المتابع جيداً لصفحات الحوادث في الفترة الأخيرة، يجدها تموج بالأخبار عن "المستريحين" أو المتهمين في قضايا "توظيف الأموال"، والتي جرى العُرف على إطلاق لقب "المستريح" على المتهمين فيها، نسبة لـ"أحمد المستريح" أبرز المقبوض عليهم في هذه الجرائم.
وبالرغم من سقوط "المستريحين" يوماً تلو الآخر، واهتمام الإعلام بإبراز هذه القضايا، إلا أن بعض المواطنين لا يكفوا عن الدفع بملايين الجنيهات يوماً بين أيادي "المستريحين" طمعاً في الحصول على أرباح أكبر، وأملاً في تحقيق ثروات مالية طائلة بطريقة سهلة وسريعة.
"ثقافة الطمع"، تقف دوماً وراء هذا النوع من الجرائم، "الطمع" المتمثل في المجني عليه، الذي يضع أمواله بين أيادي المستريحين حالماً بالثراء السريع، الذي يتبخر سريعاً على صخرة هروب المستريحين بعد الاستيلاء على الأموال، و"الطمع" المتمثل في "المتهم" الذي يطمع في تجميع أكبر قدر من الأموال قبل هروبه من الزبائن.
و"طالما فيه طماع..فيه مستريح"، أصبحت قاعدة رصينة لا تقبل التبديل أو التحريف، فبالرغم من كل ما ينشر عن جرائم المستريحين يومياً، إلا أن بعض المواطنين لا يتوقفون عن الزج بأموالهم "وتحويشة العمر" بين أيادي المستريحين، حتى يستيقظوا على ضياع ثرواتهم، فيبكون ندماً، ولسان حالهم يقول :"ليتني لم أفعل كذا، ليتني كنت نسياً منسيا".
ما أقوله لك هنا، ليس عبارات إنشائية، وإنما هي حقائق تسطرها محاضر مباحث الأموال العامة يوماً تلو الآخر، آخرها القبض على 4 مستريحين خلال الـ 24 ساعة الماضية، جمعوا 4.8 مليون جنيه من ضحاياهم ونصبوا عليهم.
هذه الجرائم لم تك الأولى من نوعها، وإنما سبقها عدة جرائم، استولى فيها "مستريحون" على مليارات الجنيهات من المواطنين، وهناك من فقد حياته حزناً علي ضياع "تحويشة العمر" ومن سكن المرض جسده، ومن طلق زوجته لتحريضها له على توظيف الأموال، فدخل الخراب المنازل، وتحول حلم الثراء السريع لكابوس.
هذه الجرائم التي نحن بصدد سردها، لن تكون الأخيرة، طالما هناك "ثقافة طمع" تسيطر على العقول، وطالما هناك من لا يتعلم من دروس وأخطاء الماضي، فانتظرونا في كتابات كثيرة عن المستريحين لعلنا نغير من الواقع شيئاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة