الأصل في الحياة الزوجية هو الاستمرار والتضحية من أجل هذا الاستمرار إلا أنه قد ينشب خلاف بين الزوجين فى أي مرحلة من مراحل الزواج يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية، مما يؤدى إلى تداعى أركان الأسرة لذا أباح الإسلام الطلاق وبما أن المرأة هى أكثر الأطراف تضررًا بعد الطلاق والتفريق، لذا رتب المشرع للمرأة نفقات تستحقها بعد عملية الطلاق ومن أهم النفقات هي نفقة السكنى التي تعتبر أكثر أهمية وضرورة عن بقية النفقات الأخرى.
فقد تبقى المطلقة بلا مأوى بعد الطلاق أو الفراق، فالعدالة واعتبارات اجتماعية وإنسانية أخرى تقضى أن يكون للمرأة المطلقة الحق في السكنى الذي له أساسه الشرعي الذي أكدته النصوص القرآنية وأحاديث نبوية وأساسه القانوني الذي يتمثل بالتشريعات القانونية ونصوص القوانين المقارنة ومنها التشريع المصري، كما أن لهذا الحق شروط وقيود لابد أن تلتزم بها المرأة حتى تستطيع التمتع بهذا الحق.
مناط استقلال الحاضنة بمسكن الحضانة
والقانون المصري ألزم الزوج المطلق بتوفير المسكن المستقل المناسب لأطفاله الصغار من مطلقته ولحاضنتهم خلال مدة العدة، وإذا لم يفعل ذلك تستمر الزوجة المطلقة فى حيازة مسكن الزوجية بدون أي حق له فيه طوال المدة القانونية لحضانة الصغار، وبناء على ذلك أصبح مسكن الحضانة حق مكتسب لكل أم مطلقة حاضنة، أو غيرها ممن تنتقل لهم الحضانة للوفاة أو عدم الصلاحية، باعتبار أن مرحلة طفولة الأبناء يعجزوا خلالها على مراعاة مصالحهم وحدها.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين الأسر تتعلق بتفسير حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية إلزام المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره، في الوقت الذي يعرف فيه مسكن الزوجية بأنه المكان الذي يقيم فيه الزوج وزوجته وأولادهما إقامة فعلية معتادة أيا كانت طبيعة هذا المسكن، وهو حق لكل حاضنة سواء أكانت الأم المطلقة أو غيرها ممن تنتقل لهم الحضانة لوفاة الأم أو عدم صلاحيتها للحضانة – بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد الصادق.
عدم دستورية المادة 18 مكرر الخاصة بمسكن حضانة الزوجية
فى البداية - المحكمة الدستورية العليا، سبق لها وأن قضت بعدم دستورية المادة 18 مكرر ثالث الخاصة بمسكن حضانة الزوجية، وذلك فى القضية رقم 5 لسنة 8 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"، برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، حيث قضت بعدم دستورية إلزام المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره ويتعين لاستقلال الحاضنة بمسكن الحضانة سواء كان مسكن الزوجية أو مسكن بديل إلا يكون للصغار مال حاضر وإلا يكون للحاضنة مسكن مملوك لها أو مؤجر، وعليه إذا كان للصغار مال حاضر أو كان للحاضنة مسكن مملوك لها أو مؤجر فليس لها الحق فى مسكن الحضانة سواء مسكن الزوجية أو مسكن بديل – وفقا لـ"الصادق".
ومؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 5 لسنة 8 قضائية "دستورية" بتاريخ 6 يناير 1996 والمنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 بتاريخ 18 يناير 1996 بعدم دستورية المادة 18 مكرراَ ثالثاَ – المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية – وذلك فيما نصت عليه وتضمنته من إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفى لسكناهم، أو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجراَ كان أو غير مؤجر.
رأى محكمة النقض
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الإشكالية فى الطعن المقيد برقم 5378 لسنة 74 ق حيث قالت فى حيثيات الحكم أن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقلن أنهن تمسكن أمام محكمة الموضوع بأنهن أصبحن المالكات لشقة النزاع بعد شراء الطاعنة الأولى حصة المطعون ضده الثانى فيها، ويحق لهن الانتفاع بها وطرد الغاصب منها، وبعدم أحقية المطعون ضدها الأولى – بصفتها حاضنة – فى البقاء بتلك الشقة بعد أن هيأ لها المطعون ضده الثانى مسكناَ بديلاَ لحضانة ولديهما ولحصولها على مسكن أخر بخلاف شقة النزاع بعد طلاقها ورفع الدعوى المبتدأة، ودللن على ذلك بالإنذار الموجه إليها من المطعون ضده الثانى بتاريخ 1 أغسطس 2001 بشأن تهيئته لمسكن الحضانة البديل.
والكتاب الصادر من حى الزهور ببورسعيد المتضمن ترخيص ذلك المسكن البديل باسم المطعون ضده الثانى والطاعنة الأولى، والكتاب الصادر من حى الضواحى ببورسعيد المثبت لتعاقد المطعون ضدها الأولى عن المسكن الأخر اعتباراَ من 20 يناير 2002 غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وقضى برفض دعواهن، تأسيساَ على أن المطعون ضدها الأولى تضع يدها على الشقة محل النزاع استناداَ إلى القرار الصادر من النيابة العامة باستمرار حيازتها لتلك الشقة بصفتها حاضنة لولديها، رغم أن هذا القرار له حجية مؤقتة تنتهى بعرض النزاع على محكمة الموضوع، فلا يصح الاستناد إليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ووفقا لـ"المحكمة" – هذا النعي سديد، ذلك أن دعوى الطرد للغصب من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمى حقه فى استعمال الشئ واستغلاله فيسترده ممن يضع اليد عليه بغير حق سواء أكان قد وضع اليد عليه ابتداء بغير سند أم كان وضع اليد عليه بسبب قانوني ثم زال هذا السبب واستمر واضعاَ اليد، وهى بذلك تختلف عن دعوى استرداد الحيازة التى يرفعها الحائز، وأن التسليم أثر من أثار عقد البيع باعتباره التزاماَ يقع على عاتق البائع – سُجل العقد أو لم يسجل – ما لم يكن التسليم غير ممكن.
الخلاصة:
مناط استقلال الحاضنة بمسكن الحاضنة ألا يكون للصغار مال حاضر كاف لسكناهم وألا يكون لها مسكن تقيم فيه سواء كان مملوكا لها او مؤجرا، فقد قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بجلسة 3 ديسمبر 2014 بأن مؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 8 ق " دستورية " بتاريخ 6 يناير 1996 والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 بتاريخ 18 يناير 1996 بعدم دستورية المادة 18 مكرراً ثالثاً – المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية - وذلك فيما نصت عليه وتضمنته من:
أولاً : إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفى لسكناهم، أو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجراً كان أو غير مؤجر ... أنه يتعين لاستقلال الحاضنة بمسكن الحضانة سواء كان مسكن الزوجية أو مسكناً مناسباً يوفره المطلق ألا يكون لصغاره مال حاضر يكفى لسكناهم وألا يكون للحاضنة مسكنُ تقيم فيه سواء كان هذا المسكن مملوكاً لها أو مؤجراً، وذلك طبقا للطعن رقم 5378 لسنة 74 قضائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة