رحبت الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية، بموافقة مجلس النواب على مشروع قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الجديد في مجموعه واحالته إلى مجلس النواب لمراجعته تمهيداً لاتمام إجراءات إصداره، وأشار شريف سامى رئيس الجمعية والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية وعضو مجلس إدارة البنك المركزى سابقاً إلى أن قانون البنوك الجديد عند إصداره ستكون له ثمانى إضافات مهمة في مجال نظم الدفع وتطبيقات التكنولوجيا المالية، مصر في أمس الحاجة لها لتعزيز تنافسيتها في هذا المجال.
وأضاف أن أول المستجدات في هذا القانون تتمثل في تخصيص باب كامل هو الباب الرابع لنظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية، ويأتي هذا التنظيم لأول مرة، حيث أن القانون السارى حالياً رقم (80) لسنة 2003 صدر منذ فترة طويلة شهدت مصر وبقية دول العالم خلالها تطورات مذهلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتطبيقات الرقمية والذكاء الصناعى، أثرت بدورها على القطاع المصرفي وعلى تقديم المنتجات والخدمات المالية من خلال قنوات حديثة، ومع ما شهدته مصر مؤخراً من قفزة في التكنولوجيا المالية المصرفية وغير المصرفية، كان من المحتم أن ينظم التشريع كل ما يتعلق بترخيص تقديم تلك الخدمات، والشروط المطلوبة في الجهات المقدمة لها، وآليات الإشراف عليها وإدارة المخطر المرتبطة بها إضافة إلى حماية حقوق المتعاملين فيها.
وأشاد شريف سامى، بما نص عليه القانون لأول مرة من إلزام البنوك بالسماح لمشغلى نظم الدفع ومقدمى خدمات الدفع بفتح حساب مصرفى يمكنها من ممارسة أعمالها وتقديم خدماتها، وهو ما يتيح المساواة في التعامل مع مختلف المشغلين، ويسمح بإيجاد صيغة نمطية للتعامل مع نظم معلومات البنوك ( API) بطريقة سهلة، وهو ما يطبق في مختلف الأسواق المالية المتقدمة، ويعتبر ركيزة هامة لتقدم تكنولوجيا المالية بها.
ونوه إلى أن المستجد الثالث هو تنظيم "وكلاء مقدمى خدمات الدفع" وإمكان الاستعانة بهم لممارسة الأنشطة المرخص بها، على أن يظل مقدم خدمات الدفع مسئولاً عن الأعمال التي يمارسها الوكيل نيابة عنه. وهو ما يساعد على انتشار خدمات الدفع ويسمح بالاستعانة بالشركات الناشئة التي تطلق تطبيقات مبتكرة أو تتخص لخدمة قطاعات معينة.
ولفت شريف سامى إلى أنه من ضمن الإضافات المهمة، ما نص عليه القانون من أن يحدد مجلس إدارة البنك المركزى اللحظة التي يتم فيها تسوية أمر الدفع ولا يجوز بعدها العدول عن تنفيذه، وذلك بهدف تعزيز الثقة في المعاملات وحسم أي خلاف فيما يخص معاملة تتضمن عدة أطراف هم الدافع والمستفيد ومقدم خدمات الدفع.
كما أكد أهمية ما استحدثته المادة (201) بالفصل الثانى "التكنولوجيا المالية" بالباب الرابع بالقانون، من السمح بإنشاء بيئة اختبار رقابية لتطبيقات التكنولوجيا المالية ( sandbox ) وإجازة الاعفاء بصفة مؤقتة من بعض متطلبات الترخيص المنصوص عليها في القانون للشركات الناشئة التي تعمل على تقديم خدمات مالية مبتكرة. وأشار إلى أن أفضل التجارب العالمية بينت أنه يصعب إلزام الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا المالية بالضوابط التقليدية للمنشآت الناضجة، كما أن التسارع في تطوير الخدمات المالية بواسطة تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعى يصعب أن تلاحقه أو تسبقه التشريعات والتعليمات الرقابية من جهات الإشراف المالى والمصرفى، لذا بدأ العالم في تبنى ما يعرف ببيئة الاختبار، لحين التأكد من مدى سلامة المنتج أو الخدمة الجديدة ومراعتها لحماية العملاء واعتبارات أمن البيانات ومدى إمكان الاعتماد عليها.
وشدد رئيس الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية على ضرورة ما حسمه القانون في المواد (203) و(204) من التأكيد على حجية الصور الالكترونية للمحررات من عقود ومراسلات وأوراق تجارية، ومن تفويض مجلس إدارة البنك المركزى إصدار قواعد المصادقة الالكترونية لأوامر الدفع وأوامر التحويل وغيرها من المعاملات الالكترونية، وكذا إصدار وتداول الشيكات الالكترونية والتسوية الالكترونية لها، وكلها أحكام تعزز من مصداقية التعامل الالكترونى وتفتح المجال لقفزات كبيرة في تيسير التعاملات وتخفيض توقيتات إجرائها وتكلفة تنفيذها.
وأوضح أن القانون راعى مدى أهمية بعض نظم الدفع في النشاط المالى في ضوء نطاق أعمالها وقيمة معاملاتها وعدد المستخدمين لها، بما يترتب عليه تأثيرها في استقرار النظام المالى في مصر، لذا نص على إمكان تصنيف البنك المركزى من خلال مجلس إدارته لنظام دفع ما بأنه ذو أهمية نظامية، على أن يتضمن القرار الصادر بذلك الواجبات الإضافية التي يتعين على مشغل نظام الدفع المشار إليه الإلتزام بها.
وأشار شريف سامى إلى أنه مع ظهور العملات المشفرة عالمياً ومنصات تداول النقود الرقمية، كان من الضرورى على هذا القانون الجديد أن ينظمها، وبالرغم مما يثار بشأنها من مخاوف وما يرتبط بها من مخاطر مرتفعة في الوقت الحالي، إلا أن القانون لم يغلق الباب في وجهها، ولكن أوجب أن تحصل مسبقاً على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، وفقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها، بما يتيح مستقبلاً وفى ضوء التطورات أن يسمح بما هو مقبول التعامل عليه أو الترويج له في السوق المصرية. لاسيما في ظل وجود عدة مبادرات عالمية حالياً لاتزال في مراحلها الأولى لتصميم واستحداث عملات رقمية تتمتع بمصداقية ويمكن تقييمها بموضوعية وتخضع للاعتبارات اللازمة من حيث الإشراف المالى وتلزم باعتبارات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.