أصدرت دائرة الأحد "ه" بمحكمة النقض – حكما بإلغاء سجن متهما 15 سنة، لاتهامه بدهس شخصاَ وقتله عمداَ بسيارته بعد خلافات وقعت بينهما، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن عنصر العلم فى قضايا القتل، قالت فيه: "جريمة القتل العمد تتميز عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بقصد خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه، وهذا القصد ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، ويتعين على القاضى أن يعنى بالتحدث عنه استقلالاَ واستظهاره بإيراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 5629 لسنة 87 القضائية، لصالح المحامى بسيونى رضوان، برئاسة المستشار عابد راشد، وعضوية المستشارين أحمد أحمد خليل، وأحمد محمود شلتوت، وعصمت أبو زيد، وشريف عصام.
الوقائع.. متهم بدهس شخص بسيارته وقتله عمدا
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى القضية رقم 5406 لسنة 2016 مركز بسيون والمقيدة برقم كلى 364 لسنة 2016 غرب طنطا، بأنه فى يوم 13 من مارس لسنة 2016 بدائرة مركز بسيون – محافظة الغربية – قتل المجنى عليه أحمد راشد عمداَ مع سبق الإصرار بأنه صدمه بالسيارة قيادته لخلاف نشب بينهما قاصداَ بذلك إزهاق روحه، مما أحدث به إصابته الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعى والتى أودت بحياته.
الحكم على المتهم بالسجن 15 سنة
وفى تلك الأثناء – أحالته النيابة إلى المحاكمة الجنائية لمعاقبته وفقا للقيد والوصف الواردين فى أمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت فى 28 من ديسمبر 2016 بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات حضورياَ بمعاقبة المتهم "أ.م" بالسجن المشدد لمدة 15 سنة عما أسند إليه، فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض بتاريخي 2، 21 من يناير لسنة 2017، وأودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه.
المتهم يطعن لإلغاء الحكم
ومما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد قد شابه القصور فى التسبيب ذلك أنه لم يبين نية القتل بياناَ وافياَ يفيد أن هذه النية انصرفت إلى إزهاق روح المجنى عليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
لماذا جاء توصيف القتل عمداَ وليس خطأ؟
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت دلل على توافر نية القتل فى حق الطاعن بأسانيد قوامها "وحيث إنه عن نية إزهاق الروح فلما كان البين من ظروف الواقعة وملابساتها أن المتهم بمجرد أنه لحق به شاهد الإثبات الأول أثناء سيره لإيقافه ومنعه من الهرب تولد لديه فى التو واللحظة نية الإجهاز على حياة المجنى عليه وقصد قتله، فعاد بسيارته إلى الاتجاه المعاكس قاصداَ المكان الملقى به المجنى عليه وسار فوق جسمه بالسيارة وهى أداة قاتلة بطبيعتها، فدهس رأسه وصدره وأحدث به باقى الإصابات فى مقتل، مما أودى بحياته ثم فر بالسيارة من موقع الحادث، وهو الأمر الذى يتأكد معه يقيناَ أن المتهم قد قصد القتل من ذلك الفعل وقد تولدت نية إزهاق الروح لديه فى اللحظة التى دهس فيها جسم المجنى عليه مما يضحى معه القول بغير تلك الصورة مجافياَ للحقيقة وواقع الدعوى وهو الأمر الذى ينطبق عليه نص المادة 234/1 من قانون العقوبات.
الحيثيات: نية القتل فى الواقعة كانت مجرد رأى استنتاجى لا يفيد العلم الحقيقى
لما كان ذلك – وكان ما أورده الحكم ففى هذا الخصوص لا يستقيم به التدليل على توافر نية القتل كما هى معرفة به، ففى القانون ذلك بأن جريمة القتل العمد تتميز عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بقصد خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه، وهذا القصد ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، ويتعين على القاضى أن يعنى بالتحدث عنه استقلالاَ واستظهاره بإيراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه.
إذ كان ما أورده الحكم استدلالاَ على توافر نيل القاتل لدى الطاعن لم يكن سوى مجرد رأى استنتاجى لا يفيد العلم الحقيقى بنية الفاعل، إذ لا يدل على وجه اليقين أن ارتداد الطاعن بالسيارة قيادته للاتجاه المعاكس بقصد إزهاق روح المجنى عليه، كما أن ما قاله الحكم من أن المتهم بمجرد أنه لحق به شاهد الإثبات الأول أثناء سيره لإيقافه ومنعه من الهرب تولد لديه فى التو واللحظة نية الإجهاز على حياة المجنى عليه وقصد قتله لا تؤدى حتماَ إلى إثبات نية القتل لديه، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الطاعن لاحتمال ألا تتجاوز نيته فى هذه الحالة الهرب أو الإصابة.
يضاف إلى ذلك – بحسب "المحكمة" – أن باقى ما أورده الحكم فى هذا الشأن لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه وهو ما لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل فى حقه ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن المتهم قد قصد بذلك قتل المجنى عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها ندل عليه ويكشف عنه فإن الحكم يكون مشوباَ بالقصور مما يوجب نقضه والإعادة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة