 حيث إرتفعت أخطار الحرب والأخطار البحرية وكثرت الحوادث وعلى الأخص حوادث السيارات كما زادت تكاليف الإصلاح مما أدى الى زيادة كبيرة فى حجم التعويضات حينذاك.
وفى هذه الفترة لعبت شركات التأمين فى مصر دورا هاماً وخاصة شركة مصر للتأمين فى تغطية العديد من الحوادث التى وقعت فى هذه الفترة وأصبح لها وجود فعال ومؤثر ، ومع بداية النصف الثانى من القرن العشرين تأسست شركتين مصريتين هما شركة التأمينات المصرية عام 1951 وشركة القاهرة للتأمين عام 1955.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة