دخل قرار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى "بريكست" حيز التنفيذ، بدخول القرار الذي صوّت عليه البرلمان البريطاني في العام 2016 للخروج من الاتحاد الأوروبي حيزّ النفاذ، ولم تعد بريطانيا منذ تلك اللحظة ملزمة بتطبيق قوانين الاتّحاد الأوروبي في ما يخص أمور السفر، الهجرة، الأمن والتجارة بين الدول. واعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن حرية البريطانيين اليوم باتت بين أيديهم، وأنهم أصبحوا اليوم قادرين على القيام بأمورهم بطريقة مختلفة، بما يفيد مصلحة المملكة وشعبها.
ومنذ الاستفتاء البريطاني في 2016 لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ورغم الموافقة الشعبية عليه، إلا أنه كانت هناك معارضة شديدة، وحتى الآن لا يزال البعض أن بريطانيا لن تحقق تقدما ملحوظا بعيد عن المنظمة الأوروبية، وصدرت خلال الأعوام الأربعة السابقة عدة كتب وروايات عن تلك الأزمة، وحلل كل كاتب من وجهة نظره حقيقة نجاح بريطانيا أو فشلها بعد تطبيق "بريكست" فهل ينجح الإنجليز؟
كتاب أرض بريكست
يرى الكاتبان ماريا سوبوليوسكا وروبرت فورد أن استفتاء الاتحاد الأوروبى لم يكن فى حد ذاته لحظة خلق، بل كان لحظة يقظة.. لحظة أصبحت فيها العمليات الاجتماعية والسياسية الجارية منذ فترة طويلة واضحة أخيراً، واعترفت مجموعات الناخبين المختلفة فى النهاية بأنها مقسمة إلى معسكرين مختلفين ومتعارضين. ويجدان أنه لا يمكننا فهم هذه اللحظة من دون فهم القوى التى أيقظتها، ولذلك يركز المؤلفان على العقود التى سبقت الاستفتاء، ويوضحان كيف أن التغيير الديموغرافى والصراعات المتصاعدة حول الهوية؛ يفرضان ضغوطاً متزايدة على الأحزاب الرئيسية، لكنهما يسعيان إلى توضيح سبب ثبات قدرتها، لفترة من الوقت، على الاستجابة لهذه الضغوط، وذلك من خلال توضيح خطوط التقسيم التقليدية للطبقة والدخل والأيديولوجية.
رواية الخريف
حين صدرت "خريف" فى العام 2016، بعد أربعة أشهر من الاستفتاء حول خروج بريطانيا أم بقائها فى الاتحاد الأوروبي، وصفتها صحيفة "فاينانشال تايمز" بـ "رواية بريكست الأولى". وعند الوهلة الأولى، قد تبدو الإشارة إلى ارتباط هذا العمل بحدث راهن مقلِّصة لنطاقه ومداه، لكن انخراط سميث فى الحاضر وتفاعلها مع أحداثه يشكّلان فى الواقع جزءاً من مشروعها الأدبي. ففى صحيفة "جارديان"، أوضحت أنها تريد أن تجعل من رباعيتها القائمة على دورة الفصول تجربة حسّية للزمن، سواء فى عبوره السريع أو فى راهنيته، وذلك كوريثة لمواطنها ديكنز الذى كان يكتب كل واحدة من سردياته كتأويل للزمن الذى يشكّل إطاراً لها. وفى هذا السياق، يجدر التذكير أيضاً بأن المصدر الللاتينى لكلمة "رواية" بالإنجليزية (novel) يدلل على رابط أكيد بين هذا النوع الأدبى والحدث الراهن.
كتاب قصة بريكست
الكتاب صدر من قبل الكتاب القائمين على مجموعات «ليدى بيرد» القصصية المخصّصة للبالغين (مؤسسة بنجوين)، بغية تسليط الضوء على «المحنة» التى عصفت بالشعب البريطانى إثر نتائج الاستفتاء الشعبى الذى أُجرى منذ سنتين.
وبما أنّ السلسلة الشهيرة تقوم على مزج الأعمال الفنية والصور الأرشيفية لشركتها الأم ضمن سرد تهكمى للأحداث الراهنة، فإنّ الإسهام الحديث يهدف إلى شجب الإنعطاف المفصلى الذى تشهده المملكة المتحدة عبر أساليب الفكاهة والهزل الرمزييْن. ويعود قرار إنتاج هذا الكتاب إلى "رغبة القراء فى عمل مختص بقضية البريكست"، كما جاء على لسان الكاتب المساهم فى المجموعة جايسون هايزيلى فى حديث مع صحيفة الـ «جارديان» البريطانية. وأضاف: "نحن نواجه اليوم عاصفة سياسية عارمة، لكن سلطتنا والجبهة المعارضة بها رديئتان للأسف. لذلك بتنا نشعر بأنّنا رُمينا فى مهب الريح".
رواية وسط إنجلترا
أحداث الرواية تقع فى مدينتى برمنغهام ولندن وتغطى الفترة الممتدة من 2010 إلى 2018. فترة شهدت بريطانيا خلالها تراجعاً مقلقاً فى قيم التسامح واحترام الآخر التى كانت تميز مجتمعها، كما شهدت إغلاق ما تبقى من مصانع كبرى فيها، وبالنتيجة، ارتفاع معدل البطالة بشكل خطير أدى إلى تظاهرات وأحداث شغب فى معظم مدنها. وعلى هذه الخلفية يرفع كو صرح روايته، مستعيناً لسرد قصتها بشخصيات سبق وقدم معظمها فى "روترس كلوب" (2001) و"الحلقة المغلقة" (2004). ولمن لم يقرأ هاتين الروايتين، نشير إلى أن الأولى تعود إلى سنوات فتوة بطلها، بنجامين تروتر، ورفاقه خلال مرحلة السبعينيات التى مهدت السبيل، بالأزمة الصناعية التى عرفتها وإرهاب "جيش أيرلندا الجمهوري" وصعود اليمين المتطرف، لمجيء الـ"تاتشرية" (نسبةً إلى مارجريت تاتشر). وفى الرواية الثانية، يتابع الروائى مغامرات حياتهم مطلع الألفية الثالثة، على خلفية اجتياح العراق (2003) واحتداد التوترات العرقية فى الشمال البريطاني.
رواية دم أبيض أزرق
توصف بأنها أول رواية لمرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى "كتابى يأتى بجزء كبير منه كرد فعل ضد بريكست، وقد اختار سيلفستر بطلة لروايته "جاسوسة إنكليزية – تشيكية تكافح من أجل بلد يكرهها فى معمعة البريكست"، وهو أراد أن يظهر ما يلحقه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى "بالناس والعذاب الذى تسبب به ولا يزال".
وتدور أحداث بعض المنشورات الأدبية المستوحاة من بريكست فى مناطق بريطانية غالبا ما يتجاهلها الأدب، مثل معقل مؤيدى الخروج من الاتحاد الأوروبى فى شرق إنجلترا الذى ركّزت عليه قصة "ميسينغ فاي" لآدم ثورب، أو منطقة ويست ميدلاندز حيث تدور بشكل رئيسى أحداث قصة "ميدل إنجلاند" لجوناثان كو.
ويروى ثورب قصة فقدان مراهقة تعيش فى مجمّع متداع كبير. وهو كتب القسم الأكبر من روايته قبل الاستفتاء واختار مسرحا لأحداثها مدينة صغيرة فى لنكولنشاير شرق انكلترا، ولم تتحول القصة إلى "رواية بريكست" إلا بعدما ظهر الفقر واليأس اللذان رصدهما الكاتب كأحد آثار الاستفتاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة