قضت المحكمة التأديبية العليا، بمجازاة مدير مدرسة إبتدائية بإدارة حوش عيسى التعليمية بمحافظة البحيرة، بعقوبة الإحالة للمعاش، وذلك بعد ثبوت ارتكابه جريمة أخلاقية، لقيامه بالتحرش بإحدى تلميذات الصف الخامس الإبتدائي داخل مكتبه.
صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم محمد داوود، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين أدهم لطفي عوض ومحمد أبو العيون مهران، نائبي رئيس مجلس الدولة.
وقالت المحكمة التأديبية العليا بالأسكندرية، في الدعوى رقم 33 لسنة 46 قضائية، أن النيابة الإدارية اتهمت مدير إحدى المدارس الإبتدائية "م خ ع" بالتحرش بإحدى تلميذات الصف الخامس الابتدائي، بتحسس أجزاء من جسدها وتقبيلها من فمها بمكتبه وعلى سلم المدرسة، وقام بدخول فصل القراءة بالمدرسة، رغم عدم اختصاصه بهدف التحرش بالتلميذة، وقام بمساومتها بإيهامها بجعلها الاولى علي الفصل بمنحها أعلي الدرجات، وذلك مقابل عدم الإفصاح عن تحرشه بها.
وبسؤال والدة التلميذة قررت أنه عقب عودة ابنتها من المدرسة، أخبرتها بعدم رغبتها في الذهاب الي المدرسة مرة أخري، لان مدير المدرسة كان يعطي لها حصة القراءة وطلب منها الذهاب معه إلى مكتبه لإحضار بسكويت لتوزيعه علي الطلبة، وعندما ذهبت معه قام بوضع يده عليها وعند الدخول إلي مكتبه قام بتقبيلها في فمها، وتحسس أجزاء من جسدها، وأخبرها بأن لا تخبر أحداً بما حدث، وأنه سيقوم بجعلها الأولي علي المدرسة.
وأضافت الشاكية، أنها ذهبت إلي المدرسة في اليوم التالي وأخبرت المدرسين بما حدث، وعندما علم المشكو في حقه بذلك قام بالدخول إلي مكتبه. وبسؤال التلميذة رددت ما جاء بأقوال والدتها وقررت بأن المتهم تحرش بها وتحسس أجزاء من جسدها وطلب منها ألا تخبر أحداً وبعد أن قام بأعطائها البسكويت لتوزيعه طلب منها أن تحضر إليه قبل الخروج من المدرسة إلا أنها انصرفت دون الرجوع اليه.
وبسؤال وجيه محمد مسعود أبو زيد، مسئول التعليم الابتدائي بادارة حوش عيسي التعليمية قرر انه أخُبر بمعرفة مدير الادارة التعليمية، بضرورة التوجه إلي المدرسة لوجود مشكلة هناك، وحال وصوله أبُلغ من أحد المدرسين فى المدرسة، بأن مدير المدرسة تحرش بإحدى التلميذات بالصف الخامس وأن والدة التلميذة كانت موجودة بالمدرسة، وعند سؤاله التلميذه أخبرته بأن مدير المدرس قام بأخذها من الفصل، وأثناء نزوله علي السلم وضع يده علي كتفها وتحسس صدرها ثم دخل الي مكتبه وغلق الباب وقام بتقبيلها من فمها وقام بحضنها، واستطرد قائلا بأنه لم يستطيع مقابلة مدير المدرسة، لأنه كان بمكتبه مغلقاً الباب عليه خوفاً من أهل التلميذة.
وأقر المتهم أنه وضع يده على كتف التلميذة وأنه اختلى بها فى مكتبه، مما روع الصغيرة وَوَلِد لديها شعورا بالرهبة والخوف وعدم الأمان، عبرت عنه بإبداء الرغبة فى عدم الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى، الأمر الذى يتنافى والأصول التربوية وأهداف العملية التعليمية وعادات وتقاليد المجتمع التى ترفض لمس أجسام التلاميذ دون مبرر أو الاختلاء بهم.
وكشف الحكم أن المتهم بذلك يكون قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفى، ولم يراع الأمانة والاستقامة فى أداء أعمال وظيفته، وسلك مسلكا معيبا يتنافى والسلوك القويم الذى يجب أن يتصف به رجل التربية والتعليم، ووضع نفسه موضع الريب والشبهات مما افقده ثقة واحترام التلاميذ وأولياء الأمور وزملاءه فى العمل، على النحو الذى جعله غير صالح للاستمرار فى وظيفته وأكدت المحكمة أنها تراه أمراً عظيما أن يأتي الجُرم ممن وضعت بين يديه مصائر ابناءنا وبناتنا من الطلاب، فيقترف في حق إحداهن جرماً يعاقب عليه القانون الجنائي بأشد العقوبات ويجازي عليه تاديبياً بأقسي الجزاءات، فأهدر حقها وخالف الفطرة التي جبل عليها الإنسان فإحتد به الجرم ليهوى في درك سحيق من سوء الاخلاق وعدم الاكتراث للواجب، فلم يندم أو يخشع، بل أنكر بكل صلافة فعلته الشنعاء، مستغلا منصبه كمدير للمدرسة بمحاولة الايقاع بالتلميذة في براثن الشيطان متوعداً لها بالتفوق الدراسي حال طاعته في نزواته وطمس فعلته، غير مبالٍ بما أنعم الله عليه من منصب ورسالة فلم يقدرهما.
واطمأنت هيئة المحكمة اطمئناناً يرقى لليقين بثبوت ارتكاب المتهم للمخالفة المنسوبة إليه ليجرد نفسه بنفسه من أدنى مقومات صلاحية الإضطلاع برسالة التعليم السامية، فأفقد مرؤوسيه بفعلته قدوةُ كان لِزاماً عليه حِفظ مقتضياتها، وساهم بفعلته في زعزعة ثقة من يلجأون إلى مرفق التعليم بوجه عام، وفي قدرتهم على إستئداء حقوقهم المشروعة ببلادهم وأخصها الحق في التعليم ، فصار واجباً على المحكمة إن أرادت عدلًا، وأبداً ما غاب العدل عن ناظريها، أن تجتث المتهم من منصبه وترفع يده عن رسالة التعليم، عسى أن يكون في حكمها خير قصاص لمرفق التعليم ومهنة المعلم السامية، وللتلميذة التي طالها الجرم، حيث لاقت إيلام جسدي ونفسي من المتهم أودي بها الي العزوف عن الذهاب الي المدرسة وهو أمر له تاثير بالغ علي مستقبلها التعليمي، فقد يثمر غل يده عن تلك الوظيفة والرسالة ثماراً صالحة فيوسَد أمرهما من بعده لمن يُقَدر شرفهما، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بمجازاة المتهم بعقوبة الإحالة إلى المعاش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة