أصدرت الدائرة مدنى مستأنف – بمحكمة بلبيس الكلية، حكماَ فريداَ من نوعه، برفض الدفع بسقوط الحق في رفع دعوى صحة التوقيع استنادا لوجود مانع أدبى تمثل فى صلة القرابة بين الطرفين وهو موقف للتقادم أيا كان نوع هذا التقادم.
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 54 لسنة 2019 مدنى مستأنف بلبيس، لصالح المحامى مصطفى عبد الجليل غنيم، برئاسة المستشار محمد أمير، وعضوية المستشارين محمد حسام الدين، وكريم عبد الرحمن، وسكرتارية رضا فتوح.
الوقائع.. أخت ترفع على شقيقها دعوى صحة توقيع بعد مرور 24 سنة على عملية البيع
تخلص وقائع الاستئناف ومستندات الخصوم وأوجه دفوعهم وأن أحاط به الحكم المستأنف رقم 4671 لسنة 2016 مدنى جزئى أبو حماد حيث أن المدعية "عواطف.م"، عقدت لواء الخصومة أمام محكمة أول درجة، وطلبت فى ختامها الحكم بصحة توقيع المدعى عليه على عقد البيع الابتدائي المؤرخ فى 11 مارس 1996 والمتضمن بيع المدعى عليه للمدعية ما هو قطعة أرض زراعية موضحة الحدود، وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 11 مارس 1996 باع المدعى عليه للمدعية قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى نظير مبلغ 45000 جنيهاَ مصرياَ قبضه المدعى عليه بمجلس العقد، ولما كانت المدعية يهمها الحصول على حكم بصحة توقيع المدعى عليه الأمر الذي حدا بها إقامة دعواها بغية القضاء لها بطلباتها.
الأخ يدفع بسقوط حق الأخت فى صحة التوقيع بالتقادم الطويل
وتداولت الدعوى بالجلسات، وحضر طرفي التداعي كل منهما بوكيل عنه محام ودفع وكيل المدعى عليه بسقوط حق المدعية فى إقامة الدعوى بالتقادم الطويل لمرور أكثر من 15 سنة، وبجلسة 8 ديسمبر 2016 قضت المحكمة بصحة توقيع المدعى عليه على عقد البيع المؤرخ 11 مارس 1996، وإذ لم يصادف ذلك القضاء قبولاَ لدى المستأنف، فطعن عليه بالاستئناف الماثل موقعه من محام مسوفيه شرائطها الشكلية والقانونية، وأعلنت قانوناَ المستأنف ضدها طلب فى ختامها الحكم أولاَ: قبول الاستئناف شكلاَ للتقرير به فى الميعاد، ثانياَ: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداَ بسقوط الحق فى إقامة الدعوى بالتقادم كون العقد مؤرخ فى 11 مارس 1996 طبقا لنص المادة 374 من القانون المدني مع إلزام المستأنف ضدها بالمصاريف، وأسس استئنافه على الخطأ فى تطبيق القانون وقدم سنداَ لاستئنافه حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من الحكم المطعون فيه.
دعوى صحة التوقيع
وأما عن موضوع الاستئناف، قالت المحكمة فى حيثيات الحكم أنها تمهد لقضائها بما جرى عليه نص المادة 45 من قانون الإثبات على أنه: "يجوز لمن بيده محرر غير رسمى أن يختصم من يشهد عليه ذلك المحرر ليقر بأنه بخطه أو بإمضائه أو بختمه أو ببصمة أصبعه ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء ويكون ذلك بدعوى أصلية بالإجراءات المعتادة"، وقد قضت المحكمة النقض بأنه: "دعوى صحة التوقيع المنصوص عليها فى المادة 45 من قانون الإثبات ليست إلا دعوى تحفظية شرعت ليطمئن من بيده سند عرفى على أخر إلى أن الموقع على ذلك السند لن يستطيع بعد صدور الحكم بصحة توقيعه أن ينازع فى صحته ويمتنع على القاضى أن يتعرض فيها للتصرف المدون فى الورقة من جهة صحته أو بطلانه ونفاذه أو توقفه وتقرير الحقوق المترتبة عليه".
حالتين لا يسرى فيهما التقادم
وبحسب "المحكمة" – أما عن الدفع المبدى من المستأنف بسقوط حق المستأنف ضدها فى أقامة دعوى صحة التوقيع بالتقادم الطويل لمرور 15 سنة على العقد محل الدعوى، فإنه من المستقر عليه قانوناَ طبقا لما نصت عليه المادة 374 من القانون المدنى أنه: "يتقادم الالتزام بانقضاء 15 سنة فيما عدا الحالات التى ورد عنها نص خاص فى القانون، وفيما عدا الاستثناءات التالية: "وما نصت عليه المادة 382 من ذات القانون على أنه:
1-لا يسرى التقادم فيما بين الأصيل والنائب.
2-ولا يسرى التقادم الذى تزيد مدته على 5 سنوات فى حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو فى حق الغائب أو فى حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناَ.
قاعدة "من لا يستطيع أن يداعى"
وفى ذلك سبق لمحكمة النقض أن قضت بأنه: "على ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدنى – على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه فى الوقت المناسب، باعتبار أن وقف التقادم يستند لقاعدة أخلاقية مؤداها أن التقادم لا يسرى فى حق (من لا يستطيع أن يداعى) وهى قاعدة نالت مكاناَ بارزاَ فى القانون المدنى يشفع لها رغبة المشرع فى ألا يجافى أحكام الشريعة الغراء التى لا تقر ضياع الحقوق وإن طال عليه الزمن، لذلك لم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم ليتمشى مع كل ما يقتضيه العقل على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون تاركاً للقضاء مهمة تقدير ما إذا كان المانع عذراً موقفاً للتقادم أم لا بمعيار مرن لا يصل فيه المانع الموقف لدرجة الاستحالة كمرتبة القوة القاهرة بل يكفى لوقفه أن يتعذر عليه ذلك بالنظر لحالة الدائن وعلاقته بالمدين وكافة الظروف الملابسة شريطة ألاّ يكون السكوت بتقصيره وهو أمر يقتضى فحص كل حالة على حده، وذلك طبقا للطعن رقم 6049 لسنة 72 ق.
المحكمة ترى فى هذه القربى سبباَ أدبياَ لعدم سريان ذلك التقادم
ولما كان ما تقدم وهدياَ به – وكان الثابت للمحكمة من مطالعة أوراق الاستئناف ومستنداته أن الحكم المستأنف قد أصاب الصواب وصادف صحيح الواقع والقانون وبنى على أسباب صحيحة وكافية تقرها هذه المحكمة، وتأخذ بها وتجد منها ما يكفى للرد على أسباب الاستئناف التى لم تنل من سلامة الحكم المستأنف ولم تأت بجديد، فضلاَ أن المستأنف لم يأتى بثمة مستندات جديدة تغير وجة الرأى فى الدعوى ولا يؤثر فى ذلك ما أبداه من دفع بسقوط حق المستأنف ضدها فى إقامة دعوى صحة توقيع بالتقادم الطويل، إذ أن ذلك التقادم لا يسرى بحق المستأنف ضدها كونها شقيقة المستأنف، والمحكمة ترى فى هذه القربى سبباَ أدبياَ لعدم سريان ذلك التقادم فى حقها إعمالاَ لنص المادة 382/1 من القانون المدنى، مما يضحى معه الاستئناف قد أقيم على غير سند من الواقع والقانون، مما تقضى معه المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
موقفات التقادم.. المانع الأدبي
وفى هذا الصدد، يضع المحامى مصطفى عبد الجليل غنيم، روشتة قانونية لعملية كيفية تفادى سقوط دعوى صحة التوقيع بالتقادم الطويل بمضى 15 عاما كالتالى:
فى البداية دعوى صحة التوقيع دعوى تحفظية تستهدف إثبات صحة التوقيع على المحرر إلا إن أراء الفقه وإحكام القضاء قد تباينت حول سقوط دعوى صحة التوقيع بمضي 15 عاما، فذهب الرأي الأول أن دعوى صحة التوقيع لا تسقط بالتقادم، وذلك لأنها رخصة وليست حق والرخص لا تسقط بالتقادم، ومن مبررات هذا الرأي أن دعوى صحة التوقيع لو وردت على عقد بيع مثلا لا يمكن للبائع أن يتمسك بسقوطها، وذلك لأنه يشكل تعرضا قانونيا للمشترى من قبل البائع والتزام البائع بعدم التعرض للمشترى التزام أبدى لا يسقط بالتقادم وفى ذات المعنى ذهبت العديد من أحكام النقض، وأن دعوى صحة التوقيع هي الوجه المقابل لدعوى التزوير الأصلية لأنهما من دعاوى تحقيق الخطوط ومن المعلوم قانونا أن الادعاء بالتزوير أصليا - دعوى التزوير الأصلية – لا يسقط بالتقادم، وبالتالي دعوى صحة التوقيع الوجه المقابل لها لا تسقط بالتقادم، وهذا الرأي هو الأصوب.
وبحسب "غنيم" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - أما الرأي الثاني المقر بسقوط دعوى صحة التوقيع استنادا لنص المادة 374 مدنى: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة ...."، والذي أيده جانب كبير في الفقه منهم السنهورى وقضاء النقض ودرجت عليه أغلب أحكام المحاكم.
لكن ماذا تفعل كمحامى لو صادفت دفع بسقوط دعوى صحة التوقيع بالتقادم؟
يُجيب "غنيم" - يمكنك الاستشهاد بحجج الرأي الأول ونضيف بأننا قد صادفنا حالة طرفى التداعي فيها أشقاء وهى الحالة سالفة البيان وفى هذه الحالة نعلم جيداَ اتجاه المحكمة وهو القضاء بسقوط دعوى صحة التوقيع بالتقادم – وفى تلك اللحظة – دفعنا بأن هناك مانع أدبى موقف للتقادم، وفقا للمادة 382 مدني بند 1 التى تنص على أنه: 1ـولا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ..."، والمستفاد من نص سالفة الذكر أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان هناك ثمة مانع ولو كان أدبيا، وكان من المستقر أن الأخوة والقرابة والزوجية مانع أدبي موقف للتقادم أيا كان نوع هذا التقادم وتقدير قيام المانع الأدبي تقدير موضوعي للمحكمة دون معقب عليها متى اعتمدت على أسباب سائغة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة