نقرأ مع كتاب "الصراع الطبقى فى أفريقيا .. المقاومة والصراع" دراسات مترجمة تحرير "ليو زيليج" ترجمة محمد عبد الكريم، وصدرت ترجمته عن دار العربى، ويقدم فيه قراءة فى تاريخ القارة السمراء وعلاقتها الأفكار الكبرى ويكشف عن النضال والمقاومة من أجل التحرر.
يقول الكتاب عن العلاقة بين الماركسية والقارة الأفريقية:
كانت أفكار الماركسية ذائعة بشكل كبير قرابة أربعين عامًا فى أفريقيا، وهيمنت على كل نقاش فكرى جاد عن القارة وسكنت عقول الساعين إلى الاستقلال، وكان من المعتقد فيه عدم إمكانية التخلص من فقر القارة وتخلفها إلا بتطبيق الاشتراكية، أو بصورة أكثر تحديدًا تطبيق النموذج السوفيتى للتنمية الاقتصادية ورأسمالية الدولة. وكان التسرع الذى أعلن به قادة حركات التحرر الوطنى إيمانهم بالاشتراكية العلمية، أو الإشادة بفضائل الاشتراكية الإفريقية، أو رؤية مستقبل الماركسية فى حكومتى الصين وكوبا الجديدتين، كافيًا لإرباك أكثر الناس تعقلًا. وكان تكاثر الماركسية (الماركسيات) ليؤدى حتما بماركس إلى أن يعلن مجددا "كل ما أعرفه هو أننى لست ماركسيًا". على أية حال فإن تطبيق التحليل الماركسى على الحقائق الإفريقية فى الفترات الأحدث أصبح نادرًا، وكذلك الحال بالنسبة لادعاءات الحركات الشعبية أنها ماركسية أو حتى أنها متأثرة بهذا التقليد نظريًا أو عمليًا.
ويؤكد هذا الكتاب على صلة الماركسية بأفريقيا الحديثة. ونؤكد أن النموذج السوفيتى للاشتراكية من أعلى (رأسمالية الدولة) ورأسمالية السوق الحرة، والتى استغلت مزاياها من قبل البنك الدولى ومعظم الحكومات، كانا مدمرين بنفس القدر لجموع سكان الدول الإفريقية، وعلى النقيض من ذلك، فإننا ندعو إلى عودة للماركسية الكلاسيكية بتحقيق الاشتراكية من أسفل، حيث ينظر للاشتراكية على أنها تحرر ذاتى للطبقة العاملة.
وفى كتاب يسعى لاستخدام المنهج الماركسى الكلاسيكى لتحليل الاقتصاد السياسى الإفريقى فإنه لأمر جوهرى تناول أصول "الماركسية" ومآلاتها والنظر فى مدى إمكان تطويع الحقائق الحالية للتحليل الماركسي. لماذا كانت "الماركسية" مؤثرة للغاية فى أفريقيا وما العوامل الدولية التى كانت تحجم انتشار هذه الأفكار؟ لماذا أصبحت "الماركسية" أقل تأثيرا؟ وما الذى يفسر على وجه الدقة تزايد وتيرة نضال الطبقة العاملة والمقاومة الشعبية؟
سيتتبع الفصل نقاط التحول الرئيسة حول القارة فى الخمسين عامًا الأخيرة، ويمكن تمييز ثلاث فترات تقريباَ. الأولى فى الفترة 1945-1970 عندما تحققت الموجة الأولى من الاستقلال فى أفريقيا وتعزيز التنمية التى تقودها الدولة، وغالبًا من قبل نظم حكم تدعى بأنها اشتراكية. والثانية الفترة 1970-1985 والتى شهدت موجة ثانية من النضال التحررى من قبل حركات راديكالية كانت حاسمة فى مسألة الاستقلال وفى تدهور نموذج الدولة الرأسمالية للتنمية فى نفس الوقت، والثالثة هى الفترة منذ عام 1985 والمرتبطة بالانهيار السريع للاتحاد السوفيتى (المصدر الرئيس للماركسية الإفريقية) وسيطرة الليبرالية الجديدة والعولمة التى جاءت بالتكيف الهيكلى وخصخصة الدولة فى أفريقيا. وقد فشلت كل هذه المراحل، من التنمية بقيادة الدولة إلى الليبرالية الجديدة لصندوق النقد الدولى والبنك الدولي، فى تحقيق التنمية الاقتصادية للغالبية العظمى من الأفارقة. وسيكون هذا الفشل ودور النزعة الستالينية فيه موضوع النقاشات الأولى من هذا الفصل. وسنتناول – لاحقًا فى الفصل- قضية الطبقة العاملة والنضال الشعبى المعاصرين ومقدراتهم الثورية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة