25 يناير يوم مجيد فى تاريخ المصريين، ففى هذا اليوم عام 1952 عبر رجال الشرطة عن تضحيتهم العظيمة من أجل الوطن، وفى عام 2011 عبر الشعب المصرى عن وجوده القوى ورغبته فى التغيير وانتمائه لوطنه.
تحمل الأيام قيمتها مما حدث فيها، يصبح اليوم عظيما أو مخيبا للآمال لأن حدثا ما قد جرى فى ذلك اليوم، لذا أرى أن يوم 25 يناير 2011 يوما مجيدا، ففيه قرر شعب العظيم أن يقول لا.
وفى هذه المناسبة أحب أن أجدد كلامى بحثا عن متحف ثورة 25 يناير، فعلى الرغم من كون كثير من المشاركين تنبهوا لفكرة التسجيل اليومى لأحداثها وتفاعلاتها، وخرجت كتب كثيرة راصدة ليومياتها ودراسات محللة لظواهرها، ومقالات كارهة أو فرحة بها وقصائد ودواوين معبرة عن روحها وعاطفتها وروايات مزجت الواقع بالخيال، لكن الثورة فى الحقيقة مرت ولم يتم تسجيلها بالشكل الحقيقى، ولا يوجد حتى الآن متحف لأهم ثورة فى تاريخ مصر الحديث.
ربما كانت المشكلة أن التسجيل للثورة حدث بشكل فردى، لكن هذا أمر طبيعى فى وقت الثورات، وبعد 18 يوما خرجت الثورة من ميدان التحرير، وخرج المشاركون محملين بالمشاهد العظيمة وبصور الشهداء وبرؤيتهم للحظة النصر، كل واحد يحمل فى قلبه حدثا عاما وآخر خاصا به، صور جماعية محمية بالضحك الجماعى، وصور فردية تحمل الأمل الجديد، وأصبحت هناك موسيقى جديدة وشعر جديد وكتابة جديدة، كل ذلك بحاجة ليصبح شيئا واحدا فى مكان واحد.
نعم هناك كتب كثيرة جعلت من الثورة موضوعها، لكنها أصبحت مجرد عدد لم تستقر عين على كلماتها السوداء ولا فراغاتها البيضاء ولا خطوطها المستقيمة، هذه الكتب تحدثت عن فكرة الفريق الواحد لكنها لم تنتبه لروحه ولم تعمل على تكراره، ولم تؤصل لهذه الفكرة الجوهرية التى هى أصل الحكاية، حتى إنها تناقض بعضها أحيانا، والآن تحتاج الثورة إلى فريق واحد يعيد كتابتها مرة أخرى قبل أن يمر الوقت وتختفى الشواهد، وتصبح الثورة مجرد حكايات لا رابط بينها، خاصة بعد الاختلافات التى لحقت بالمجتمع بعد ذلك.
نتمنى من الدولة أن تنشئ متحفا لثورة يناير قبل أن تختفى آثارها كما حدث مع جرافيتى شارع محمد محمود، لأنه بعد سنوات وسنوات سوف تطالبنا الأجيال المقبلة بما يثبت أن ثورة الـ25 من يناير كانت فارقة فى تاريخ الشعب المصرى، وفى طريقة تفكيره، وفى وعيه بالأشياء، وعلينا أن نقدم لهم ذلك.