1 - وصلنى هذا المقال الذى أعتقد أنه يفتح قضية تستحق النقاش.. يقول كاتب المقال:
2 - الدعشنة ليست ظاهرة غير طبيعيَّة أو مؤامرة صهيونيَّة أمريكيَّة ماسونيَّة صليبيَّة، وسائر الأسباب الوهميَّة التى تناسب عقول البسطاء من النَّاس. الدعشنة امتداد لعصور الانحطاط التى نعيشها منذ أكثر من عشرة قرون، وإفراز طبيعى لمجتمعات تحتل فيها الثقافة والفكر والمعرفة العقلانيَّة والتنوير المَرْتَبَةَ الأخيرة من حيث الاهتمام.
3 - معظم الأفراد فى هذه المجتمعات المتخلِّفة قادرون أن يصبحوا دواعش فى أى لحظة حتى وإن كانوا ضدَّها علنا أمام الآخرين، لأنها منغرسة بعمق فى موروثنا الثَّقافى والدينى وفى لا وعينا الجماعى.
4 - ففى القرن الثالث الهجرى، ذبح القرامطة الحُجَّاج يوم وقفة عرفة، وخلعوا الحجر الأسود من مكانه، وتوقَّفت شعيرة الحج سنوات، وقد فعلوا ذلك بإسم الدين. وفى القرن الأوَّل الهجرى، ذبح أحد الأئمة الحاكمين المفكِّر الكبير، الجعد بن درهم، بسكِّين فى المسجد، تحت المنبر، عقب الانتهاء من خطبة العيد.
5 - وفى فجر الإسلام ذبح الخوارج الصحابة، وذبح الأمويُّون آل بيت النُّبوَّة المطالبين بالحكم السياسى وفى العصر الحديث.
6 - الدعشنة وأخواتها: لم تأت من كوكب آخر وليست غريبة عنَّا.. بل امتداد لنا لأنَّها تعلَّمت فى مدارسنا، وصلَّت فى مساجدنا، واستمعت لإعلامنا، وتسمَّرت أمام فضائيَّاتنا، وأنصتت لمنابرنا، ونهلت من كتبنا وتراثنا الدينىِّ، وأصغت لمراجعنا، واتَّبعت فتاوى من موروثنا الفقهى من ابن حنبل وابن تيميَّة والمودودى إلى قطب والبنَّا والقرضاوى والعرعور والعريفى والحوينى.
7 - الدعشنة هى تردُّدنا أمام استحقاقات الحداثة، مرورًا بصمتنا وخوفنا وفسادنا وأنانيَّتنا، مرورًا بولائنا وبرائنا ونفاقنا الدينىِّ، مرورًا بالمزايدة بالدين وباسم الدين على طريقة، الإسلام هو الحل، والشعب يريد تطبيق شرع الله.
8 - الدعشنة نتيجة طبيعيَّة لخطاب دينى مكفِّرٍ للآخر.. وهى حصاد ما زرعناه منذ تكفير الفلسفة والفلاسفة قبل قرون وقرون من الفارابى والرازى وابن سيناء وابن رشد والكندى والغزالى وابن الراوندى.. إلى حسين مروِّة ونصر حامد أبو زيد، وقتل الطبرى والسهروردى، وصلب الحلَّاج، وحبس المعرِّى، وحرق كتب الغزالى وأبو حيَّان التوحيدى والأصفهانى وإخوان الصفا، وقطع أوصال ابن المقفَّع، وقطع رأس أحمد بن نصر، وخنق لسان الدين بن الخطيب وحرق جثَّته، وتكفير ابن الفارض. والقائمة طويلة إلى اغتيال عمر بن جلُّون، وصبحى الصالح وعبدالخالق محجوب ومهدى عامل وفرج فودة وشكرى بلعيد وناهض حتر.
9 - الدعشنة موجودة فى بطون كتب التُّراث.. افتح كتب التَّفسير والفقه والحديث وغيرها من الكتب ستجدها افتح مناهج الأزهر ستجد داعش.. اسمع خطب المنابر كلَّ يوم ستجد داعش.
10 - اسمع فتاوى شيوخ الجَّهل المقدَّس ستجد داعش.. تجوَّل فى شوارعنا وشواطئنا وأسواقنا ستجدها بالقرب منك. الدعشنة ليست تنظيما، ولكنَّها ثقافة.. ثقافة الموت والعنصريَّة والتكفير والطائفيَّة والكراهية الموجودة فى شرائط الكاسيت وفيديوهات التطرُّف، من «كشك وعمر عبد الرحمن، إلى ابن لادن والظواهرى والزرقاوى والبغدادى و...!».
11 - ولهذا لا يكفى الحلُّ الأمنى الاستخباراتى وحده لأنَّ الداء فى العقول والقضاء على الدعشنة يحتاج إلى نفس طويل وصبر وتنوير وإصلاح المنظومة التعليميَّة والتربويَّة فى الأساس فى مدارسنا وجامعاتنا وكلِّياتنا!
12 - ويجب أن تمرَّ بدعم الثقافة العقلانيَّة والفنِّ والتسامح وتبدأ من البيت منذ الطفولة، عندما نعلِّم أبناءنا أن لا فرق بينهم فى الحقوق والواجبات، ولا فرق بين أنثى وذكر وبإعادة النَّظر فى كتبنا «المدرسيَّة والدِّينيَّة» التى تصوِّر المرأة كائنا ضعيفا، وتجعلها نصف إنسان.
13 - ولهذا يجب أن نخلِّص كتبنا من روائح العنف والعنصريَّة، ويجب أن نبدأ بنقد وتفكيك صارميْن للموروث الدِّينى الذى يمثِّل منبعًا تنهل منه الدعشنة ثقافة الكراهية.
هذا كلام الأستاذ محمَّد أيعزة من المغرب، وهو كلام مهم يستحق النقاش من القائمين على العقل الدينى والثقافى فى بلادنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة