نقرأ معا كتاب "مسئولية النثقف" لمحمد حامد الأحمدى، وفيه يناقش المطلوب من المثقف ودوره الواجب عليه فى المجتمع، خاصة مجتمعاتنا الشرقية، كى يتحرك المجتمع إلى الأمام ويصبح قادرا على مواجهة تحدياته.
يقول الكتاب:
محاور هذا الكتاب الأساسية هى تعريف المثقف والثقافة، لندخل من هذا إلى موضوعه وهو مسؤوليته، ومسؤوليته تبدأ من قصة بنائه ذاتًا واعية عارفة بالنفس وبالمحيط، وتتعامل مع الآخر وهو الإنسان المختلف زمانًا ومكانًا وثقافة، فمتى استطاع بناء ذات يعرفها أو يخمنها أو تكونت بلا وعى منه، فإنه سيواجه درجات أخرى من المسئولية أو الدور الفاعل، وأول هذه الأدوار تخليه عن السلّم الذى أوصله إلى مرحلة ليبنى سلّمًا نحو مرحلة أخرى من المستقبل متخيلًا أو مقارنًا بغيره، وفى طريقه ذاك يرى عقبات وعليه هدمها أو سلوك معابر ليتجاوزها.
مجمل معارف المثقف يجب أن تكون دليلًا له لا حِملًا عليه، لا يستكين لمعارفه بل يتجاوزها، فكل من اهتم بالمستقبل تخفّف من التخصص، ومن وصل مقصده بمعلوماته تخلى عن بعض أثقاله منها، أو تخلى عن أدلة الدروب الأولى التى جاوزها، وكل معرفةٍ مرحلة، وغايتها دليل للفرد والمجموع، ومن أتم مرحلة فهو يحتاج إلى دليل جديد لبقية الطريق أو لمرحلة جديدة، فالمثقف يعرف ليعمل ويدل ويمارس، إنه أستاذ عموم المجتمع، نصَّب نفسه بنفسه، وعليه دائمًا إثبات جدواه وإفادة مجتمعه باستمرار، ولا تبقى هذه الإفادة دون جهد المتابعة، إن أمانته مطلوبة، والرقابة منه وعليه ضرورية، والسكوت عن أخطائه كبيرة، وهو معرض للتهمة وللتوثيق، يُطلب منه أن يهدى ولا يهيم، وأن يحرك ويتحرك ولا يركد.
يُطلب من المثقف إنتاج ثقافة أو دراستها ونشرها، ويُطلب منه أن تكون لمعرفته وثقافته رسالة ومسؤولية، تلك بعض مطالب أو فحوى ما يهرف المنظّرون به عن مسؤولية المثقف، كلّ يجرّه إلى حماية "مسكنه الثقافى" والدعاية لموقفه، فهو لسان القوم ودليلهم، وقد يغوى ويطمع ويضل.