فى الوقت الذى بدأت فيه الوجهات السياحية حول العالم رفع قيود السفر بعد أربعة اشهر من الاغلاق التام، ومع بداية متحفظة لانتعاش قطاع السياحة، عاد شبح الموجة الثانية لفيروس كورونا المستجد ليهدد القطاع من جديد فى ظل تزايد حالات الاصابة فى بعض الدول.
فخلال الاسبوعين الماضيين عادت من جديد اجراءات احترازية مشددة فى بعض المناطق، لمحاولة السيطرة المبكرة على انتشار الوباء، الامر الذى يهدد بتراجع حركة السياحة والسفر مرة أخرى، والقضاء على التوقعات العالمية بانتعاش القطاع خلال سبتمبر المقبل.
ورغم ان اوروبا كانت من أوائل المناطق التى فتحت اجوائها وفقا لاجراءات احترازية وبروتوكولات صحية مشدده، عادت القارة العجوز مرة أخرى إلى اجراءات اغلاق وإن كانت اخف وطأة من تلك التى تم فرضها فى مارس الماضى.
وكانت البداية من اسبانيا والتى عادت فيها الحالات للظهور بقوة بعد أسبوعين من فتح أبوابها للسياح، مما دفع بريطانيا إلى إصدار قرار بوضع كل العائدين من هناك فى حجر صحى لأسبوعين مما أصاب خطط السفر لمئات الآلاف فى مقتل.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي مؤخرا أنه وفي ظل المخاوف من الموجة الثانية لفيروس كورونا، فإن الأولوية تبقى لتفادي إعادة فرض الحجر الصحي العام، مبررا ذلك بأن مثل هذه الخطوة ستكون "كارثية" إن على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي على حد سواء.
أما ألمانيا فتخشى هى الآخرى حدوث موجة ثانية من تفشي الفيروس، مع عودة الالمان من عطلات يقضونها في الخارج، ولا سيما في جزيرة مايوركا الاسبانية، وتصاعد القلق عند ورود تسجيلات فيديو لسياح ألمان في مايوركا لا يضعون الكمامات، ولا يلتزمون بالتباعد الاجتماعي لمسافة 1.5 متر.
وحذر وزير الخارجية هايكو ماس من ضياع التقدم المحرز في مكافحة الفيروس، وتعتزم ألمانيا السماح بفرض تدابير حجر منزلى على المستوى المحلي، إزاء خطر حصول الموجة الثانية من الوباء.
وستفرض السلطات الألمانية "حظر الدخول والخروج" على مستوى مناطق جغرافية محدودة سيفرض فيها الحجر المنزلي مجددا على السكان بعد ظهور بؤرة لفيروس كورونا المستجد، وحظر الخروج هذا على مستوى منطقة داخل الأراضي الألمانية، تدبير جديد ضمن الإجراءات المستخدمة حتى الآن في هذا البلد.
كذلك عادت بعض دول آسيا إلى فرض قيود جديدة فى نهاية يوليو الماضى، حيث أغلقت فيتنام مدينة دانانج مما أجبر عشرات الآلاف من الزوار على إخلاء المدينة، وفى الصين ، تشكل عدد الإصابات غير مرتبطة بالعائدين من الخارج إلى أعلى معدل منذ مطلع مارس، وأغلقت بابوا غينيا الجديدة حدودها.
وحظرت هونج كونج، تجمع أكثر من شخصين ومنعت تناول الوجبات داخل المطاعم وتجعل استخدام الكمامات إجباريا فى الأماكن العامة بما فى ذلك الأماكن المفتوحة.
يقول مسئولين فى بعض الدول الأوروبية والآسيوية التى بدأ فيها المرض فى الانتشار مجددًا إن موجات الانتشار الجديد لن تكون بالسوء التى كان عليه التفشى فى بداية العام الجارى ويمكن احتواؤها بإجراءات محلية بدلاً من إجراءات عزل عام كاملة على مستوى البلاد.
وعلى المستوى العربى أرجأت كل من المغرب والاردن فتح مجالها الجوى لاستقبال الرحلات الدولية خوفا من الموجة الثانية للوباء الامر الذى انعكس سلبا على السياحة، حيث لم تعلن المغرب عن أيّ قرار رسمي بشأن فتحِ مجالها الجوي أمام السّياح الأوروبيين. ورغم الرّفع التدريجي للقيود الوطنية ضدّ "الفيروس التّاجي" إلا أن المملكة لم تجرؤ على "التّنبؤ" باستئناف وشيك للسّفر الدولي.
وفضّل المغرب الإبقاء على حدودهِ الجوّية والبحرية مغلقة في وجهِ السّائحين الأوروبيين، لكن هذا القرار مازالَ يكبّد خسائر مهمّة للقطاع السّياحي، الذي يساهم بما يقارب 10% من الناتج الداخلي للبلاد.
ولجأ مجلس الاتحاد الأوروبي إلى تقليص عدد الدول التي يمكن لمواطنيها دخوله من 14 إلى 11 منذ وضع هذه القائمة التي تستند إلى معيار الحالة الوبائية للدول، ويجري تقييمها كل 15 يوما.
وقرر الاتحاد سحب المغرب من قائمة الدول المعفاة من قيود السفر بسبب تسجيله طفرة في عدد الإصابات بكوفيد-19. ولا يشمل هذا الإجراء مواطني الاتحاد الأوروبي وأفراد عائلاتهم القادمين من المغرب، ولا المقيمين فيه لمدة طويلة، وقد سحبت الجزائر منها بسبب ارتفاع عدد الإصابات فيها.
وبعد أن اعلن الاردن عن موعد فتح المطار الدولى وبدء استقبال الرحلات نهاية يوليو الماضى، تراجع عن القرار بشكل مفاجئ وأكد أن "التأجيل جاء بتوصية من اللجنة الوطنية للأوبئة".
وأكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الأردني، أمجد العضايلة، أن هناك تطوّرات عالميّة وإقليميّة مقلقة جداً فيما يتعلّق بالحالة الوبائيّة، وهذا ما دفعنا لإرجاء تسيير الرحلات الجويّة المنتظمة في مطار الملكة علياء الدولي.
ونبه العضايلة إلى ما يشهده العالم يومياً من ارتفاع كبير في أعداد الإصابات والوفيات بمرض كوفيد-19، وهذا يتطلّب منّا تشديد الإجراءات مجدّداً؛ لتفادي أي انتكاسة محليّة.
وعلى الرغم من شبح الموجه الثانية لفيروس كورونا المستجد إلا ان المنظمات الدولية والاقليمية تحذر من العودة إلى اجراءات فرض قيود كامله، وقالت منظمة الصحة العالمية، إن قيود السفر لا يمكن أن تكون هى الحل على المدى الطويل وإن على الدول فعل المزيد داخل حدودها لمنع انتشار المرض من خلال تطبيق المجربة مثل التباعد الاجتماعى وعمليات الكمامات.
وقال مايك رايان المدير التنفيذى لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية إن من المستحيل أن تبقى الدول حدودها مغلقة فى المستقبل المنظور. وسيتم "من شبه المستحيل للدول المنفردة إبقاء حدودها مغلقة فى المستقبل المنظور. يجب أن تعود الاقتصادات للعمل وعلى الناس استئناف أعمالهم التى تستأنف التجارة".
وقالت منظمة السياحة العالمية ان 22 من بين 87 وجهة سياحية قامت بتخفيف قيود السفر ، ورفعت أربعة فقط جميع القيود تمامًا ، في حين قامت 83 بتخفيفها مع إبقاء بعض الإجراءات مثل الإغلاق الجزئي للحدود، لافته إلى أن 115 وجهة (53٪ من جميع الوجهات حول العالم) تواصل إبقاء حدودها مغلقة تمامًا للسياحة.