تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الاثنين، العديد من القضايا المهمة، أبرزها خاطئ من يعتقد أن العالم سيعود، بعد تلاشى وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، إلى نبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة، فقد أثبتت هذه الجائحة أن عدداً من دول العالم متمسكة بخياراتها على الرغم من حدة الوباء.
مأمون فندى
مأمون فندى: الانتخابات الأمريكية وإنتاج لقاح للوباء
قال الكاتب فى مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، فى حديثه الأخير أمام الكونجرس عن حالة الاتحاد فى فبراير الماضى، قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنَّ حالة الاقتصاد الأمريكي في عهده هي الأفضل في تاريخ أمريكا كلها. طبعاً هذا تصريح غير دقيق، فمثلاً وصل النمو الاقتصادي عام 2019 في الربع الأخير إلى 2.1%، وهو رقم أقل بكثير مما حققه الاقتصاد في عهد أوباما، خصوصاً 2014، حيث وصل معدل النمو إلى 5.5 فى الربع الثاني من العام. ومع ذلك لا يمكن إنكار تحسن حالة الاقتصاد الأمريكي في عهد ترامب. فقد كانت هناك مؤشرات كثيرة على تقدم الاقتصاد الأمريكى؛ من نقص البطالة، وارتفاع مؤشرات البورصة، بشكل متكرر، أخاف الحزب الديمقراطي المنافس لترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن اقتصاد ترامب مُني بكارثتين: الأولى كانت حربه التجارية على الصين، والكارثة الثانية هي فيروس "كورونا"، الذي استخف به ترامب في البداية، ولم يهتم، حتى وصلت نسبة انتشار العدوى في أمريكا لدرجة وضعتها على قمة العالم من حيث انتشار المرض.
أمريكا الدولة العظمى عسكرياً، والعظمى فى تعداد المصابين بالفيروس، متفوقة على الصين وإيطاليا. ووصل الاقتصاد الأمريكى بعد انتشار العدوى إلى حالة من الانهيار، اقتربت من حالة "الكساد الكبير"، فعلى ماذا يراهن دونالد ترامب ليكسب مدة رئاسية ثانية؟ ترامب في ورطة الآن بلا شك، ولا ينقذه منها إلا ظهور لقاح لفيروس "كورونا" قبل الانتخابات، ليس هذا وحسب، وإنما قدرته على توصيل اللقاح إلى المواطنين الذين يحتاجونه. ربما يستخدم ترامب الجيش وكل أجهزة الدولة المتاحة له لتوصيل اللقاح إلى كل الولايات، أو على الأقل إلى الولايات الجمهورية التى أوصلته للبيت الأبيض فى الانتخابات الماضية. فهل يستطيع فعل هذا؟ الديمقراطيون على الناحية الأخرى لم يكن لديهم مرشح قوي يطرح بديلاً لترامب لو استمر الاقتصاد بالتقدم ذاته في معدلات النمو، وانخفاض نسبة البطالة. المرشح الديمقراطي جو(جوزيف) بايدن، متقدم في السن، وعليه ملاحظات كثيرة، بعضها يتعلَّق بسلوكه الاجتماعي تجاه بعض النساء، والبعض الآخر يتعلق بشركة خاصة بابنه ظهرت أثناء تحقيقات الكونجرس في عملية عزل ترامب. فرصة بايدن أيام التصويت على العزل لم تكن عالية، ولكنه الآن متقدم بـ6 نقاط على ترامب في كل استطلاعات الرأي على مدى ثلاثة شهور، ما أقلق فريق ترامب.
ليلى بن هدنة
ليلى بن هدنة: "كورونا" وضجيج التراشق
قالت الكاتبة فى مقالها بصحيفة البيان الإماراتية، خاطئ من يعتقد أن العالم سيعود، بعد تلاشي وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، إلى نبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة، فقد أثبتت هذه الجائحة أن عدداً من دول العالم متمسكة بخياراتها على الرغم من حدة الوباء، فالصدمة فقط بأرقام الوفيات والإصابات والتخبط فى إيجاد اللقاح الشافي، فالعالم لم يبتعد عن ضجيج التراشق، ومحاولة تسييس الوباء والقضاء على البقية الباقية من التضامن والوحدة فى التعامل مع ما يطرأ من تحديات تهدد الحياة، فالكابوس فظيع لا يعلم أحد إلى أين سيمضي بالبشرية.
للأسف ألقى الخلاف الصيني الأمريكي بشأن منظمة الصحة العالمية وفيروس كورونا المستجد وقضايا تجارية أخرى، بظلاله على مسودات أممية لتبني تحرك دولي في مواجهة الجائحة العالمية، وتحقيق التقارب والتعاون خاصة في مجال مكافحة انتشار الوباء، بالرغم من الدعوات لعدم تسييس هذا الملف الوبائي أو استخدامه في الصراع أو التنافس المتعدد الأشكال، لابد أن يعي الجميع أن "كورونا" وباء يُنذر بتفاعلات سياسية جديدة تقتضي تحسين إدارة لعبة الشطرنج، لا بد أن لا يستسلم الجميع الى أمرين: إما التهوين من خطر فيروس كورونا، أو استثمار هذا الخطر لإحياء خلافات قديمة، فالعلاقة الصينية الأمريكية ظلت متغيرة ومتقلبة في السنوات الأخيرة، وبعد هذا الوباء، يجب أن تدخل هذه العلاقة مساراً صحياً مستقراً بما يساهم في مواجهة الوباء وتبعاته بحنكة سياسية بعيدة عن التجاذبات التي كانت سبباً في تعطيل قرار أممي مهم لخلق جبهة موحدة لمواجهة الوباء.
مفتاح شعيب: الاحتلال والمفلس نتنياهو
قال الكاتب فى مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عجلة من أمره لضم المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، فما إن عرضت الحكومة الجديدة التي شكلها مع منافسه زعيم تحالف "أزرق-أبيض" بيني جانتس على الكنيست، حتى سارع إلى التذكير بوعده المعلن سابقاً بضم المستوطنات، زاعماً أنها خطوة "تقرب السلام ولا تبعده"، وهي عبارة لا معنى لها ولا قيمة قياساً بما ورد في الخطاب من تهجمات ومغالطات ونفاق.
لم يختلف الكلام الذي ساقه نتنياهو في جلسة صاخبة داخل الكنيست عما كان يتلفظ به طوال السنين الماضية، فقد تعهد مراراً وتكراراً بفرض سيادة إسرائيل على غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، كما توعد بمصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية، وفرض إجراءات إضافية لتهويد القدس، وتشديد الخناق على قطاع غزة. ولم يكن منتظراً من رجل غارق في الشعبوية والتطرف والأوهام الصهيونية أن يفكر خارج هذا التيار، أو ينقلب على سيرته الملطخة بالجرائم والمفاسد. واستكمالاً لكل ما سبق، تهجم نتنياهو على محكمة الجنايات الدولية، معتبراً أنها "غير نزيهة"، ومدعياً أن جريمة إسرائيل تتمثل في بناء روضة أطفال في مستوطنة "جيلو" قرب القدس المحتلة، ومنازل في مستوطنة "شيلو" بين رام الله ونابلس. وبهذا التبسيط الوقح، سعى نتنياهو إلى التهوين من كل الجرائم المسجلة والاقتصار على "منازل وروضة أطفال"، متجاهلاً أن الأرض التي أقيمت عليها تلك المستوطنات مغتصبة، وأن المستوطنين لصوص ومعتدون، بينما أصحاب الأرض الحقيقيون أصبحوا مشردين ومهجرين داخل وطنهم وخارجه، وأن جريمة العصر المتمثلة في الاحتلال لا تزال مستمرة، وتظهر المناسبات المختلفة أن الجرح لم يندمل والحق لن يسقط بالتقادم مهما بغى الظالم وتجبر معه حلفاؤه وعملاؤه على السواء.