لم تكن "الحمامات" فى العصور الوسطى مجرد أماكن للنظافة والاستحمام والطهارة، بل كانت بمثابة نوادى اجتماعية يتقابل فيها أهالى المنطقة ويتبادلون الأحاديث سواء أكانوا رجال أو نساء، بل وربما عقد الصفقات التجارية، خاصه أنه زود فى العصر العثمانى بمكان لشرب القهوة والتدخين، كما كان للحمام دور بيئى عظيم فى تدوير المخلفات، حيث كانت تستخدم فى المستوقد لتسخين المياه، وارتبطت بالحمام مثل شعبى شهير هو "اللى اختشوا ماتوا"، ولمعرفه تفاصيل ذلك تواصلنا مع الباحث الأثرى شريف فوزى، منسق عام شارع المعز.
حمام اينال
وقال شريف فوزى، المثل الشعبى "اللى اختشوا ماتوا"، ذكر فى كتب الأمثال الشعبية وتم الربط بينه وبين قصة حمام نساء فى العصر العثمانى، والبعض يربطه بأواخر القرن التاسع عشر، مضيفا: المثل موجود أيضا ببعض الدول العربية مثل سوريا والعراق بلفظ اللى استحوا ماتوا.
وتابع شريف فوزى: يربط بالحمام الشعبى النسائى قصة اندلاع حريق فمن خرجن عرايا من النساء نجوا ومن اختشت أو استحين بقين داخل الحمام حتى الموت، وقد حاولت أن أبحث فى العصر العثمانى عن قصة حمام حدث به هذا الحريق، ووجدت بعض المواقع تذكر نسبته لحمام إينال بشارع المعز دون ذكر مصدر تاريخى موثق لذلك، ولكنى بالبحث فى موسوعة المؤرخ "الجبرتى" الشهيرة عجائب الآثار التى تعود للعصر العثمانى وحتى أوائل عصر محمد على باشا، وجدت قصة مشابهة لذلك الحدث بالحمام النسائي ولكن ليس حريقا، ونقرأ ماذا ذكر الجبرتى فى ذلك "فى أحداث عام 1804م وقع ربع جهة الكحكيين بجوار حمام المصبغة، فهدم ليوان المسلخ أى إيون المسلخ فمات نساء وأطفال وعددهم 13، وخرج الأحياء من داخله وهن عرايا ينفضن غبارات الأتربة والموت.
وتابع منسق عام شارع المعز: حضر الأغا الوالى ومنعوا رفع القتلى إلا بدراهم ونهبوا متاع النساء، وقد كلم القاضى الباشا بخصوص طلب دراهم على المردومين، وبذلك تجتمع مصيبتين على أهالى القتلى، فمنع الباشا تحصيل تلك الدراهم، بناء على طلب القاضى بالأ يأخذ نقود وكفى مصيبة الموت.
ويقع حمام المصبغة بالكحكيين بالقرب من مجموعة أبو الدهب بالدرب الأحمر، وقد ذكره المقريزى باسم القفاصين ثم عرف باسم الحلاووين فى عصرى قايتباى والغورى، والذى انتقل ملكيته إليهما بالترتيب، ثم عرف بحمام المصبغة نسبه إلى مصبغة الغورى، المجاورة لوكالته، حتى أن ثلث الحمام كان فى وقف الغورى كما ذكر الجبرتى، أما مؤسس الحمام الاصلى فهو كما يذكر المقريزى نجم الدين يوسف بن المجاور وزير الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي، فالحمام يعود للعصر الأيوبى وهو غير مسجل ومتبقى منه حاليا مدخله ذو زخارف بديعة من الاطباق النجمية والهندسية.