"البيغمى" شعب أفريقى تعود أولى الدلائل على وجوده إلى عام 2400 قبل الميلاد، ويسكن غالبيته في أدغال أفريقيا ضمن مجموعات تتراوح بين 10 و 50 شخصاً، ويعيشون على الصيد في الغابات التي يعتبرونها مصدر ثروتهم الحقيقى، وتعني كلمة "البيغمي" القزم، حيث يبلغ متوسط طول الفرد 120سم فقط، ويتفوق الرجال على النساء بـ10 سنتيمترات.
ووفقا لصحيفة الرؤية الإماراتية، خلال رحلته التي بدأت قبل أكثر من عام ونصف زار الرحالة التونسى مهدى بلحاج شعوب "البيغمى" فى أفريقيا الوسطى أثناء رحلة إلى الكونغو، حيث علق بعد تفشى فيروس كورونا المُستجد «كيوفيد-19.«
فسّر العلماء سبب قصر قامة هذا الشعب إلى الرطوبة العالية وقلة الشمس التي لا تصل تحت أشجار الغابات التي يسكنونها، ويحكي الرحالة التونسي رحلته لـ"الرؤية": "بداية الرحلة كانت من النهر الأسود وهو فرع من فروع نهر الكونغو العظيم، وعلى مشارف الدخول للغابة لا بد من الاستئذان من «البانتو»، وهم أسياد المنطقة والعرقية المُسيطرة على كل العرقيات الأخرى مع دفع مبلغ مالي بسيط أو تقديم هدية".
ويعمل ما يُطلق عليهم "عبيد الخدمة" بحسب بلحاج، من "البيغمى" في أراضي "البانتو" مقابل الأكل والنوم بدون أجر، ويتحكم السيد في حرية العبيد بالبيع أو الشراء حال كان الموسم جافاً ولم تطرح الأرض ما يسد حاجاته وعبيده، في عالم ما زالت الإنسانية والحرية فيه تُباع وتُشترى.
ويضيف بلحاج ،"حذرني البانتو من دخول الغابة، وادعوا أن "البيغمي" من آكلي لحوم البشر، لكن كنت مصراً على الدخول، لكن قبل ذلك أطلق البانتو صوت طبل كنداء لأقزام الغابة أن هناك غريباً سيدخل عليهم."
وتابع "أخذت معى صابوناً وملحاً وسُكراً، وهي أقيم الهدايا من وجهة نظرهم، وكان استقبالهم حافلاً، وكان المُخيم وقت وصولى فارغاً من الرجال، بعض النسوة يُحضرن الطعام، وهو عبارة عن أوراق نباتات مُختلفة أو حيوانات تم صيدها كالغزلان والقرود والأفاعي وحتى اليرقات".
ويستطرد، "يعاني معظم الأطفال من سوء التغذية، وأمراض مختلفة، ويبقى على قيد الحياة طفلان فقط من كل 5 أطفال يولدون بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها، أما الأكواخ فهي عبارة عن طوب مُسقف بالقش أو جذوع أشجار مُغطاة بالأوراق، وفي الداخل تجد فقط فرشاً مصنوعاً من الأغصان".
قبل عملية الصيد التي تتم بشكل يومي يقوم "البيغمي" بالغناء مع ترتيل تعويذات خاصة، لكي يكون صيدهم وافراً، ويلبسون أوراق الأشجار للتمويه والتخفي داخل الغابة.
ويشرح "عملية الصيد تتضمن جميع الحيوانات التي وقعت في الفخاخ التي وضعوها من قبل، ونصب فخاخ جديدة مع تجميع بعض النباتات السامة التي يضعونها بطريقة مُعينة في السهام، لتخدير الحيوانات الطريدة، كذلك يجمعون من الغابة بعض الثمار، والفطريات والأوراق التي يستعملونها لمداواة أمراض مثل الملاريا والتايفويد".
أكثر سؤال يمكن أن يخطر بالبال، هو لماذا قبلوا الاستعباد؟ وهو ما سأله بلحاج لزعيم القبيلة، الذي فسر ذلك، بأن الجوع قد يجعل الإنسان مُضطراً لبيع أطفاله أو حتى زوجاته، ووقت الاستعمار البلجيكي كان الاستعباد يتم بقوة السلاح.
حتى الآن، وبحسب الرحالة التونسي، فإن شعب البيغمي لا يعرفون أي حقوق للمواطنة، فهم في آخر درجة من درجات المواطنة، ويستحيل أن تجد أي فرد من «البيغمي» يملك بطاقة هوية، أو تجد طفلاً لديهم يرتاد المدارس، أو شاباً متزوجاً من البانتو أو أي عرقية أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة