حين نحتفل اليوم بالذكرى العطرة لميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هل يكفينا الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وإظهار مشاعر المحبة والتعلق به وبرسالته الخاتمة؟ هل هذا وكفى هو ما أراده الله ورسوله منا؟
حين خاطب رب العزة رسوله الكريم فى سورة القلم قائلا سبحانه وتعالى :" وإنك لعلى خلق عظيم " لم يكن مجرد تقدير أو مدح لكنه دستور للبشرية التى هو خاتم أنبيائها ، وهى رسالة واضحة ليست للمسلمين فقط وإنما لكل الناس أن يتأسوا بأخلاق سيدنا محمد ، فهل هذا ما فعله المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها ؟
هل نحن بالفعل نقتدى بعظيم أخلاق النبى ؟ أعتقد فى رأيى أننا قد ابتلينا بمن أساء للإسلام ورسوله بالتطرف والتقول عليه ، والمزايدة على تعاليمه وسماحته واعتداله ، وتحول فريق من المسلمين إلى معول يهدم الإسلام ويشوه صورته بتطرفه وعنفه ، وشيئا فشيئا أصبحت صورة المسلم مقترنة بالعنف والحدة ، حتى نجح البعض عن قصد أو عن غير قصد بربط الإسلام بالإرهاب ، والإسلام منهم بريء ، وأصبح لدينا نماذج رديئة تستحل دم البشر ، وتستعبدهم وتحول حياتهم جحيما فى أفغانستان وإيران ولبنان وغيرها من الدول التى ابتليت بالمتطرفين المختبئين تحت عباءة الإسلام ، وقد أصبح هؤلاء أداة طيعة لكل من له أهداف خفية فى ضرب الأمة الإسلامية والعربية.
ثم ابتلينا من ناحية ثانية بجهلاء يوارون جهلهم بالتزيد والمزايدة ، وفى كل يوم يخرجون علينا بأفكار ما أنزل الله بها من سلطان ، ويحرَّمون ما حلل الله ، وينصَّبون من أنفسهم قضاة وجلادين ، ثم يتجرأون ويزايدون وهم لا يعلمون من الأمر شيئا سوى أنهم يوارون جهلهم بإدعاء العلم والمعرفة وحماية دين الله ، ودين الله منهم برئ .
لا يستطيع عقلى أن يستوعب كيف لإنسان أن يتدخل فى عقيدة إنسان آخر ، أو يقول له هذا يدخلك الجنة وهذا يدخلك النار ؟ كيف تجرأوا على الله هكذا وكذبوا عليه ، وهو تعالى يقول فى سورة الأنعام :" فمن أظلمُ ممّن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدى القوم الظالمين " .
الفريقان ظلما الإسلام وأساءا إليه ، وبين هؤلاء وهؤلاء جموع المسلمين الحائرين ، الذين يريدون أن يعبدوا الله ويقتدوا برسوله بالمحبة والخلق الكريم كما أُمروا ، لكن الفريقين يفسدون عليهم دينهم ودنياهم ، ويشوهون الإسلام .
لقد سرقوا فرحة احتفائنا بذكرى نبينا ، وسرقوا التكليف الواضح لجموع المسلمين بالتفكر والتدبر ، وأصبحوا شوكة فى حلقنا وخنجرا فى ظهرنا ، لا ندرى كيف نواجههم بعد أن استفحل خطرهم .
من هنا فان علينا ونحن نحتفى بذكرى ميلاد المصطفى علينا أن نفكر أولا كيف نطهر قلوبنا ونفوسنا ، ونحمى ديننا ودنيانا من أمثال هؤلاء ، وكيف نتبع خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم .