محمد ثروت

أيا صوفيا.. الإسلام السياسي في خدمة الإسلاموفوبيا

الأحد، 12 يوليو 2020 02:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المرسوم الذي وقعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل متحف أيا صوفيا(الكنيسة البيزنطية التاريخية) بناء على قرار المحكمة العليا-التي يسيطر عليها أردوغان، يخدم ويغذي تيار الإسلاموفوبيا في الغرب أو الرهاب من الإسلام والخوف والهوس غير المبرر، سوى بتصرفات فردية لبعض المتأسلمين لا تمت لروح الإسلام وجوهره الحقيقي. أفعال أردوغان تشجع اليمين المتطرف المعادي للعرب والمسلمين على ترديد المخاوف من إحياء الخلافة وعودة مصطلحات الذمة والذميين على غير المسلمين والسعي لأسلمة أوروبا . وهكذا يصبح تصرف غير مسؤول مبررا لاتهام المسلمين جميعا ووضع الكل في سلة واحدة. بما يضر بأمن وسلم المجتمعات المسلمة في الغرب. 
 
إن هذا القرار الذي لم ولن يقدم خدمة واحدة للإسلام و المسلمين، سيصبح وثيقة تأجيج للصراع مع الآخر في مقابل الحوار.  والتطرف والعنف في مقابل التسامح وقبول الآخر. 
 
ما الذي يستفيده المسلمون من تحويل كنيسة إلى مسجد مع كثرة عدد المساجد لدرجة  معظمها تحول إلى متاحف أو مقابر للسلاطين والولاة  وكبار رجال الدولة العثمانية من باشوات وأغوات؟
 
إذا الهدف سياسي خالص ليس وراءه أي مصلحة أو منفعة دينية، سوى مخاطبة شريحة من القوميين المحافظين أنصار العثمانية، لأهداف انتخابية في وقت تصاعد فيه السخط ضد أردوغان وحزبه الإسلاموي، بسبب الأزمات الاقتصادية وتهاوي الليرة التركية مقابل اليورو، واستعداء العالم بمغامرات وتدخلات خارجية غير محسوبة ودفن مشروع انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.
 
هذا القرار ومن يؤيده من تيارات الإسلام السياسي، يجعل فك عقدة الإسلاموفوبيا والاضطهاد والتمييز بيدينا نحن لا بيد غيرنا. فكيف نطالب الآخر بالتسامح معنا واحترام دور العبادة ونحن نخلق مبررات لهدم وتغيير معالم دور عبادة الآخرين من معابد وكنائس. ومن بين تلك المبررات الاستناد إلى فتاوى خلافية لها سياق تاريخي معين ومنها فتوى الحديث عن ترك تحويل الكنيسة إلى مسجد أو إزالة دار عبادة لغير المسلمين. لولي الأمر إذا رأى في ذلك مصلحة ومنها عدم وجود مساجد للمسلمين. لكن الغريب أن تلك الفتاوى استندت إلى كلام ابن القيم  في كتابه (أحكام أهل الذمة)،  وهو كلام محل خلاف بين المذاهب وافقه الإمام أحمد فقط بشروط وفي سياقات معينة. ويجعل الخلاف مفتوحا في تلك المسألة. 
 
ذلك أن أي مساس بحقوق غير المسلمين في الدولة المسلمة فيه مخالفة لتعاليم الإسلام وما كتبه النبي محمد  صلى الله عليه وآله وسلم لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم: «أنّ لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ألّا يُغَيَّرَ أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا شيء مما كانوا عليه؛ ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم، غيرَ مُثقَلين بظلم ولا ظالمين» أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال".
 
 وشدد الصحابة  في عصور  الفتوحات والغزوات على ترك أماكن العبادة وعدم المساس بها. وما جاء في العهدة العمرية لعمر بن الخطاب بعد فتح بيت المقدس أو في كتاب عمرو بن العاص للبطريرك بنيامين بعد فتح مصر.
 
وهل انتهت قضايا ومشكلات المسلمين ليشغلهم الإسلام السياسي بقضايا فرعية استعراضية لأهداف سياسية؟ 
إن خطورة ما أقدم عليه ذلك الأردوغان، وأضفت عليه المحكمة العليا شرعية، هي أكبر تشويه لصورة الإسلام دين الرحمة والتسامح. 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة