اتفقوا فى قتله واختلفوا فى السبب.. ما قاله التراث الإسلامى عن موت سيدنا يحيى

الثلاثاء، 23 يونيو 2020 05:00 م
اتفقوا فى قتله واختلفوا فى السبب.. ما قاله التراث الإسلامى عن موت سيدنا يحيى كتاب البدايه والنهايه
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقول كتب التراث إن كل إنسان يأتى الله سبحانه وتعالى بخطأ إلا يحيى بن زكريا، فلم يخطئ أبدا، ومع ذلك قتله بنو إسرائيل، فما سبب قتله، وما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟

يقول كتاب "البداية والنهاية" 

وذكروا فى قتله أسبابا من أشهرها: أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق، كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه، أو من لا يحل له تزويجها، فنهاه يحيى عليه السلام عن ذلك، فبقى فى نفسها منه، فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها، استوهبت منه دم يحيى فوهبه لها، فبعثت إليه من قتله، وجاء برأسه ودمه فى طشت إلى عندها، فيقال: إنها هلكت من فورها وساعتها. وقيل: بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها، فلما يئست منه تحيلت فى أن استوهبته من الملك، فتمنع عليها الملك، ثم أجابها إلى ذلك، فبعث من قتله وأحضر إليها رأسه ودمه فى طشت.
وقد ورد معناه فى حديث رواه إسحاق بن بشر فى كتابه المبتدأ حيث قال: أنبأنا يعقوب الكوفي، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ ليلة أسرى به رأى زكريا فى السماء، فسلم عليه وقال له: يا أبا يحيى خبرنى عن قتلك كيف كان، ولم قتلك بنو إسرائيل؟
قال: يا محمد أخبرك أن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجها، وكان كما قال الله تعالى "وَسَيِّدا وَحَصُورا" وكان لا يحتاج إلى النساء، فهوته امرأة ملك بنى إسرائيل، وكانت بغية، فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها، فأجمعت على قتل يحيى، ولهم عيد يجتمعون فى كل عام، وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب.
 
قال: فخرج الملك إلى العيد فقامت امرأته فشيعته، وكان بها معجبا، ولم تكن تفعله فيما مضى، فلما أن شيعته قال الملك: سلينى فما سألتنى شيئا إلا أعطيتك، قالت: أريد دم يحيى بن زكريا، قال لها: سلينى غيره. قالت: هو ذاك. قال: هو لك.
قال: فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو فى محرابه يصلي، وأنا إلى جانبه أصلي، قال: فذبح فى طشت وحمل رأسه ودمه إليها.
قال: فقال رسول الله ﷺ:
" فما بلغ من صبرك "
قال: ما انفتلت من صلاتي.
قال: فلما حمل رأسه إليها، فوضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك، وأهل بيته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل: قد غضب إله زكريا لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا.
قال: فخرجوا فى طلبى ليقتلوني، وجاءنى النذير فهربت منهم، وإبليس أمامهم يدلهم علي، فلما تخوفت أن لا أعجزهم، عرضت لى شجرة فنادتنى وقالت: إلى إليّ، وانصدعت لى ودخلت فيها.
قال: وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة وبقى طرف ردائى خارجا من الشجرة، وجاءت بنو إسرائيل فقال إبليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة، هذا طرف ردائه دخلها بسحره، فقالوا: نحرق هذه الشجرة، فقال إبليس: شقوه بالمنشار شقا. قال: فشققت مع الشجرة بالمنشار، قال له النبى ﷺ:
" هل وجدت له مسا أو وجعا"
قال: لا، إنما وجدت ذلك الشجرة التى جعل الله روحى فيها.
هذا سياق غريب جدا، وحديث عجيب، ورفعه منكر، وفيه ما ينكر على كل حال، ولم ير فى شيء من أحاديث الإسراء ذكر زكريا عليه السلام إلا فى هذا الحديث. وإنما المحفوظ فى بعض ألفاظ الصحيح فى حديث الإسراء: فمررت بابنى الخالة يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة.
 
فجاء على قول الجمهور كما هو ظاهر الحديث، فإن أم يحيى أشياع بنت عمران، أخت مريم بنت عمران. وقيل: بل أشياع وهى امرأة زكريا أم يحيى، هى أخت حنة امرأة عمران أم مريم، فيكون يحيى ابن خالة مريم، فالله أعلم.
ثم اختلف فى مقتل يحيى بن زكريا، هل كان فى المسجد الأقصى أم بغيره على قولين؟ فقال الثوري، عن الأعمش، عن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التى ببيت المقدس سبعون نبيا، منهم يحيى بن زكريا عليه السلام.
وقال أبو عبيد القاسم ابن سلام، حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: قدم بخت نصر دمشق، فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي، فسأل عنه فأخبروه، فقتل على دمه سبعين ألفا فسكن. وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب، وهو يقتضى أنه قتل بدمشق، وإن قصة بخت نصر كانت بعد المسيح، كما قاله عطاء، والحسن البصري، فالله أعلم.
وروى الحافظ ابن عساكر، من طريق الوليد بن مسلم، عن زيد بن واقد قال: رأيت رأس يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة الذى يلى المحراب مما يلى الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير، وفى رواية كأنما قتل الساعة، وذكر فى بناء مسجد دمشق، أنه جعل تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة فالله أعلم.
وقد روى الحافظ ابن عساكر فى المستقصى فى فضائل الأقصى من طريق العباس بن صبح، عن مروان، عن سعيد بن عبد العزيز، عن قاسم مولى معاوية قال: كان ملك هذه المدينة - يعنى دمشق - هداد بن هداد وكان قد زوجه ابنه بابنة أخيه أريل ملكة صيدا، وقد كان من جملة أملاكها سوق الملوك بدمشق، وهو الصاغة العتيقة.
قال: وكان قد حلف بطلاقها ثلاثا، ثم أنه أراد مراجعتها، فاستفتى يحيى بن زكريا فقال: لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، فحقدت عليه وسألت من الملك رأس يحيى بن زكريا، وذلك بإشارة أمها، فأبى عليها ثم أجابها إلى ذلك، وبعث إليه وهو قائم يصلى بمسجد جيرون من أتاه برأسه فى صينية، فجعل الرأس يقول له: لا تحل له، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
فأخذت المرأة الطبق فحملته على رأسها، وأتت به أمها وهو يقول كذلك، فلما تمثلت بين يدى أمها خسف بها إلى قدميها، ثم إلى حقويها، وجعلت أمها تولول والجوارى يصرخن، ويلطمن وجوههن، ثم خسف بها إلى منكبيها، فأمرت أمها السياف أن يضرب عنقها، لتتسلى برأسها ففعل، فلفظت الأرض جثتها عند ذلك، ووقعوا فى الذل والفناء.
ولم يزل دم يحيى يفور، حتى قدم بخت نصر فقتل عليه خمسة وسبعين ألفا.
قال سعيد بن عبد العزيز: وهى دم كل نبي، ولم يزل يفور حتى وقف عنده أرميا عليه السلام فقال: أيها الدم أفنيت بنى إسرائيل فاسكن بإذن الله، فسكن فرفع السيف وهرب من هرب من أهل دمشق إلى بيت المقدس، فتبعهم إليها فقتل خلقا كثيرا لا يحصون كثرة، وسبا منهم، ثم رجع عنهم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة