على الرغم من خوض أعضاء مجلس النواب الحالى رحلة طويلة من السجال لمناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية منذ بداية انعقاد البرلمان، نظرا لما طرأ عليه التشريع الحالى والذى مر عليه قرابة 100 عام، تغيرات عدة وأصبح لا يواكب العصر، إلا أنه يبدو وأن هذا القانون يواجه مصير الترحيل والتأجيل للفصل التشريعى القادم للدورة البرلمانية الجديدة 2021 .
وأكد عدد من نواب البرلمان، أن مجلس النواب الحالى لم يدخر جهدا فى حسم هذا القانون ولكن هناك عوامل آخرى أسهمت فى عدم خروج القانون للنور خاصة وأن البرلمان كان يراعى فى مناقشاته استطلاع رأى الجهات المعنية والتى كانت لم يحسم منه موقفه،مؤكدين أن أهمية تعديل هذا القانون تمثل ضرورة خاصة وأن التعديلات التي أدخلت عليه أفقدته فلسفته حتي أصبح لا يخلوا حديث عن مشكلات الطلاق والتفكك الأسري الا وكان قانون الأحوال الشخصية حاضرا بقوة كسبب رئيسي من أسباب إنهيار الأسر والمعاناة للأطفال النساء علي حد سواء.
وعلى مدار الفصل التشريعى ومنذ بدايته، تقدم عدد من النواب بتعديلات علي بعض مواد قانون الأحوال الشخصية خاصة المادة 20 الخاصة بالحضانة وترتيب الحاضنين والرؤية كالنائب سمير أبو طالب، والنائب جمال الشويخي، والنائبة هالة أبو السعد، كما تقدمت النائبة عبلة الهواري بمشروع قانون متكامل للأحوال الشخصية، وكذلك تقدم النائب محمد فؤاد بمشروع قانون متكامل للأحوال الشخصية في دور الإنعقاد الثاني أبريل 2017.
وأكد النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، أن قانون الأحوال الشخصية الحالى هو تشريع بلى عليه الزمن ويحتاج لكثير من التعديلات ليتواكب مع متغيرات العصر سواء فيما ينظمه من مواد ترتبط بما قبل الزواج أو الطلاق أو الرؤية والحضانة والنفقة، وغيرها من أمور ترتبط بالأسرة المصرية .
ولفت وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، إلى أن ضيق الوقت وتطلب القانون لمناقشات موسعه قد يصعب حسمه قبل انتهاء الفصل التشريعى الحالى، خاصة وأنه يحتاج لوقت كبير فى النقاش داخل البرلمان،قائلا " نعلم أنه جرت مناقشات عدة بشأنه خارج البرلمان من قبل المؤسسات المعنية به ولكن هناك ضرورة لتنظيم جلسات استماع مع كل الأطراف المعنية حتى تطمئن قلوبهم بأن القانون يخرج وسط حالة من التوافق والاستماع لكافة وجهات النظر".
وأوضح وكيل لجنة التضامن بالبرلمان، أن مجلس الشيوخ أيضا سيساعد فى الخروج بقانون أكثر دقة وإلماما بأحوال الأسرة المصرية ومن ثم سيكون له دور فى توسيع دائرة النقاش خاصة مع وجود به خبراء فى التخصصات بالأسرة وبالأخص المعينيين.
وشدد أن قوانين الأحوال الشخصية على مستوى العالم هى تشريعات تدعم الأسرة وبقائها وليس كما يصور بأن مقتصرا على تنظيم ما بعد الطلاق، مشددا أن هذا القانون لابد أن يكون فيها ضوابط وتنظيم لما يلزم به الأسرة قبل الزواج وخلاله وما إذا حدث طلاق .
وعدد "أبو حامد " أسباب عدم مناقشة هذا القانون رغم أهميته، مؤكدا أن هناك عوامل عدة تتمثل فى تباين وجهات النظر فيما يخصه، وجود مؤسسات كانت متمسكه بأن تقدم هى القانون وحينما ذهب لها الاقتراحات المقدمة من النواب لم ترسل ردها وهو ما عطل مناقشة اقتراحات النواب، هذا بجانب أهمية وحساسية القانون والتى تتطلب مناقشة واسعة له داخل البرلمان.
وشدد أن الحكومه تدرك أهمية القانون بدليل أنها شكلت لجنة بوزارة العدل لمناقشة تعديلات واعدت المسودة الأولى له، ولكن لم ترسلها بعد للبرلمان،قائلا "تأخره افضل من خروجه دون توافق مجتمعي خاصة وأن جوانب متعددة للقانون ولا يجوز ان تهيمن جهه واحدة على مناقشته وارساله"
ويقول النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، أن ذلك القانون شهد حالة كبيرة من الجدل وعلى الرغم من تقدم أكثر من نائب بتعديلات به، إلا أنه تم انتظار الجهات التى يستطلع رأيها ومنها من لم يرسل رده، كما أن الحكومة تعهدت بإرسال مشروع قانون متكامل إلا أنه لم يصل للبرلمان بعد .
وشدد أن رئيس الجمهورية نفسه مهتم بأوضاع الأسرة المصرية وقوانين الاحوال الشخصية، وهو ما يتطلب ضرورة النظر فى تعديلات جديدة للقانون، موضحا أن جهات الأخذ بالرأي لم تلتزم بالمواعيد التي تم تحديدها سلفا .
ولفت النائب محمد فؤاد إلى أن مشروع قانون الذى تقدم به قام فيه بعمل جلسات حوار مجتمعي للخروج بمشروع القانون بشكل يحقق الهدف المنشود منه ويعيد التوازن للأسر المصرية حيث قام بإجراء عدد من جلسات الحوار المجتمعي أثناء إعداده لمشروع القانون والتي بلغت 11 حوارا مجتمعيا و6 إجتماعات مغلقة لجمع الملحوظات والمشكلات العملية ومقترحات المواطنين
وأوضح أنه شارك في أكثر من 27 جلسة حوار مجتمعي حول مشروع القانون في محافظات مصر منها بورسعيد ودمياط والجيزة والفيوم والشرقية وغيرها من المحافظات الي جانب ندوات في النقابات كنقابة محامى الجيزة ونقابة الصحفيين إلي جانب تخصيص ندوات للسيدات فقط، وشارك في هذة الندوات أطباء نفسيين وعلماء أزهر وحقوقيين ومحامين ، وذلك لتعريف المواطنين بمشروع القانون والإستماع الي المشكلات وإقتراحات المواطنين من أجل تدارك جميع المشكلات التي تؤرق المواطنين وضمها الي مشروع القانون عند مناقشته بمجلس النواب.
وشدد أنه استخدم جميع أدواته الرقابية والتشريعية التي منحها له الدستور واللائحة الداخلية للمجلس للإستعلام عن موعد طرح مشروعات قوانين الأحوال الشخصية للحوار المجتمعي وكذلك إستعجال نظر وإرسال خطابات الي جهات إبداء الرأي لإرسال تعليقاتهم علي مشروعات قوانين الأحوال الشخصية المرسلة من قبل البرلمان، وذلك بعدما صرح المستشار بهاء أبو شقة أنه لن يتم طرح مشروعات القوانين للحوار المجتمعي الا بعدما ترسل جهات إبداء الرأي كالأزهر الشريف والمجلس القومي للمرأة ووزارة العدل والمجلس القومي للأمومة والطفولة تعليقاتها علي مشروعات القوانين وفقا للدستور.
كما أنه تقدم بمذكرة للدكتور علي عبد العال رئيس المجلس طلب فيها تنحية النائب بهاء أبو شقة رئيس اللجنة التشريعية عن رئاسة اللجنة أثناء مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية المقدم منه نظرا لسبق علمه به وإبداء رايه فيه والخلاف الذى جرى بينهم بشأنه ، أو أن يحال مشروع القانون الي لجنة أخري.
بينما تؤكد النائبة هالة أبو السعد، أن قانون الأحوال الشخصية فيما بخص سن الحضانة والرؤية سلبى للغاية وهو ما يتطلب التصدى لما جاء به، موضحة أن التعديلات التي طرأت على قانون الأحوال الشخصية في عام 1989 و2005 كانت مرتبطة بسن الحضانة بداية من 7 إلى 9 سنوات للولد والبنت إلى أن وصلت إلى 15 عاما حاليا، وأن التعديلات التي قدمتها على قانون الأحوال الشخصية لم تحدد سنا معينة للحضانة بل تركتها لمراكز دعم الأسرة لتحدد سن انتقال الحضانة .
وتابعت عضو مجلس النواب، أنها عندما درست القوانين في دول أخرى وجدت أن لدينا قانون سلبي جدًا، حيث يأتي ترتيب الأب رقم 16 في حالات الحضانة بعد الأم وهو ترتيب متأخر جدا ويجب أن يكون ترتيب الأب بعد الأم مباشرة خاصة في حالة الأب الأرمل حيث يوجد في مصر مليون أب أرمل، وأنه في ظل قانون الأحوال الشخصية الحالي في حال وفاة الأم تتفكك الأسرة بأكملها حيث تؤول حضانة الأطفال إلى أم الأم بحكم القانون.
حالة السجال بين المؤسسات المعنية والبرلمان خلال فترة الفصل التشريعى
واستكمالا لما قام به مجلس النواب فى شأن هذا التشريع، نرصد عدد من المحطات البارزة فيما يخض هذا القانون ومناقشته داخل أروقة البرلمان، فمع تزايد المطالبات بضرورة تغيير قانون الأحوال الشخصية سواء من المتضررين أو منظمات المجتمع المدني أو النواب، حددت اللجنة التشريعية 13 يناير2019 بدور الإنعقاد الرابع لمناقشة مشروع قانون النائب محمد فؤاد للأحوال الشخصية، وترأس اللجنة خلال ذلك اليوم وكيلها النائب أحمد حلمي الشريف حيث أعلنت تأجيلها مناقشة مشروع القانون نظرا لعدم ورود رأي جهات الأخذ بالرأي كالأزهر الشريف والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة ومنحت اللجنة هذة الجهات مهلة أخيرة شهر عرف وقتها بالإنذار الأخير حيث إن لم ترسل تلك الجهات تعليقاتها علي مشروعات القوانين ستشرع اللجنة في مناقشة مشروع قانون فؤاد للاحوال الشخصية دون إنتظار رأيها، ومر شهر ومر دور الإنعقاد الرابع دون أن تعلن اللجنة التشريعة عن بدء مناقشة مشروعات قوانين الأحوال الشخصية.
وقبل أيام من إنطلاق دور الإنعقاد الخامس، خاطب النائب محمد فؤاد شيخ الأزهر للمرة الثانية بتاريخ 30\9\2019 لإستعجال إرسال تعليقات مؤسسة الأزهر علي مشروعات قوانين الأحوال الشخصية خاصة بعد التطورات المجتمعية الخطيرة التي طرأت علي المجتمع والتي كان آخرها حادث الطفلة "جني"، وما كان من مؤسسة الأزهر الا إصدار بيان رسمي من المركز الإعلامي يتلخص في عدم إنتواء الأزهر الرد علي مشروعات القوانين المقدمة تأسيسا علي كونه أطلع بالفعل عليها جميعا ومن بينهم ما قدم إليه من المجلس القومي للمرأة وشكل لجنة أعدت مشروع قانون كاملا خلاف كل ما عرض عليه.
ووسط ذلك، طالب عدد من النواب ومنهم الدكتور محمد فؤاد وهالة أبو السعد، استكمال اللجنة الدستورية والتشريعية مناقشة مشروعات القوانين حيث أن مؤسسة الأزهر أعلنت رسميا عدم إنتوائها الرد علي البرلمان؛ معتبرين أنه لا يوجد ما يستدعي تعليق المناقشة أكثر من ذلك، وعندها ألتمس النائب محمد فؤاد تفريط في الحق التشريعي قام بمخاطبة الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، وعرض الأمر عليه لإتخاذ اللازم نحو تلك القضية التي باتت تؤرق المجتمع المصري وما أصبح يحققه القانون الحالي من تدمير للأسرة المصرية وتفكيك روابطها.
وكانت آخر هذه المشاهد في 20 أكتوبر 2019 عندما طالب الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب الحكومة بأن ترسل مشروع قانون كامل خلال شهرين للبرلمان ولكن لم ترسل الحكومة للقانون بعد، وهو ما يهدد أن يواجه القانون الترحيل للفصل التشريعى القادم .