من بين الطرق والحركات الإسلامية المنتشرة فى وقتنا الحالى هو الحركة السلفية، والمعروفون لدى البعض بأنهم أحد أكثر الفرق الإسلامية تشددا للتعاليم العقائدية، ويرفضون المساس بأى مما ذكر فى الكتاب أو السنة النبوية الشريفة، ويعتقدون أنهم يمثلون صحيح أهل السنة والجماعة.
"السلفية" منهج يقصد منه اتباع المنهج الحق، وهو منهج الصحابة ومن تلاهم من القرون المفضلة، وهم غير محصورين بأسماء أو أشخاص أو طوائف، ويدخل فيهم أتباع المذاهب الفقهية ما داموا ملتزمين بمنهج السلف الصالح من العمل بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
قال أحد الأئمة المراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة وأعيان التابعين لهم وأتباعهم وأئمة الدين، ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه فى الدين وتلقى الناس كلامهم خلفاً عن سلف دون من رمى ببدعة أو شهر بلقب غير مرض، مثل الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة والجهمية ومن على شاكلتهم.
وبحسب دراسة بعنوان "التيار السلفى: الخطاب والممارسة"، فإن السلفيين يرجعون نشأتهم إلى أيام النبى، محمد صلى الله عليه وسلم، وهم لا يختلفون فى هذا عن أغلب الفرق والجماعات الإسلامية والطرق الصوفية، إذ زعم كل منهم أنها تمثل طريق الصواب.
وبحسب عدد من المواقع الإسلامية، يرجع الكثيرون بداية الفكر السلفى لابن تيمية فى القرن السابع الهجرى مقصرين النظر عن البدايات الحقيقة لهذا المنهج، فالإمام أحمد بن حنبل أحد ملهمى المذاهب الأربعة التى تسير على تعاليمها الأمة الإسلامية إلى الآن، هو أول من رمى بذور الشجرة السلفية التى ما زالت حتى اليوم تنبت فروعا جديدة لها.
وبحسب المركز الإسلامى للدراسات الاستراتيجية، فإن هذه الفرقة ظهرت على يد من امتهن جمع الأحاديث النبوية، وتدوينها فى القرن الثانى الهجري، وبنوا عقائدهم أو أحكامهم بالاعتماد الكلى على ظواهر الآيات والروايات التى رواها الصحابة والتابعون الأوائل عن الرسول (ص) إذ يحرمون تأويلها.
فيما جاء فى بعض كتب المتقدمين فى الفرق الإسلامية كالبغدادي، وابن حزم، والشهرستانى على أنها فرقة من الإمامية!!! وهذا يدل على ان كلمة سلفية لم يكن لها مدلول اصطلاحى محدد يدل على فرقة أو جماعة معينة، وهذا يعنى أن هذه الكلمة اكتسبت المعنى الاصطلاحى المحدد عبر التاريخ وفى فترة متأخرة، ومن خلال تتبعنا لبدايات استخدام لفظ السلف أو ما يؤدى معناه فى كلمات المتقدمين، يبدو أن أول من استخدم هذا المفهوم هو الخليفة عمر بن عبد العزيز.
يصف عرفان عبد الحميد الحركة السلفية فى زمن ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، أن الحركة السلفية انتشرت بقوة فى زمن ابن تيمية الذى أعلن هذا المذهب فى «جرأة وقوّة وزاد آراءه انتشاراً اضطهاده بسببها، فإنّ الاضطهاد يُذيع الآراء وينشرها "لكن هذه الصحوة السلفية لم تنجح فيما نجح فيه ابن حنبل، فلم تصبح مذهباً للدولة، وإنّما ظلت حركة، يلقى اعلامها السجن والعنت والاضطها".
وتميزت السلفية فى عصر ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، باتساق المنهج ووحدة الأصول الاعتقادية والفكرية لأن ابن قيم الجوزية كان تلميذاً مخلصاً لشيخه ابن تيمية، ومن أكثر الناس التصاقاً به، يقول ابن حجر: «غُلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله، بل ينتصر له فى جميع ذلك، وهو الذى هذّب كتبه، ونشر علمه، واعتقل مع ابن تيمية بالقلعة".
أما السلفية الوسيطة، فهى السلفية التى تمثلها الوهابية، والتى تكونت فى شبه الجزيرة العربية، فى البيئة النجدية البدوية، وهى سلفية نصوصية صلبة، ارتبطت باسم مؤسسها محمد بن عبد الوهاب (1115 ـ 1206 هـ)، والتى قامت على بناء العقيدة فى ضوء احيائها لمدرسة أحمد بن تيمية الحرانى (661 ـ 728 هـ)، وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت: 758 هـ)، وإضافتها عنصر مدرسة الحديث المرتبط باسم أحمد بن حنبل.
يتناول كتاب "مرجعيات العقل الإرهابى: المصادر والأفكار" الصادر عن مركز المسبار فى نهاية عام 2018 بعض المصادر النظرية التى يستند إليها "الجهاديون المتطرفون والتنظيمات الإرهابية والسلفية الجهادية"، ومن ذلك أفكار ابن تيمية الذى تم استعادة تراثه مجزأً من قبل الجماعات الإسلامية، ونزعت أفكاره عن سياقها التاريخى المرتبط بمغالبة المد المغولى، وسيادة التتر على محاضن الثقافة الإسلامية آنذاك، هذه الاستعادة جعلت أفكار تطبيق الشريعة والحكم بغير ما أُنزِل وتكفير الحكام وأعوانهم، تقف على خط واحد مع أفكار تكفير المجتمع وتجهيله، وتخلق من الجماعة التى تصدر الأحكام أصلاً متعالياً ينعزل عن المجتمع والحاكم ويتفرّغ لإصدار قرارات التكفير، وما إن تمت عملية الأدلجة باستغلال الظروف السياسية والاجتماعية حتى بدأت رحلة العنف.
يتناول كتاب "مرجعيات العقل الإرهابى: المصادر والأفكار" الصادر عن مركز المسبار فى نهاية عام 2018 بعض المصادر النظرية التى يستند إليها "الجهاديون المتطرفون والتنظيمات الإرهابية والسلفية الجهادية"، ومن ذلك أفكار ابن تيمية الذى تم استعادة تراثه مجزأً من قبل الجماعات الإسلامية، ونزعت أفكاره عن سياقها التاريخى المرتبط بمغالبة المد المغولى، وسيادة التتر على محاضن الثقافة الإسلامية آنذاك، هذه الاستعادة جعلت أفكار تطبيق الشريعة والحكم بغير ما أُنزِل وتكفير الحكام وأعوانهم، تقف على خط واحد مع أفكار تكفير المجتمع وتجهيله، وتخلق من الجماعة التى تصدر الأحكام أصلاً متعالياً ينعزل عن المجتمع والحاكم ويتفرّغ لإصدار قرارات التكفير، وما إن تمت عملية الأدلجة باستغلال الظروف السياسية والاجتماعية حتى بدأت رحلة العنف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة