أسابيع قليلة فقط مرت على غضب العالم، من استفزازات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وتحويله متحف آيا صوفيا، الذى يحتضن بداخله رموز الديانات الثلاثة إلى مسجد، ليعود من جديد بتحدٍ آخر للثقافة والحضارة والسلام، ويعلن تحويل معلم آخر أثرى تتزين جدرانه بالفسيفساء والرسوم المسيحية التاريخية، إلى مسجد.
ونشرت صحيفة انبندنت التركية، خبرًا صباح اليوم حول مرسوم في الجريدة الرسمية بتوقيع رئيس الجمهورية التركى رجب طيب أرودغان، بشأن تحويل دير شورا المسيحى التراثى في منطقة الفاتح باسطنبول إلى مسجد للعبادة.
واشتمل المرسوم على إلغاء قرار مجلس الوزراء بتاريخ 29 أغسطس 1945 ورقم 3/3054 بتوقيع الرئيس رجب طيب أردوغان، وتخصيصه إلى مسجد بمنطقة الفاتح وتسليمه لرئاسة الشؤون الدينية وفتحه للعبادة.
ويعد متحف كاريه أو دير شورا من أقدم الأعمال التاريخية في اسطنبول، حيث تم تشييده كدير عام 534 ، وتم تحويل المبنى إلى مسجد عام 1511 ، تمامًا مثل آيا صوفيا ، بعد فتح اسطنبول.
و تحولت كاريه ، التي استُخدمت كمسجد لمدة 434 عامًا ، إلى متحف عام 1945 بقرار من مجلس الوزراء، ثم بت مجلس الدولة في القضية في عام 2019 وقضى بأن قرار مجلس الوزراء ، الذي أدى إلى تحويل المبنى إلى متحف ، كان غير قانوني، إلى أن صدر مرسوم رئيس تركيا.
و كنيسة المخلص المقدس شورا ، وهي كنيسة بيزنطية من العصور الوسطى في غرب اسطنبول والتي أصبحت متحفًا ، تحمل مشاهد الكتاب المقدس وصور يسوع والقديسين التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر.
وحوّل الأتراك العثمانيون شورا إلى مسجد بعد نصف قرن من غزوهم للقسطنطينية عام 1453 ، وأخفوا أعمالها الفنية الغنية تحت طبقة من الجبس لأن الإسلام يحظر الصور الرمزية.
وبعد الحرب العالمية الثانية ، قامت تركيا العلمانية بتحويله إلى متحف كاريه وسمحت للخبراء الأمريكيين بإعادته إلى مجده القديم، حيث يتم عرض الفسيفساء واللوحات الجدارية الفريدة منذ عام 1958.
إلا أن مجلس الدولة التركي قرر اتباع ما يروجه الرئيس رجب طيب أردوغان لإحياء الإسلام ، وذكر في نوفمبر الماضي أنه يجب إعادته إلى مسجد ، لكن القرار لم يكن نفذ.
وكتب الأب جيفكو بانيف ، مؤرخ الكنيسة في معهد القديس سرجيوس للاهوت الأرثوذكسي في باريس ، حيث تم تسجيل المخلص المقدس في شورا كموقع تراث لليونسكو: "يبدو أن الأتراك يدعمون تحويل كنيسة بيزنطية أخرى في القسطنطينية إلى مسجد". .
وقبل تحويل آيا صوفيا في إسطنبول ، أشار المؤرخ الفرنسي فابريس مونييه ، إلى أن تركيا قد أعادت بالفعل متحفي كنيسة إلى مساجد في السنوات الأخيرة ، وهما مباني آيا صوفيا الأقل شهرة من الناحية الفنية في إزنيق ، ونيكيا سابقاً وطرابزون.
وأُعلنت آيا صوفيا ، التي كانت كاتدرائية القسطنطينية قبل أن يحولها العثمانيون إلى مسجد ، متحفًا في عام 1935 ثم تحولت مرة أخرى إلى مسجد الشهر الماضي.
وخسر حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول أمام سياسي علماني العام الماضي ، وهي هزيمة يقول محللون إنها دفعت الزعيم التركي إلى مناشدة الناخبين المسلمين المتدينين من خلال إعادة تحويل متاحف الكنيسة إلى مساجد.