تمر السنوات، وتتعاقب الأزمن، ويبقى الإرهاب والعنف قاسم مشترك بين الجماعات الإرهابية، التي أرادت لمصر الفوضى على مدار سنوات طويلة، لكن عناية الله وحفظه لها وعيونها الساهرة حالوا دون تحقيق ذلك.
في تسعينات القرن الماضي، كون متطرفون بؤرا إرهابية في مدينة إمبابة بمحافظة الجيزة، وخططوا لضرب البلاد بالفوضى، لكن هيهات لهم، فقد رصدتهم العيون الساهرة، وتحركت مجموعات من العمليات الخاصة بالأمن المركزي لاستهدافهم.
النقيب محسن عرفان، قائد أحد أهم المأموريات الأمنية لاستهداف الإرهابيين في إمبابة ـ في بداية التسعينات ـ كان يستقل سيارة يقودها شرطي يدعى "صبحي"، حيث أسرع نحوهم أحد الإرهابيين وألقى قنبلة عليهم، إلا أن بطولة "صبحي" وشجاعته، جعلته ينجح في إنقاذ قائد العملية من الموت، فيما أصيب "صبحي" بإصابات بالغة، ولحقت بعض الإصابات بقائد المجموعة، وفقاً لراوية اللواء أشرف يعقوب لـ"اليوم السابع" والذي كان يشغل وقتها مسئول العلاقات العامة بالعمليات الخاصة بالأمن المركزي برتبة نقيب.
نقلنا قائد المأمورية و"صبحي" للمستشفى، وقد ساهمت بطولة السائق البطل في نجاح المأمورية وإنقاذ قائدها واقتحام البؤر الإرهابية، بالرغم من القاء إرهابي القنبلة ـ يعقوب يكمل حديثه ـ فقرر وزير الداخلية ـ وقتها ـ اللواء عبد الحليم موسى، تكريم "صبحي"، وتم رصد مبلغ مالي له.
تحركت للمستشفى والتقيت "صبحي" وأبلغته بالمبلغ فرفض استلامه، وطلب مني التوجه به لشقيقته في قرية ميت يزيد بمركز السنطة بمحافظة الغربية، حيث كانت تتجهز للزواج وتحتاج للأموال، فليس غريبا على البطل الذي ضحى بنفسه أن يضحي بماله لشقيقته، وبالفعل توجهنا لمسقط رأسه وسلمناها المبلغ، وعندما عدنا للقاهرة، اكتشفنا أن روح "صبحي" ارتقت لبارئها، الكلام لـ"يعقوب".
حكاية "صبحي" تؤكد أن مصر باقية طالما هناك أبطال يضحون بالأرواح من أجل أمنها، فلا نامت أعين الجبناء.
وتنشر "اليوم السابع" سلسلة حلقات "شاهد على الجريمة" طوال شهر رمضان، حيث ترصد شهادات الضباط والمحامين والمعاصرين للجرائم التي شغلت الرأي العام، والتي كان من الصعوبة كشفها، إلا أن دهاء رجال المباحث والكفاءات الأمنية ساهمت بشكل كبير في كشف غموض هذه الجرائم القديمة، التي وقعت على مدار السنوات الماضية.
ونهدف من نشر هذه الجرائم، للتأكيد على أنه لا توجد جريمة كاملة، وأن المجرمين حتماً يقعون في قبضة الأمن مهما طال الوقت، وللوقف على الظروف التي صنعت من أشخاص عاديين مجرمين، ولتنجب الأخطاء وتفاديها، حتى لا يقع أحد فيها ويجد نفسه خلف الأسوار مثلهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة